كلنا يتذكر "اسلام البحيري" الباحث الإسلامي المصري الذي كان نصيبه السجن (5) سنوات مع الشغل والنفاذ لاتهامه بازدراء الأديان... يا لها من تهمة كبيرة!!! اليس كذلك؟، "اسلام" وهو من أبناء "السنة والجماعة" قاد حملة كبيرة "لتجديد الخطاب الديني والحيلولة دون أن يكون التراث الإسلامي سببا في التشدد"، كما عرف نفسه بذلك، وقد بادر الى انتقاد "الازهر" والمناهج التي يتم اعتمادها لتدريس طلاب الازهر، والتي اعتبرها محشوة بالدفع تجاه التطرف الديني والمغالاة في التشدد...
بالمقابل فان الأزهر "اتهم بحيري ببث أفكار "تمس ثوابت الدين"، وقدم بلاغا إلى النائب العام السابق المستشار هشام بركات ضد الإعلامي "اعتراضا على ما يبثه من أفكار شاذة تمس ثوابت الدين وتنال من تراث الأئمة المجتهدين المتفق عليهم وتسئ لعلماء الإسلام".
"اسلام بحيري" انتقد "شيخ الازهر"، احمد الطيب، في تدوينه نشرها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)، قبل ان يدخل السجن بسبب انتقاداته اللاذعة... وجاء تعليقه عقب الهجمات الإرهابية التي طالت الكويت وتونس وفرنسا، وراح ضحيتها العشرات، منبها "الطيب" الى أن "كتب التفسير والمذاهب الأربعة وكتب الإمام ابن تيمية أجمعت على جواز قتل الكافر لمجرد الكفر"... بمعنى ان من قتلوا في هذه الاعتداءات الإرهابية (في الكويت تم استهداف الشيعة باعتبارهم كفار، اما في فرنسا وتونس فقد استهدف الكفار الغربيين) تم تكفيرهم مسبقا استنادا الى هذه المراجع الدينية.
وجاء نص ما نشره البحيري: "الله يرحم اللي ماتوا في الكويت وتونس وفرنسا، بس اوعى حد اسمعه يقولي "إرهاب"، كتب المذاهب الأربعة اللي هي إجماع الأئمة يا حلوين، بتقول "الشيعة الرافضة" كفار، وكتب التفسير والمذاهب الأربعة بردو مجمعة على إن "أهل الكتاب" كفار، وكل دول وعليهم "ابن تيمية" بيقولوا يجوز قتل الكافر لمجرد الكفر، فما بالك بقى وانت بتقول ليهم لازم نهدم المشروع الصليبي الشيعي الصهيوني في المنطقة، وشيخ الأزهر "الكيوت" بيعمل برنامج كل يوم بيحرض فيه على الشيعة؟، بس متنسوش كتب التراث حلوة وأئمة يا ولاد وداعش وحشة وإرهابية، مستني بشوق ولهفة إدانة الأزهر والأوقاف والإفتاء، بس لازم معاهم إدانة مستشفى الأمراض العقلية، مش هتدين الحادث بس هتعرض الكشف المجاني على التلات جهات السابق ذكرهم".
لنترك "البحيري" الذي دفع ثمن صراحته ولننتقل الى شيخ الازهر الطيب، وهو يمثل عنوان أكبر مؤسسة دينية للمسلمين (السنة) في العالم، الذي جاء بأفكار مناقضة تماما لما حملة شيخ الازهر السابق "محمد شلتوت" الذي كان يدعو للتقريب بين المذاهب الإسلامية بعيدا عن التطرف الديني والعنف الطائفي.
فبعد ان استغل "الطيب" مناسبة شهر رمضان الفائت لتخصيص برنامج يومي للرد على ما اسماها "شبهات الشيعة" لمنع حملات "انتشار التشيع في مصر"، انتقل الى تنظيم (مسابقة) لطلبة المعاهد الدينية حول موضوع "نشر التشيع في المجتمع السني ومخاطره"، تبلغ مجموع جوائزها (٤٢) ألف جنيه مصري، وتهدف المسابقة بحسب الازهر لمجابهة "الخطر الشيعي" او "المد الشيعي".
الغريب ان شيخ الازهر وجه رسالة "مقايضة" الى "حكماء الشيعة تحد فيها قائلا "لا ترسلوا لنا كتيبات التشيع حتى لا يتم التشويش علينا حتى لا يحدث خلاف وحرب، وسنقاوم التشيع"، مضيفا: أن "أهل السنة لم يحدث منها أن أخذوا شيعيًا لإدخاله في السنة، وعلى الشيعة ألا يقوموا بتشييع أحد من السنة"... لكن في ذات الوقت يقيم المسابقات ويعطي الجوائز لمن يثبت انحراف الشيعة وخطورة عقائدهم على بقية المسلمين... أي منطق هذا؟
الدين ليس تجارة... واروح الناس ومعتقداتهم ينبغي ان تصان، وان لا يتم التحشيد ضد الاخر بهدف تسقيطه او تكفيره، مهما كان مختلفا عنك في الدين والفكر والمعتقد واللون واللسان...الخ، فالأخر "اما اخ لك في الدين، او نظير لك في الخلق"، اما منطق "شيخ الازهر" فهو منطق من لا منطق له في اخذ الناس على الشبه ومحاكمته قبل الجناية...
بل ان كلامه "المفخخ" يصب الكثير من الزيت على "الفتنة الطائفية"... مثلما قال ان "علماء الأزهر والأمة الإسلامية لا يستطيعون تكفير الشيعة لأنهم ينكرون أنهم يسبون الصحابة ويحرفون القرآن الكريم... أن رجل الدين مثل القاضي، فكيف يكفر من ينكر التهم التي توجه إليه رغم وجود كتب شيعة تدل على سبهم الصحابة إلا أنهم يقولون هذه الكتب مؤولة ونحن تبنا عند هذا الكلام الموجود فيها".
أجد ان أصعب الأدوار هو ما يضطلع به رجل الدين، الذي يستطيع ان يعيد نشر التسامح والسلام الى "امة" رسول الله (ص) بدلا من زرع بذور الفتنة وحصد الشر منها، خصوصا مع وضعنا الحرج في الوقت الراهن، الإرهاب والتطرف والتشدد الديني على أشده في العالم عموما والشرق الأوسط على وجه الخصوص... حركات مثل داعش والقاعدة وبوكوحرام وطالبان وغيرها الكثير، ما زالت تتغذى على نفس الأفكار المسمومة، والتي لا يمتلك مشايخ الإسلام في الازهر الشجاعة لنبذها امام العالم، وبدلا من ذلك يلتف الازهر وغيره لبذل الجهد والأموال لمحاربة التشيع والمسلمين الشيعية في مصر وغيرها منعا للفتنة متناسين ان الفتنة من حولهم ولكنهم لا يشعرون.
اضف تعليق