ظهر يوم الجمعة الموافق 3/6/2005 ارتكبت جريمة اسرائيلة أخري علي ما
يسميه الشعب الفلسطيني "معبر الموت" أو معبر بيت حانون، ويسميه
الاحتلال الإسرائيلي معبر "ايرز".
المواطن الفلسطيني رمضان محمود مشتهي والبالغ من العمر ثلاثة
وثمانون عاماً والحاصل علي تصريح التجارة لدخول مناطق الخط الأخضر ولدي
عودته من عمله متوجهاً إلي مكان سكنه في مدينة غزة- حي الشجاعية تعرض
لجريمة قتل أمام المئات من العمال الفلسطينيين ليذكرهم بمشهد مقتل
زميلهم العامل محمد إبراهيم الشيخ قبل ما يقارب الخمسة عشر شهراً علي
نفس المعبر وبنفس الطريقة.
انهال العمال بالسب والشتم علي هذه الحياة المرًة وعلي هذا العمل
الذي يرافقه مخاطرة يومية بالحياة ويتسبب بتعرضهم لانتهاكات خطيرة
لأبسط حقوقهم عبر سياسات متعمدة يمارسها جنود الاحتلال تمس الكرامة
وتخرج عن حيز الإجراءات الأمنية.
يردد بعض العمال ببساطة انه "العمل مقابل الدم"، ويردد بعضهم الأخر
نحن "ضحايا الاحتلال وضحايا الإهمال".
لم يكن المواطن رمضان مشتهي متزنراً بحزام ناسف وينوي تنفيذ عملية
عسكرية علي معبر الموت، ولم يكن بحوزته بندقية الكلاشينكوف ليطلق
الرصاص علي جنود الاحتلال المتواجدين في المكان، لقد كان مثقلاً بهموم
معيشة عائلته الكبيرة ويفكر في كيفية وقايتها من خطر الفقر والحرمان،
ويجنبها حاجة اللجوء إلي "الكوبونة" ومظهر التسول المقيت.
المؤسف أن هذه الجريمة مرّت بصمت مريب، ولم تصدر بيانات الادانة
والشجب من المستوي الرسمي الفلسطيني، ويبدوا أنهم لم يعلموا أن المواطن
مشتهي قد توفي علي معبر الموت بعد تحطم قفصه الصدري ومن ثم توقف القلب
عن الخفقان لينقل إلي المستشفيات جثة فارقتها الروح بعد أن فارقها
الأوكسجين نتيجة ما أحدثه جنود الاحتلال من ازدحام كبير ومقصود علي
معبر الموت.
القوي الوطنية والإسلامية التي أعلنت في القاهرة عن التهدئة مقابل
التهدئة ، لم تصدر مواقف تعتبر فيها أن الجانب الإسرائيلي قد اخترق
التهدئة وأنها سترد بوابل من صواريخها!
فالمواطن رمضان مشتهي ليس من احد عناصرها، هو من الأغلبية المغلوب
علي أمرها، وهذه القضية ليس لها علاقة بتأجيل الانتخابات ليخرج بيان
سريع يهدد بإنهاء التهدئة إذا لم تجر الانتخابات في موعدها.
وسائل الإعلام الفلسطينية لم تحوّل هذه الجريمة إلي قضية ذات أولوية،
بل إن بعضها لم تتطرق لها وقد تكون لا تعرف عنها، ولم تقم وسائل
الإعلام الفلسطينية بوضع كاميرات دائمة في معبر الموت لترصد مشاهد
المعاناة اليومية بل مآسي يتعرض لها عمال فلسطين علي مدار الساعة
وتحوّل هذه المشاهد إلي معركة أخلاقية إنسانية وقانونية في مجابهة
الاحتلال ربما تكون منشغلة تماماً في تغطية أخبار الانتخابات!.
لا اعرف إن كان اتحاد النقابات العمالية قد توقف عند بيان إدانة
للجريمة وحسب، فانا أتوقع منه أن يقوم بمخاطبة منظمات عمالية دولية
ومنظمات حقوق إنسان يطالبهم فيها بالتدخل لمنع الإجراءات التعسفية علي
معبر الموت، وأتوقع منه أيضاً أن ينظم تظاهرة احتجاج ضخمة علي معبر
الموت، تعبيراً عن الغضب الشعبي علي هذه الجريمة التي تقشعر لها
الأبدان.
وحتى لا يواجه الموت بالصمت، ولكي لا تمرّ جريمة استشهاد المواطن
الفلسطيني رمضان محمود مشتهي مرور الكرام، ومن اجل تحويلها إلي حادثة
صعبة التكرار، صار لزاماً علي الجميع وفي المقدمة منهم السلطة الوطنية
الفلسطينية العمل علي طرح قضية الإجراءات اليومية المتّبعة من جنود
الاحتلال الإسرائيلي علي معبر الموت وكل المعابر علي بساط البحث
والتفاوض والتفكير في سبيل حماية الآلاف من العاملين داخل الخط الأخضر
والمسافرين من هذه الإجراءات التي تؤدي إلي الموت أو الإصابات الخطيرة
والي مساس بالكرامة وانتهاك لأبسط القواعد الحقوقية ....... حقوق البشر. |