يوازن الايرانيون الذين يواجهون جولة اعادة في الانتخابات الرئاسية
التي ستقرر اتجاه بلادهم بين اختيارات صعبة بين رجل الدين البراجماتي
اكبر هاشمي رفسنجاني ومنافسه المحافظ الذي حقق مفاجأة في الجولة الاولى.
وحثت صحيفة «شرق» الاصلاحية البارزة قراءها ان يتحاملوا على انفسهم
ويحتشدوا حول رفسنجاني لسد الطريق امام رئيس بلدية طهران محمود احمدي
نجاد في جولة الاعادة يوم الجمعة المقبل.
وقالت الصحيفة ان هذا هو السبيل الوحيد لمنع المتشددين الدينيين من
احتكار المؤسسات الحاكمة في ايران.
وكتب الصحفي محمد كوتشاني في عمود «يمكننا ان ندعوه بالمتكبر
وانتقاد تفضيله للتنمية على الديمقراطية.
الان نرى بوضوح ان رفسنجاني هو الاختيار الوحيد المتروك للحفاظ على
الديموقراطية في ايران.»
ورغم ان رفسنجاني ليس نصيرا لاصلاح نظام يحتفظ فيه رجال الدين
بسلطات مطلقة فيعتقد انه القوة المقابلة للنخبة المتشددة المناهضة
للغرب.ودعا رفسنجاني الى فتح «فصل جديد»في العلاقات الايرانية
الامريكية.
وقال احمدي نجاد الذي يرتبط بصلات وثيقة مع ميليشيا الباسيج الدينية
المتشددة والحرس الثوري ان اعادة فتح المحادثات مع واشنطن لن يحل
مشكلات ايران.
واحتفل شبان هذه الميليشيا ملوحين بالاعلام الخضراء والسوداء بنجاح
احمدي نجاد في وقت متأخر من الليل وهم يرددون الشعارات وقادوا شاحنات
حول متنزهات طهران حيث نظم اصلاحيون شبان حشودا انتخابية كبيرة قبل
ايام قليلة.
ولم يعلن اي من المرشحين الخمسة الاخرين المهزومين مساندته
لرفسنجاني او احمدي نجاد اللذين لم يقترب أي منهما من الحصول على 50
بالمئة من الاصوات المطلوبة للفوز.
من جهته حث رجل الدين المعتدل أكبر هاشمي رفسنجاني الذي يواجه جولة
إعادة غير مسبوقة في انتخابات الرئاسة الايرانية أمام رئيس بلدية طهران
المحافظ محمود أحمدي نجاد الايرانيين يوم الاثنين على التصويت ضد خطر
التطرف.
وتجرى جولة الإعادة لعدم حصول أي من المرشحين على الأغلبية المطلقة
في الجولة الاولى من الانتخابات التي جرت في 17 يونيو حزيران ومن
المُرجح أن يكون لها أثر كبير على علاقات ايران بالعالم ومستقبل
الاصلاحات الهشة في الجمهورية الاسلامية الايرانية.
ويسعى رفسنجاني (70 عاما) لاستعادة منصبه الذي شغله من عام 1989 الى
عام 1997 . ويقول رفسنجاني الذي وصف نفسه خلال الحملة الانتخابية بأنه
ليبرالي ان الوقت حان لفتح فصل جديد في العلاقات الايرانية الامريكية
وأشار الى أنه سيزيد الحريات الاجتماعية والسياسية.
أما منافسه غير المتوقع أحمدي نجاد (49 عاما) فكانت حملته
الانتخابية أكثر تواضعا وركز على الحاجة للتعامل مع الفقر وإحياء أهداف
الثورة الاسلامية.
ولكن منتقدين اصلاحيين وبعضهم اتهم المنظمات العسكرية بالبلاد
بتعزيز التصويت لأحمدي نجاد يقولون انه رأس مؤامرة محافظة متشددة تعقد
العزم على فرض نظام استبدادي في ايران.
وقال رفسنجاني في بيان نشر في العديد من الصحف "أنا بحاجة لمساعدتكم
وأطلب منكم الحضور في الجولة الثانية من الانتخابات حتى نمنع التطرف.
"أوضحت أصواتكم في الجولة الاولى أن الايرانيين يؤمنون بأن الدولة
لا يمكن أن يحكمها مذاق سياسي واحد... ايران ليس لها طريق آخر سوى
الوحدة والاعتدال."
وقال مساعد بحملة أحمدي نجاد الانتخابية لرويترز انه ليس هناك ما
يدعو العالم وايران للخوف من الضابط السابق بالقوات الخاصة في الحرس
الثوري المحافظ.
وقال نادر شريعة مداري "اضافة الى أنه ليس هناك ما يدعو للخوف من
السيد أحمدي نجاد فانه مهتم ايضا ويسعى لازالة العقبات التي تحول دون
جذب سلس للاستثمارات الاجنبية في البلاد."
وأغلقت هيئة القضاء الايرانية المحافظة أثناء الليل صحيفتين يوميتين
ليبراليتين لنشرهما رسالة بعثها المرشح الاصلاحي مهدي كروبي ينتقد فيها
الزعيم الاعلى الايراني آية الله علي خامنئي.
وقال كروبي انه كان يتحتم على خامنئي منع المنظمات العسكرية من خرق
القانون بمساندة أحمدي نجاد.
وقال في الرسالة "يجب أن تحول دون وقوع هذه التدخلات لانقاذ الاسلام
والثورة والبلاد."
وقال كثير من المحللين السياسيين رغم ذهولهم بأداء أحمدي نجاد القوي
في الانتخابات يوم الجمعة ان الاصلاحيين لم يقدموا أي أدلة ملموسة على
وقوع تلاعب وانهم أخطأوا تقدير أداء رئيس البلدية القوي بين العدد
الكبير من الفقراء في ايران.
وقال محلل رفض نشر اسمه "قدم أحمدي نجاد نفسه على أنه روبن هود ..
رجل صادق جاد في عمله ورجل يمثل الناس. انه يمثل استياء الناس من هؤلاء
الذين يعيشون حياة أفضل ويقودون سيارات فارهة وغير ذلك" مضيفا أنه أوضح
أنه يقف الى جانب الرجل العادي.
وقال محسن فرج (25 عاما) عضو ميليشيات الباسيج الدينية شبه العسكرية
ان فوز أحمدي نجاد سيبدأ مرحلة جديدة في الدولة الاسلامية.
وتابع "التاريخ سيتذكر هذه الانتخابات. موجة تغيير قادمة. الناس
يريدون أحمدي نجاد لانه واحد منهم."
وقال محمد رضا خاتمي رئيس أكبر حزب اصلاحي ايراني والشقيق الاصغر
للرئيس الايراني المنتهية ولايته محمد خاتمي ان فوز أحمدي نجاد سيدعم
سيطرة المحافظين على كل الكيانات المنتخبة وغير المنتخبة في ايران.
وتابع لرويترز "أحمدي نجاد مجرد واجهة. اذا فاز فسيحكم خامنئي كل
شيء... لن تكون هناك انتخابات حرة بعد ذلك."
وبالرغم من نفور الاصلاحيين من رفسنجاني الذي يتهمه كثيرون بتكوين
ثروة هائلة وباصدار أوامر باغتيال منشقين سياسيين خلال الفترات السابقة
التي تولى خلالها رئاسة البلاد الا أن خاتمي قال انه أقل الضررين.
واستطرد "رغم أننا قد لا نتفق مع برامج رفسنجاني الا أن علينا
مساندته."
وقال أكبر تنظيم طلابي موال للاصلاح في ايران والذي قاطع الانتخابات
يوم الجمعة انه سينظم ايضا حملة نشطة من أجل فوز رفسنجاني. وكان مكتب
دعم الوحدة قد طلب من أنصاره مقاطعة الانتخابات يوم الجمعة ولكنه غير
موقفه بعد وصول أحمدي نجاد المرتبط بالحرس الثوري وميليشيات الباسيج
للجولة الثانية في الانتخابات مع رفسنجاني يوم الجمعة.
وقال زعيم التنظيم الطلابي "قرر طلبة موالون للاصلاح مساندة
رفسنجاني للحيلولة دون تأسيس نظام استبدادي اذا فاز أحمدي نجاد. أسسنا
مكتبا للحملة الانتخابية باسم "مقر الطلبة المناهضين للفاشية" والذي
سيسافر أعضاؤه للقرى لتشجيع الناس على التصويت لصالح رفسنجاني."
ومن ناحية أخرى قررت السلطات الانتخابية يوم الاثنين إعادة فرز جزئي
للاصوات بعد أن اتهم إصلاحيون المنظمات العسكرية بالتلاعب في نتيجة
الانتخابات لصالح أحمدي نجاد.
وتأتي إعادة فرز الأصوات قبل أربعة أيام من الجولة الثانية من
الانتخابات.
وقال التلفزيون الايراني "يرى مجلس صيانة الدستور (الهيئة المشرفة
على الانتخابات) أنه من الضروري إعادة فرز بعض الاصوات في الصناديق
الانتخابية من طهران واصفهان وقم ومشهد بشكل عشوائي لدراسة النتائج
بشكل أكثر دقة."
وذكر التلفزيون أن إعادة الفرز سيتضمن 40 صندوقا من العاصمة طهران
و20 صندوقا من كل من المدن الثلاث الاخرى.
ونقل تقرير التلفزيون عن رسالة من زعيم مجلس صيانة الدستور آية الله
احمد جنتي لوزير الداخلية الايراني عبد الواحد موسوي لاري قولها ان
نتائج إعادة الفرز ستعلن الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي (1330
بتوقيت جرينتش) يوم الاثنين.
الى ذلك وبعد الفوز المفاجئ لنيجاد في الجولة الاولى من الانتخابات
بدأ سكان طهران حملة عبر رسائل الهاتف المحمول النصية (اس.ام.اس) لمنع
انتخابه في جولة الاعادة الحاسمة.
وقالت إحدى الرسائل النصية التي يرسلها الجماهير «علينا جميعا
الذهاب يوم الجمعة إلى صناديق الاقتراع في جولة الاعادة الحاسمة
للتصويت لصالح رافسنجاني وضد نيجاد».
¾ معين و«خطر الفاشية»
بدوره حذر فريق الخاسر الاكبر في هذه الانتخابات المرشح الاصلاحي
مصطفى معين، من «خطر الفاشية»الذي يخيم على ايران.
وشددت المتحدثة باسم معين، ايلاهي كولائي، على خطر الوصول الى «نظام
عسكري واستبدادي والاختناق الاجتماعي والسياسي».
وأكد معين انه «لن يقاطع»الانتخابات، وقال «لا انصح احدا بالمقاطعة.
فالظروف التي تمر بها البلد تفترض ان يصوت الجميع».
وقال مدير حملته علي شاكوري راد «ان المؤكد اننا نعارض محمود احمدي
نجاد بشدة».
ومن جانبه رفض قائد الشرطة الايرانية السابق محمد باقر قاليباف،
المرشح المتشدد الخاسر في الانتخابات الرئاسية، مساندة نجاد، بحسب ما
افاد متحدث باسمه امس الاحد.
وقال المتحدث محسن بهرامي لوكالة فرانس برس «لن ندعم احمدي نجاد».
واضاف «سندرس نتائج الدورة الاولى ونعلن خلال اربع وعشرين ساعة
موقفنا الرسمي من الدورة الثانية».
من جانبه اكد الاستاذ الجامعي الايراني هاشم اغاجاري لوكالة فرانس
برس «لن اصوت لان الرئيس لا يستطيع القيام بشيء في ايران ما دام القرار
النهائي في يد جهات غير منتخبة مثل مجلس صيانة الدستور وقائد الثورة».
لكنه قال «اذا فاز رفسنجاني فلعله يتحلى بتساهل سياسي واجتماعي اكبر
كونه براغماتيا».
واضاف ان احمدي نجاد «متشدد وقد رأيت اشخاصا كثيرين، حتى بين الذين
لم يقترعوا خلال الدورة الاولى، يشعرون انهم مهددون باحمدي نجاد
وسيصوتون لرفسنجاني لانهم قلقون على اولادهم».
وقال اغاجاري «لا يوجد امل بحصول تغيير حقيقي في ايران طالما لم
تتغير بعض الهيكليات».
بدوره قال مهدي امين زاده، الناشط في مكتب تمتين الوحدة، ابرز تجمع
طلابي اصلاحي كان دعا الى مقاطعة الدورة الاولى، لفرانس برس «من
المستبعد ان نغير موقفنا».الا انه اضاف «بين السيىء والاسوأ رفسنجاني
هو خيار افضل».
وكان رئيس المكتب عبدالله مؤمني اوضح قبل الانتخابات ان المقاطعة «عمل
اصلاحي للدلالة على اننا لا نريد اعطاء شرعية للنظام».
وقال امين زاده «لا نزال على موقفنا بان الانتخابات ليست حرة وان
نجاد وصل من خلال حركة منظمة دعمته».
في جانب ا خر ذكر الناشط في الدفاع عن حقوق الانسان عماد الدين باقي،
وهو رئيس تحرير صحف عدة اوقفتها السلطات القضائية التي يسيطر عليها
المحافظون، في مؤتمر صحافي عقده «لا استطيع التزام الصمت بعد بروز امس
احد اكثر المحافظين تشددا.فاذا فاز سيتدهور وضع السجناء السياسيين».
وقال «لا خيار لنا الا اظهار المرونة (...) قد تكون لدينا انتقادات
عدة ضد رفسنجاني ولكن ليس هذا وقت الانتقاد.يجب ان يربح رفسنجاني بنسبة
عالية من الاصوات».
وكان عماد الدين باقي اعلن قبل الانتخابات انه لا يؤيد اي مرشح.
من جهتها اعلنت المحامية الايرانية شيرين عبادي حائزة جائزة نوبل
للسلام لوكالة فرانس برس امس الاحد انها لن تشارك في اي انتخابات في
ايران طالما ان هناك رقابة عليها، وذلك رغم وصول محافظ متشدد الى
الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية.
وقالت عبادي «طالما ان هناك قانون رقابة على الانتخابات لن اشارك في
اي عملية انتخابية».
ويشرف مجلس صيانة الدستور على الانتخابات الايرانية.وقد رفض في مايو
ترشيحات الف شخص.وكان رفض حوالى الفي ترشيح الى الانتخابات التشريعية
في 2004 غالبيتها لاصلاحيين. |