ماهي الشروط التي تدفع مجموعة، او عددا مكن الافراد ينتقلوا الى الفعل الجمعي، بشكل إضرابات، تظاهرات، او تقديم عرائض؟ كان هذا السؤال موضع العديد من التحليلات.
يعتقد ماركس ان الشقاء وافقار الطبقات العاملة هما مما يدفع الجماهير الى التمرد. ومع ذلك فان الحركة الجمعية ليست نتيجة آلية للفقر او عدم الثبات. ان ذلك يتعلق أيضا بقدرة الطبقة على تنظيم نفسها، وقد اثبت التاريخ ان لا علاقة الية بين واقع الشقاء او عدم الرضا وبين القدرة على التحرك بشكل جماعي.
يعتبر الكسي دي توكفيل ان الجماعات التي تكون في حالة الصعود الاجتماعي، والتي تُمنع من الوصول الى هدفها، هي الجماعات التي تميل الى التحرك والتمرد. البرجوازية الصاعدة، على سبيل المثال، شكلت رأس حربة بالنسبة للثورة الفرنسية، اكثر مما شكله الشعب الغارق في التعاسة.
مع بداية القرن العشرين قدم رواد علم الاجتماع الجمعي، مثل غوستاف لوبون، وغابريال تارد نظريات حول السلوك الجمعي، مستخدمين عبارات علم نفس الجماهير. وأشار هؤلاء الكتاب الى أهمية ظواهر العدوى: التظاهر يعني الانجرار في حركة جمهور، حيث يفقد المرء استقلاليته لحساب نوع من الاندفاع الجمعي.
الى هذه الرؤية الخاصة بالفعل الجمعي، الذي يقع تحت سيطرة الجمهور، قدم بعض الكتاب شروحات معارضة محض فردية واستراتيجية.
في (منطق الفعل الجمعي) أشار عالم الاجتماع الامريكي مانكور اولسون الى ان الفعل الجمعي لا يتولد عفويا من المصلحة المشتركة. فالتحرك يتضمن أيضا بعدا فرديا مهما. وإذا كانت الجماعة قد حصلت على نوع من الرضا فذلك لمصلحة الجميع. فلا مصلحة لكل فرد ان يدخل في العمل طالما ذلك يكلفه شيئا ما، الا لأنه يحصل في المقابل شيئا ما، مادام الفعل من عمل الاخرين. ومع ذلك فالحركة الجمعية موجودة فعلا. يحصل ذلك بحسب اولسون لان التنظيم الذي يقوم برعاية هذا الفعل (النقابة على سبيل المثال) يعرف كيف يقدم لأفراده الحسنات الفردية او النوعية.
اقترح آلان تورين، كما علماء اجتماع الحركات الاجتماعية (أمثال السندرو بيزورنو) مقاربة للتحرك الجمعي مستخدمين عبارات الحركات الاجتماعية. من هنا بإمكان الحركة الاجتماعية ان تتكون من جراء تحول الصراع من اجل القيم والمصالح المشتركة الى مشروع اجتماعي بديل.
سنوات 1970 – 1980 أعاد الان تورين وفريقه البحث فيما اذا كان لنضال الطلاب، والانفصاليين والنساء وانصار البيئة ان يتحول الى حركة اجتماعية حقيقية قادرة على الاخذ بيد الحركة العمالية التي كانت تعاني من الانحدار انئذ. اما النتيجة فكانت سلبية.
على عتبة الثمانينات وفي كل البلدان الغربية الكبرى ترك الحراك الجمعي مكانا للانطواء على الحياة الخاصة. الامر الذي قام البرت هيرشمان عالم الاجتماع الامريكي بدراسته واعتبر ان الحياة الاجتماعية قد خضعت لأنواع من الحركة المتأرجحة بين أوقات استثمار في الأفعال الجمعية وبين أوقات انطواء على الحياة الشخصية. والكاتب نفسه كان قد قام عام 1972 في احدى دراساته بوصف ثلاثة أنماط من الاستراتيجية يمكن ان تكون ناتجة عن عدم القبول والرضا. مثلا، حين يكون المستهلك مقتنعا، فهو لن يجد سببا (لتغيير دكانه) ويظهر حينئذ ولاؤه. اما اذا شعر بعدم الرضا فباستطاعته التعبير عن رفضه بارتداده، او انسحابه، باختياره الاعتراض، او اخذ المبادرة للكلام.
وفي السياق والروحية نفسها تحدث عالم الاجتماع شارل تيلي عن مجريات الفعل، في إشارة منه الى مختلف الحلول الممكنة في إطار الحراك الجمعي. قد تأخذ هذه التحركات شكل التظاهرة والعرائض وتحريك الفرق والثورة المسلحة تبعا للظروف.
اضف تعليق