ما يميز أربعينية الإمام الحسين عليه السلام هي أنها أكبر تجمع تطوعي في العالم، تطوع في الأموال، وتطوع في الطعام، وتطوع في السير على الأقدام، وتطوع في خدمة الزائرين والحاجين، وتطوع في توفير حاجات الزائرين من سكن ولباس، وعلاج وتعليم، ونقل واتصالات... ومعظم تلك الخدمات التي تقدم للملايين...
اللافت للنظر أن زيارة أربعينية الإمام الحسين (ع) يوم العشرين من صفر من كل عام، تعد أكبر تظاهرة جماهيرية تحدث في العالم كله، تعبر عن ولاء مجموعات من الناس لأهل بيت النبي صلى الله وعليه وآله، وتنكر على أعداءهم وقاتليهم أفعالهم اللاإنسانية، انطلاقا من القيم الإنسانية التي هي فطرة الله التي فطر الناس عليها.
تلك المجموعات الإنسانية ليست كلها من مدرسة واحدة، ولا من ملة واحدة، ولا من جنس واحد، ولا من عمر واحد، ولا من فكر واحد، ولا من لون واحد، بل هي من مدارس مختلفة، وملل متعددة، وعروق متنوعة، ومن مناطق شتى.
ورغم أن الشعيرة الأكبر للزيارة الأربعينية تؤدى في مدينة كربلاء المقدسة، حيث ضريح الإمام الحسين عليه السلام وأضرحة أهل بيته وأصحابه، إلا أن شعائر الولاء والعزاء تؤدى أيضا في مناطق مختلفة من العراق وبلدان أخرى، حينما تتقطع بالموالين السبل وتحول بينهم وبين كربلاء عقبات السفر والمشقة...
ليس هناك تنظيم رسمي أو شعبي يدير مراسم الأربعينية، إنما هناك جهود تبذل من قبل إدارة العتبات المقدسة، ومحافظة كربلاء والمحافظات المجاورة لها، والحكومة الاتحادية لـتأمين زيارة خالية من العقبات الأمنية واللوجستية. وتتحمل المجموعات التطوعية أعباء توفير الخدمات المجانية كل بحسب خدمته. فهناك من المتطوعين من يوفر الطعام، وهناك من يوفر الماء، وهناك من يوفر السكن، وهناك من يوفر الاتصال، وهناك من يوفر النقل، وهناك من يوفر الدواء، وهناك من يتبرع للمواكب والهيئات بالأموال ويمدهم بالمتطوعين، وهناك من يتبرع بأداء مراسم الزيارة، وهناك من يرفع النفايات والأنقاض.
ولذلك فان ما يميز أربعينية الإمام الحسين عليه السلام هي أنها أكبر تجمع تطوعي في العالم، تطوع في الأموال، وتطوع في الطعام، وتطوع في السير على الأقدام، وتطوع في خدمة الزائرين والحاجين، وتطوع في توفير حاجات الزائرين من سكن ولباس، وعلاج وتعليم، ونقل واتصالات... ومعظم تلك الخدمات التي تقدم للملايين من الزائرين هي من عند الناس أنفسهم، قربة لله عز وجل، وحبا لآل الرسول صلى الله عليه واله ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾.
ولما كانت زيارة الأربعين تجمعا فريدا ومتميزا، وروحها هذا العطاء المجاني المتدفق، فان قرار مجلس الوزراء العراقي (70 لسنة 2020) قد أعد أربعينية الإمام الحسين يوما عراقيا للعمل التطوعي. يُكرم فيه المتطوعون، وتُذكر فيه نشاطاتهم وأعمالهم الإنسانية والخيرية.
ولأن أهداف هذه الزيارة لا تقتصر فقط على إعلان الولاء لأهل بيت الرسول (ص) ولا البراءة من أعدائهم، بل هي أيضا مناسبة لبناء حياة جديدة قوامها تبني القيم الإنسانية المشتركة، ورفض التعدي عليها، من أجل حياة كريمة وسليمة ينعم فيها الإنسان بالخير والرفاهة والسعادة، فان من المهم أن تنبثق عن هذا المهرجان السنوي أعمال تطوعية مستدامة تصب لمصلحة البيئة والصحة، والتربية والتعليم، والحقوق والحريات. ومن أمثلة ذلك:
1. زيادة الأنشطة التطوعية البيئية المستدامة، مثل: زيادة المساحات الخضراء، والحد من النفايات.
2. زيادة الأنشطة التطوعية التعليمية، مثل: تنظيم الموظفين وطلبة المدارس والكليات في فرق تطوعية قطاعية تعزز مفهوم المشاركة المجتمعية.
3. زيادة الأنشطة التطوعية الحقوقية، مثل: تعريف الناس بحقوقهم وحرياتهم، وعدم التفريط بها أو المساومة عليها، وكيفية العيش بكرامة.
اضف تعليق