كيفَ يُمكِنُنا إِقناعَ العالَم بأَنَّنا أَنصارَ الحُسينِ السِّبط (ع) الذي أَعظم شِعاراتهِ وخطاباتهِ وكلِماتهِ التاريخيَّة الخالِدة {هَيهات مِنَّا الذلَّة} ونحنُ نتذوَّق طعمَ الذُّلِّ في كُلِّ آنٍ؟ إِنَّ الحُسيني حقّاً لا تذِلُّهُ سُلطةً ولا يذلُّهُ الدِّينار والدِّرهم ولا يذلُّهُ منصبٌ. إِنَّهُ يثبُت بعزِّ وهوَ يواجِهُ كُلَّ هذا وأَكثر...
هذهِ العِبارة الوارِدة في زيارةِ عاشُوراء نُردِّدها دائماً ولكن قد لا نقفَ عندها كثيراً لنستَوعِبها ونستَوعِبَ جوهرَ معناها وفلسفتها فنمُرَّ عليها مرورَ الكِرام، والدَّليلُ على ذلكَ أَنَّ عاشُوراء تحِلُّ علينا كُلَّ عامٍ وترحلَ من دونِ أَن يتغيَّر حالنا إِن لم يتغيَّر نحوَ الأَسوء والأَتعس وعلى كُلِّ المُستويات!.
فإِمَّا أَن يكُونَ الخطأ في عاشُوراء، وهذا مُستحيلٌ، فعاشُوراءُ مدرسةٌ للتَّغييرِ الذَّاتي والإِجتماعي وخاصَّةً على المُستوى الأَخلاقي والسُّلوكي، أَو أَن يكمُنَ الخطأ فينا، في وعيِنا لعاشُوراء وفهمِنا لها واستيعابِنا لدروسِها، وهذا هو الصَّحيح!.
وإِلَّا، كيفَ يُمكنُنا أَن نقنعَ العالَم بأَنَّنا، مَن يمتلكَ الحُسين السِّبط (ع) نعيشُ بذلَّةٍ ومهانةٍ وتخلُّفٍ وصِراعاتٍ ونزاعاتٍ دمَّرت المُجتمع ودفعت البِلاد إِلى حافَّةِ الهاوِية؟!.
كيفَ يُمكنُنا أَن نقنعَ العالَم بأَنَّنا شيعةَ الحُسين السِّبط (ع) الذي يُسمَّى بأَبي الضَّيم ونحنُ ننامُ على ضيمٍ؟!.
كيفَ يُمكِنُنا إِقناعَ العالَم بأَنَّنا أَنصارَ الحُسينِ السِّبط (ع) الذي أَعظم شِعاراتهِ وخطاباتهِ وكلِماتهِ التاريخيَّة الخالِدة {هَيهات مِنَّا الذلَّة} ونحنُ نتذوَّق طعمَ الذُّلِّ في كُلِّ آنٍ؟!.
إِنَّ الحُسيني حقّاً لا تذِلُّهُ سُلطةً ولا يذلُّهُ الدِّينار والدِّرهم ولا يذلُّهُ منصبٌ.
إِنَّهُ يثبُت بعزِّ وهوَ يواجِهُ كُلَّ هذا وأَكثر.
ومِن علاماتِ الذُّلِّ أَن تلهثَ خلفَ الفاسِد وأَنتَ تصرخ [علي وياك علي]! وتؤَيِّدَ الفاسِدَ والدجَّال الذي يُتاجِرُ بالحُسينِ السِّبط (ع) وبعاشُوراء وأَنتَ تتجاهل كُلَّ ذلكَ لمصلحةٍ آنيَّةٍ سُرعانَ ما تزُولُ!.
إِنَّ الإِنتماءَ إِلى الحُسين السِّبط (ع) عنوانُ كرامةٍ وعزَّةٍ بشرطِها وشرُوطِها، وهي [الكرامة] أَقدس الغايات السَّماويَّة كما في قولهِ تعالى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِىٓ ءَادَمَ وَحَمَلْنَٰهُمْ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلْنَٰهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍۢ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}.
كذلكَ العِزَّة التي قالَ عنها ربُّ العزَّةِ {وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ ۘ إِنَّ ٱلْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ۚ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ} وقولهُ تعالى {يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلْأَعَزُّ مِنْهَا ٱلْأَذَلَّ ۚ وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ ٱلْمُنَٰفِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.
أَمَّا الحُسينُ السِّبط (ع) فلقد قالَ {أَلا وإِنَّ الدَّعي بن الدَّعي [يعني إِبن زياد] قدْ ركزَ بينَ اثنتَينِ بينَ السلَّة والذلَّة وهيهات منَّا الذلَّة، يأبى الله لنا ذلكَ ورسولهُ والمؤُمنُونَ، وحُجُورٌ طابت وحجُورٌ طهُرت وأُنُوفٌ حميَّةٌ ونفُوسٌ أَبيَّةٌ، مِن أَن نُؤثِرَ طاعةَ اللِّئام على مصارعِ الكِرامِ، أَلا وإِنّي زاحفٌ بهذهِ الأُسرةِ على قلَّةِ العدَدِ وخِذلانِ النَّاصرِ}.
والعِزَّةٌ خُلُقٌ أَداتُهُ العِلم والمعرِفة والكسبِ الحلال والأَخلاق الصَّالحة التي يقُولُ عنها رَسُولُ الله (ص) {إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ} وقد وصفهُ القُرآن الكريم {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ}.
ومِن مظاهرِ العزَّة أَنَّك تعيشُ بحريَّةٍ فلا يُهدِّدُكَ أَحدٌ بلُقمةِ العيشِ ولا يُرعِبُكَ أَحدٌ بسببِ رأيٍّ تقولهُ ولا يُلاحِقُكَ أَحدٌ إِذا فكَّرتَ خارج المألُوف!.
ومن مظاهرِها كذلكَ طريقةَ عيشِك فلكَ عملٌ شريفٌ تتكسَّبَ منهُ لك ولأُسرتكَ، ولكَ منزِلٌ تأوي إِليهِ مع عائِلتكَ وأَنت تتمتَّع بكُلِّ خدمات العيشِ الرَّغيدِ من الماءِ الصَّالح للشِّربِ والكهرباء وغيرها.
ومنها أَنَّكَ تعيشُ وأُسرتكَ مُحاطٌ بالأَمن على كُلِّ المُستوياتِ، الصحَّة والتَّعليم والمناخ والمُحيط وكُلَّ شيءٍ.
ومنها أَنَّ بإِمكانِكَ أَن تتمتَّع بكُلِّ فُرصِ الخيرِ إِذا قدِرتَ عليها فلا يقفُ بوجهِكَ عائقَ العُمُرِ أَو الجنس أَو الدِّين والمذهب أَو العشيرة والإِثنيَّة أَو الولاء أَو الحزبيَّة!.
إِنَّ كرامتَنا من إِنتمائِنا للحُسين السِّبط (ع) والذي يعني أَنَّ من تجلِّياتها نَوع الرَّمز الذي تتَّبعهُ وتنتمي إِلى منهجهِ.
فأَنتُ صاحِبُ كرامةٍ إِذا كانَ إِمامُك الحُسين السِّبط (ع) أَمَّا إِذا كانَ إِمامُك يزيد فأَنت بِلا كرامةٍ.
ولتبسيطِ الصُّورةِ أَكثر، أَقُولُ بأَنَّكَ إِذا كُنتَ الآن وفي هذهِ اللَّحظةِ من جَوقَةِ زعيمٍ فاسدٍ وفاشلٍ وذُو عقليَّةٍ تدميريَّةٍ أَو ممَّن تُصفِّق لهُ أَو تُدافع عنهُ وتُبرِّر لهُ أَفعالهُ الشَّنيعة وتحميهِ بشتَّى الطُّرق فأَنتَ بِلا كرامةٍ
لذلكَ فالحذرُ وإِعادةُ النَّظر واجبٌ حتى لا تعيشَ إِزدواج الشخصيَّة!.
وصدقَ مَن قال [قُل لي مَن رمزُكَ لأَقل لكَ حجمَ كرامتِكَ].
لذلكَ فإِنَّ من واجبِ الوالدَينِ تربيةَ أَولادهِم على العزَّةِ والكرامةِ من خلالِ تعليمهِم كيفَ يختارُونَ رمُوزهُم سواءً التاريخيَّة أَو الفعليَّة، فالرَّمزيَّةُ مهمَّةٌ في هندسةِ ثقافةِ الكرامةِ عندَ الإِنسانِ، لأَنَّها تُشجِّع على التقمُّص والإِستنساخِ وهي تترك أَثرها على شخصيَّةِ المرءِ بشَكلٍ كبيرٍ جدّاً ومُباشر.
إِنَّ التشبُّه السَّلبي الذي انتشرَ اليَوم عندَ النشء الجديد سببهُ أَنَّهُم تاهُوا في طريقِ الرمزيَّة إِذا بهِ يتَّخِذ من النَّماذج السيِّئة رموزاً لهُ إِنتهت بهِ إِلى ما نراهُ اليَوم من ضياعٍ وشذوذٍ يبدأ بالزَّي ولا ينتهي بالأَخلاقِ مرُوراً بالإِيمانِ.
اضف تعليق