نحن بحاجة إلى إعطاء أهمية لتنمية المهارات لأننا بهذه الطريقة يمكننا إنهاء البطالة، فهو يذهب بشكل مباشر إلى أن المهارة يمكنها أن تقلل البطالة. أو تقضي عليها، في حين هناك جيوش من الأيدي العاملة غير الماهرة تعاني من البطالة لأن الأعمال التي تقوم بها لا تتطلب إتقانا من نوع معيّن...
تتميز المجتمعات الناجحة بإتقانها لمهارات عديدة ومختلفة، منها عملية مادية، وأخرى فكرية تخطيطية، وكلما كان الناس في دولة ما يتحلّون بمهارة أكثر وأدق، كان شعب تلك الدولة متطورا في حياته، ومرفّها ومنظّما في أعماله الإنتاجية المختلفة.
توصَف المهارة بأنها القدرة أو التمكن من انجاز مهمة بكيفية محددة وبدقة متناهية، وسرعة في التنفيذ. والمهارة درجة إجادة وليست نشاطا مستقلا. ولعل الهدف الأول من تحصيل المهارات، سواء من قبل الفرد أو الجماعة، هو إيجاد عمل مثمر يحقق ذات الإنسان على المستوى المعنوي، ويُشبع الحاجيات المادية المختلفة كالسكن والملبس والطعام والسفر والتطبيب وسواها مما يحتاجه الفرد والمجتمع.
وهنا ينطبق قول معروف لأحد المختصين بمفهوم المهارة (ناريندرا مودي)، حيث يقول عن المهارة: نحن بحاجة إلى إعطاء أهمية لتنمية المهارات لأننا بهذه الطريقة يمكننا إنهاء البطالة، فهو يذهب بشكل مباشر إلى أن المهارة يمكنها أن تقلل البطالة. أو تقضي عليها، في حين هناك جيوش من الأيدي العاملة غير الماهرة تعاني من البطالة لأن الأعمال التي تقوم بها لا تتطلب إتقانا من نوع معيّن، وإنما يمكن لأي إنسان حتى لو لم يكن ماهرا أن ينجزها، وهذه صفة الشعوب غير الماهرة حيث تتفشى فيها البطالة على نحو واضح.
تنويع الموارد وزيادتها
إذًا مع غياب المهارة عن الفرد أو عند المجتمع تحضر المشكلات والأزمات المختلفة، ولابد من التصدي لهذه الأزمات في حال تطلّعت الدولة والناس إلى حاضر ومستقبل أفضل، ولا يوجد حل إلا بتنويع وزيادة الموارد، وهذه تتوقف على زيادة المهارات، فحين تصنع أناسا ذوي مهارات جيدة، فإنك كمن يقوم ببناء مجتمع لا يُقهَر.
هذا التعبير نجده في قول جورج هربرت الذي يؤكد فيه على أن الثقة بالنفس و المهارة.. جيش لا يقهَر، ذلك أن الحياة كما يصفها فلاسفة ومفكرون كثيرون بأنها ساحة معركة، وهذه الساحة تدور فيها حرب طاحنة يتنافس فيها البشر فيما بينهم كي يتفوقوا على بعضهم البعض في كل شيء، وهذا ما نعيشه في عالم اليوم بين الدول الكبرى أو العظمى، وكذلك في الدول المتوسطة أو الصغرى.
الدولة التي تعاني من عدم رغبة سكانها وشبابها بالمهارات، غالبا ما تكون دولة ضعيفة وفقيرة حتى لو كانت مواردها الطبيعية وفيرة وكثيرة، فلا فائدة بالغنى المتأتي من الثروات الطبيعية إذا كان هو المصدر الوحيد لموارد الدولة والشعب، كما يحدث اليوم في الدول الريعية التي تبيع النفط أو المعادن الأخرى لتشتري الخبز، فيصبح شعبها فقيرا لأنه شعب غير ماهر وغير منتج، وجوده في الحياة عبارة عن نوم وأكل لا غير.
لهذا لابد من توافر المهارات المختلفة لجميع أفراد ومكونات المجتمع، وليس صحيحا أن يبقى الناس دون مهارات، لأنهم في هذه الحالة سوف يبقون دونما إنتاج من أي نوع كان، ولذلك فإن الدولة مسؤولة عن تطوير المهارات عبر مؤسسات متخصصة وخطط دقيقة وتنفيذ لا يقبل التأجيل، كذلك الحال بالنسبة للفرد، فهو مسؤول مسؤولية كاملة عن تطوير مهاراته، حتى لو كانت الدولة مشغولة في قضايا وأهداف أخرى، إذ لابد أن يتقن الفرد مهارة معينة، على أن يعرف بالدقة هذا العمل الذي يقوم به حتى يكون النجاح حليفا له.
الإصرار على كسب المهارات
يقول إبراهيم الفقي (الحكمة ان تعرف ما الذي تفعله والمهارة ان تعرف كيف تفعله والنجاح هو ان تفعله). وهذا يبيّن بأن اكتساب المهارة ليس أمرا سهلا، ولكنه ليس مستحيلا على الإنسان الذي يقرر ويصمم على اقتحام أسوار هذا الهدف المحصّن بصعوبات كثيرة على الإنسان عبورها، ومن ثم عليه مواجهة مصاعب المهارة ويطور نفسه أفضل وأكثر بالتدريب والاستفادة من العثرات والأخطاء والصعوبات.
هذا الأمر (صعوبات المهارة وتطويرها) يذكرنا بالقول المعروف الذي يقول (يكتسب الطيارون الماهرون سمعتهم من العواصف والعواصف)، وهذا يعني أن الإنسان الساعي إلى اكتساب المهارة، سوف يواجه عواصف مختلفة، منها علمية وأخرى عملية، وظروف أخرى قد تقف حجر عثرة أمام مهارته وتطويرها، لكنه بالمثابرة والإصرار، ينتهي إلى قطف الثمار الجيدة والناضجة، من خلال قدرته على مواجهة مصاعب الحصول على المهارة.
نصل في النهاية إلى أن الدولة والمجتمع والإنسان، هم جميعا من يتحمّل صناعة المهارات الشاملة، فمن دونها أو في حال التقاعس والعجز والتخلّي عن تحصيل المهارات وتطويرها، فليست هناك فرصة للبقاء في ساحة التنافس العالمي الساخن والمتواصل، ويبقى أمام الجميع خياران، أما البقاء في ربوع العصور الحجرية متفرجين على الأمم الأخرى، وأما الدخول بقوة إلى ساحة المنافسة العالمية بشرط القضاء على فقر المهارات.
اضف تعليق