ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 
 

 

التقرير الأمريكي السنوي للاتجار بالبشر: دول خليجية على اللائحة الأميركية للدول المتورطة

 

اضافت الولايات المتحدة الى لائحة الدول المتهمة بالتساهل ازاء الاتجار بالبشر كلا من السعودية والامارات وقطر والكويت وذلك نتيجة ارتفاع نسبة استخدام الاطفال المخطوفين في سباقات الهجن في هذه الدول.

ونشرت وزارة الخارجية الاميركية يوم الجمعة تقريرا سنويا حول الاتجار بالبشر في العالم تضمن انتقادات لهذه الدول بشان هذا الموضوع.

وذكر التقرير ان 12,3 مليون شخص يقعون ضحية الاتجار بالبشر فهم يرغمون على البغاء والتسول وانواع شتى من العمل القسري ما يعني انهم ضحية نوع من العبودية. ويصنف التقرير الدول في ثلاث فئات بحسب درجة الجهد الذي تبذله. فهناك اربع عشرة دولة في الفئة الثالثة التي تشكل مصدر القلق الاكبر بالنسبة الى الادارة الاميركية. ويمكن ان تقرر واشنطن فرض عقوبات على هذه الدول.

وللمرة الاولى ادرجت السعودية والكويت والامارات العربية المتحدة وقطر القريبة كلها من الولايات المتحدة في العالم العربي في هذه الفئة.

وينتقد التقرير السعودية بشكل خاص لتساهلها ازاء الاتجار بالرجال والنساء الذين يرسلون الى المملكة للعمل وازاء ارغام الاطفال على التسول. وجاء فيه "لم تقم الحكومة السعودية الا بملاحقة واحدة ضد شركة سعودية في قضية اتجار بالبشر خلال الفترة التي تناولها التقرير".

اما الدول الخليجية الثلاث الاخرى فمتهمة بالاستخدام المتزايد للاطفال المخطوفين بهدف استخدامهم لامتطاء الجمال المشاركة في سباقات الهجن المعروفة.

وجاء في الوثيقة الاميركية "يتم اليوم تهريب الاف الاطفال الذين لا تزيد اعمالاهم احيانا عن ثلاث او اربع سنوات من بنغلادش وباكستان او شرق افريقيا ليتم بيعهم واستخدامهم في سباقات الهجن".

اما اكثر الدول تعرضا للانتقاد في التقرير الاميركي فهي بوليفيا وبورما وكمبوديا وكوبا والاكوادور وجامايكا وكوريا الشمالية والسودان وتوغو وفنزويلا.

وتضم الفئة الثانية دولا الوضع فيها اقل سوءا ولكن يفترض بها ان تبذل جهودا بحسب واشنطن في هذا الموضوع وبينها الصين والبحرين وجنوب افريقيا واوزبكستان.

ويتالف التقرير من 256 صفحة تناولت 150 دولة لا تشمل الولايات المتحدة. الا ان وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس رات في رسالة نشرت في مقدمة التقرير ان واشنطن "يجب ان تعالج مشكلتها الخاصة المتعلقة بالاتجار" بالبشر.

وويشرح التقرير بالتفصيل تصنيفات 150 دولة في العالم -- أي بزيادة 10 دول عن عدد دول العالم التي شملها تقرير العام الماضي. وتقسم هذه التصنيفات إلى ثلاث فئات، هي الفئة 1 و2 و3، والتي تعتبر الفئة 3 أسوأها.

فتصنف الدولة التي تتقيد كليا بالحد الأدنى لمعايير قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر من أجل القضاء على الاتجار بالبشر على أنها من الدول الأعضاء في الفئة الأولى. أما الدول الأخرى التي تبذل جهودا كبيرة لتلبية الحد الأدنى لتلك المعايير فتصنف في تصنيف الفئة 2. وتوضع الدول التي لا تتقيد حكوماتها كليا بالحد الأدنى لتلك المعايير ولا تبذل جهودا كبيرة للقيام بذلك في تصنيف الفئة 3.

وتفرض الحكومة الأميركية عقوبات على دول الفئة 3. وحسب نص تقرير وزارة الخارجية فإن الحكومة الأميركية قد تمنع عن الدول التي تصنف في الفئة الثالثة "المساعدة غير الإنسانية وغير المتعلقة بالتجارة." ويضيف التقرير أن الدول التي لا تحصل على مثل هذه المساعدة قد تتعرض لمنع تمويل المشاركة في برامج التبادل التعليمية والثقافية. وتطبيقا لقانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر، ستواجه مثل هذه الحكومات معارضة الحكومة الأميركية لمساعدتها (باستثناء المساعدة الإنسانية والمتعلقة بالتجارة وبعض المساعدة المتعلقة بالتنمية) من المؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد الدولي وبنوك التنمية متعددة الجنسيات كالبنك الدولي."

وسيسري مفعول هذه العواقب المحتملة في بداية السنة المالية القادمة التي تصادف الأول من شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2005.

وقد يلغى كل أو جزء من العقوبات المتعلقة بقانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر إذا ما قرر الرئيس أن تقديم هذه المساعدة للحكومة من شأنه أن يشجع أهداف القانون أو يخدم المصلحة القومية للولايات المتحدة. كما ينص قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر على أن العقوبات ستلغى عند الضرورة لتفادي إلحاق آثار ضارة كبيرة بالسكان المعرضين للخطر، بمن في ذلك النساء والأطفال.

وفي ما يلي مقتطفات من تقرير الاتجار بالبشر:

إن وزارة الخارجية الأميركية ملزمة بموجب القانون بتقديم تقرير سنوي إلى الكونغرس الأميركي عن جهود الحكومات الأجنبية للقضاء على الأشكال الشديدة للاتجار بالبشر. وهذا التقرير هو التقرير السنوي الخامس حول الاتجار بالبشر. ويهدف هذا التقرير إلى زيادة الوعي العالمي وحفز الحكومات الأجنبية على اتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة جميع أشكال الاتجار بالبشر، الذي يعد شكلا من أشكال العبودية الحديثة. ويركز التقرير بصورة متزايدة على الجهود المتنامية للمجتمع الدولي لتقاسم المعلومات والمشاركة في وسائل جديدة ومهمة لمكافحة الاتجار بالبشر. وتحصل أي دولة تفشل في اتخاذ إجراءات مهمة للتقيد بالحد الأدنى لمعايير القضاء على الاتجار بالبشر على تقييم "الفئة الثالثة" السلبي في هذا التقرير. وقد يؤدي هذا التقييم إلى منع تقديم المساعدة غير الإنسانية وغير المتعلقة بالتجارة من الولايات المتحدة للدولة المعنية. ويبرز تقرير الاتجار بالبشر، في سياق تقييم جهود الحكومات الأجنبية، ثلاثة عناصر هي المقاضاة والحماية والمنع. غير أن أسلوب التركيز على الضحايا في معالجة مشكلة الاتجار بالبشر يتطلب منا بنفس القدر معالجة عناصر ثلاثة أخرى هي الإنقاذ والتأهيل وإعادة الاندماج. ويوضح القانون الذي يسري على هذه الجهود، وهو قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر للعام 2000، من جملته الأولى أن هدف محاربة الاتجار بالبشر هو ضمان توقيع عقوبة عادلة وفعالة ضد المتاجرين بالبشر، وذلك لحماية ضحاياهم ولمنع الاتجار بالبشر.

لقد خاضت الولايات المتحدة منذ أكثر من 140 عاما حربا مدمرة لتخليص البلاد من العبودية، ولمنع أولئك الذين أيدوا العبودية من تقسيم الأمة. ومع أن الأغلبية الساحقة للدول نجحت في القضاء على هذه الممارسة التي تحظى بموافقة الدول، فإن شكلا حديثا من أشكال عبودية البشر قد ظهر كتهديد عالمي متزايد لحياة وحرية ملايين الرجال والنساء والأطفال. ومن النادر في هذه الأيام وجود عبودية تحظى بموافقة الدول. بل إن الاتجار بالبشر يشتمل في معظم الأحيان على جماعات إجرامية منظمة تجني أموالا طائلة على حساب ضحايا الاتجار بالبشر.

في كل عام تزداد معرفتنا بظاهرة الاتجار بالبشر. وقد استخدمنا في تقرير العام الماضي بيانات للحكومة الأميركية صنفت الاتجار بالبشر عبر الدول حسب السن والجنس (ذكر أو أنثى) لأول مرة. وأظهرت هذه البيانات أن 80 بالمئة تقريبا من عدد يقدّر بين 600,000 و800,000 من الرجال والنساء والأطفال الذين يتم الاتجار بهم عبر الحدود الدولية كل عام هم من النساء والفتيات وأن ما يصل إلى 50 بالمئة من القاصرات. وتظهر البيانات أيضا أن أغلبية ضحايا الاتجار بالبشر عبر الدول هن من الإناث اللواتي يتم الاتجار بهن لأغراض الاستغلال الجنسي التجاري. إلا أن هذه البيانات، بتركيزها على الاتجار بالبشر عبر الدول، لا تشمل ملايين الضحايا حول العالم الذين يتم الاتجار بهم داخل حدودهم القومية.

يُعتبر استعباد الناس المثير للذعر لأغراض استغلالهم كعمال، وداخل دولهم في معظم الأحيان، شكلا من أشكال الاتجار بالبشر الذي يصعب تعقبه عن بعد. وقد لا يشتمل ذلك على نفس المنظمات الإجرامية التي تحقق الربح من الاتجار بالبشر عبر الدول للاستغلال الجنسي، بل إن الأمر في معظم الأحيان يشتمل على أفراد مذنبين، على سبيل المثال، لاستعباد خادم منزلي أو مئات من العمال القسريين في أحد المصانع بدون دفع أجر لهم.

دولة الإمارات العربية المتحدة: لوسا فتاة يتيمة في السابعة عشرة سنة من العمر اختطفت في العام 2004 من بلدها أوزبكستان. وخططت عمة لوسا لاختطافها وإرسالها إلى دبي عن طريق استخدام جواز سفر ابنة عم لها لأن العمة أرادت الاستيلاء على شقة لوسا. وبيعت لوسا في دبي كعبدة في شبكة للدعارة. وعندما أصبحت غير صالحة للدعارة أرسلها المتاجرون بالبشر إلى مركز للعلاج النفسي. وعثرت عليها منظمة أوزبكية غير حكومية في دبي ورتبت نقلها إلى ملجأ وبدأت العمل على إعادتها إلى بلادها. وبما أنها دخلت دولة الإمارات العربية المتحدة بصورة غير قانونية بجوار سفر مزور فقد قررت دائرة الهجرة في دولة الإمارات سجنها لمدة سنتين. ويتفاوض مسؤولون حكوميون في الإمارات والمنظمة غير الحكومية حول قضية لوسا.

وهناك تقديرات متعددة ومتباينة حول مدى وحجم العبودية في الوقت الحاضر. وتقدّر منظمة العمل الدولية، وهي الوكالة التابعة للأمم المتحدة المسؤولة عن معالجة المعايير العمالية والتوظيف وقضايا الحماية الاجتماعية، أن هناك 12.3 مليون شخص من المستعبدين كعمال قسريين وعمال سخرة في بعض الثقافات العالمية. وينزح البعض عن دول نامية، سعيا لتحسين مستوى حياتهم، ولكنهم يواجهون عمالة الأطفال القسرية والعمل الإجباري لممارسة الجنس والعمل القسري في أي وقت. ويحمل هؤلاء الأشخاص جنسيات متنوعة كتنوع أعمالهم محدودة الدخل في دول أكثر ازدهارا. ويقع آخرون ضحايا للعمالة القسرية أو عمال السخرة في بلادهم نفسها. وتعطي بعض الأسر أطفالها للكبار من الأقارب أو غير الأقارب الذين يعدونهم بالتعليم وإتاحة الفرص، ولكنهم يبيعونهم كعبيد مقابل الحصول على المال. وتركز الوسائل التقليدية للتعامل مع العمالة القسرية أو عمال السخرة عادة على التقيد، وفقا للاتفاقيات الدولية (كمواثيق منظمة العمل الدولية 29 و39 و182). وتسعى هذه الوسائل إلى حمل الصناعات الاستغلالية على التقيد بالقانون عن طريق الإفراج عن الضحايا أو فرض وسائل لدفع التعويضات. وأساليب مكافحة عبودية العمالة القسرية التي تعتمد على معايير العمالة يمكن أن تكون ضعيفة في معاقبة أرباب العمل الذين يوظفون العمال القسريين أو عمال السخرة، أي أسياد العبيد. ولا بد من معاقبة العمالة القسرية كجريمة، عن طريق المقاضاة الصارمة. وفي حين أن معظم دول العالم جرّمت العمالة القسرية فإنها لا تفعل الكثير لمقاضاة المذنبين، ويعزى ذلك جزئيا إلى عدم الوعي بقضايا العمالة القسرية بين المسؤولين عن تنفيذ القانون.

وتعتزم وزارة الخارجية الأميركية على مدى السنة القادمة زيادة تركيز اهتمامها على العمالة القسرية وعلى الظواهر المرتبطة بها. وقد أدرجت عدة دول هذا العام ولأول مرة في الفئة الثالثة، وذلك أساسا نتيجة لإخفاقها في معالجة الاتجار بالعمالة الإجبارية.

وبفضل قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر وهذا التقرير السنوي والقيادة القوية وتعزيز الجهود الحكومية والاهتمام المتزايد من المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام، نرى مجهودا عالميا يزداد زخما للقضاء على الاتجار بالبشر. وتعمل الدول معا بصورة متزايدة لإغلاق طرق الاتجار بالبشر ومقاضاة وإدانة المتاجرين بالبشر وحماية وإعادة اندماج الضحايا. ونأمل في أن يلهم هذا التقرير الناس لتحقيق المزيد من التقدم.

الخيط المشترك للعمالة القسرية

بعد إقرار قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر وإعداد بروتوكول الأمم المتحدة حول الاتجار بالبشر للعام 2000 تحولت جهود مكافحة الاتجار بالبشر من نموذج الاتفاقيات الدولية السابقة التي تركزت أساسا على الانتقال الدولي للنساء لممارسة الدعارة إلى نموذج يستند إلى الحرمان من الحرية والاضطهاد الناتج عنها. ويغطي تعريف الاتجار بالبشر في هذه الوثائق القانونية طائفة واسعة من الاستغلال الذي يمثل أعمالا قسرية. وتؤكد هذه الوثائق القانونية أن النساء اللواتي يستخدمن في الدعارة في بلد آخر أو داخل بلدهن يتقاسمن رابطة مشتركة مع الطفل أو الرجل الموجود في حالة عمالة قسرية في مجتمعه أو مجتمعها، وأن الدول في سائر أنحاء العالم تتحمل مسؤوليات محاربة هذا الشر والعناية بضحاياه.

إيطاليا: فيولا فتاة ألبانية كانت في سن الثالثة عشرة عندما بدأت مواعدة ديلين البالغ من العمر إحدى وعشرين سنة والذي طلب يدها ثم انتقل إلى إيطاليا حيث كان له أبناء عم ساعدوه في الحصول على عمل. وعند وصول فيولا إلى إيطاليا تغيرت حياتها إلى الأبد. فقد وضعها ديلين في غرفة بأحد الفنادق وأغلق عليها الباب واختفى ولم يظهر مرة أخرى. ودخلت مجموعة من الرجال وبدأوا بضرب فيولا، ثم قام كل منهم باغتصابها. وأبلغها زعيمهم أن ديلين باعها وأن عليها أن تطيعه أو أنها ستموت. وتعرضت فيولا للضرب والاغتصاب مرارا على مدى سبعة أيام. وبيعت فيولا مرة أخرى لشخص ضربها على رأسها بشدة حتى أنها لم تكن قادرة على الإبصار لمدة يومين. وأبلغت أنها إذا لم تعمل كمومس في إيطاليا فسوف يتم اغتصاب أمها وأختها وتقتلان. وأرغمت فيولا على ممارسة الدعارة إلى أن داهم رجال الشرطة بيت الدعارة الذي كانت موجودة فيه. وتم ترحيلها إلى ألبانيا.

لقد جرّمت الولايات المتحدة العمالة القسرية منذ أكثر من 100 عام. وأجازت الولايات المتحدة بعد الحرب الأهلية ثم أقرت التعديل الثالث عشر للدستور، الذي جعل احتجاز شخص في وضع العمالة القسرية بالقوة، أو التهديد باستخدام القوة، أو التهديدات بالإكراه القانوني، معادلا للسجن. وقدّمت منذ العام 1865 حالات إجرامية فدرالية تطبيقا لهذا القانون في حالات شملت الدعارة والعمالة المهاجرة والخدمة المنزلية والمعامل الاستغلالية للملابس وشبكات التسول.

وقد أشار قرار لإحدى المحاكم في الآونة الأخيرة في تفسيره لقانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر إلى أن هذا القانون كان يهدف إلى تعريف وتوسيع قوانين محاربة العبودية التي تنطبق على حالات الاتجار بالبشر، لكي تعكس القدرة على الفهم الحديث للاضطهاد. وبشمول هذه القوانين الجنائية الجديدة بصورة أوسع للوسائل الخفية للإكراه التي يستخدمها المتاجرون بالبشر لتقييد ضحاياهم فإنها تنجح في تطبيق التعهد المنصوص عليه في التعديل الثالث عشر للدستور وهو: لن يعاني أي شخص من العبودية أو العمالة القسرية على التراب الأميركي.

وتعد الوسائل التي يتعرض فيها الناس للعمالة القسرية، أي تجنيدهم والخداع والإكراه الذي قد يسبب نقلهم، عوامل مهمة ولكنها عوامل ثانوية بالنسبة لخدمتهم الإجبارية. وحالة العمالة القسرية هي الأساس في تحديد الاتجار بالبشر. لذا فإن "الاتجار بالبشر" يشير إلى عمل يوضع فيه شخص ما في عمالة إجبارية وكل شيء يتم فعله عن علم يحيط به أو يساهم فيه. وحسب المعجم الشعبي، وبسبب التاريخ المستمر منذ قرن لهذا التعبير في القانون الدولي، فقد فسر ذلك على نطاق واسع بالانتقال.

لبنان: سيلفيا أم شابة لا زوج لها من سري لانكا كانت تسعى لتحسين مستوى حياتها ومستوى حياة ابنها وهو في الثالثة من العمر عندما استجابت لإعلان وظيفة خادمة في لبنان. واحتجزت وكالة التوظيف ببيروت جواز سفرها ووظفتها امرأة لبنانية قامت فيما بعد باحتجازها وتقييد حصولها على الطعام ووسائل الاتصال. وبسبب معاملتها كسجينة وضربها يوميا صممت سيلفيا على الهرب. وقفزت من نافذة إلى الشارع وهبطت بقوة أصابتها بشلل دائم. وقد عادت إلى سري لانكا. وهي تتنقل الآن في البلاد وتحكي حكايتها لكي لا يتعرض غيرها لمصير مشابه لمصيرها.

وقد يسافر الشخص بإرادته إلى موقع آخر داخل بلاده أو بلادها أو إلى الخارج ويتعرض لحالة العمالة القسرية فيما بعد. ولا يشكل انتقال ذلك الشخص إلى الموقع الجديد الاتجار بالبشر، ولكن القوة أو الاحتيال أو الإكراه الذي يمارس على ذلك الشخص من قبل شخص آخر لأداء خدمة لسيد أو البقاء في تلك الخدمة هو العامل المحدد للاتجار بالبشر وفقا للاستخدام الحديث لذلك التعبير. والشخص الذي يقع في شرك خدمة بالإكراه بعد الهجرة التطوعية أو قبول وظيفة بإرادته يعتبر ضحية للاتجار بالبشر.

والطفل الذي يبيعه والداه لصاحب فرن للطوب يقع في ضواحي قريته الهندية الريفية هو ضحية للاتجار بالبشر. وكذا الرجل المكسيكي الذي يهاجر إلى الولايات المتحدة بصورة قانونية أو غير قانونية ثم يهدد ويضرب من قبل رئيسه في العمل الزراعي لكي يمنعه من ترك عمله.

وتواصل الحكومة الأميركية تعلم المزيد عن مدى وطبيعة الاتجار بالبشر. وقد حاولنا في هذا التقرير أن نشير إلى مجالات تكون فيها المعلومات قليلة جدا وأن نثير قضايا تستحق المزيد من البحث والتحقيق. وبموجب هذه الشروط، يمثل تقرير الاتجار بالبشر نظرة عالمية جديدة على طبيعة ونطاق العبودية الحديثة والمدى الواسع للإجراءات التي يتم اتخاذها من قبل الحكومات حول العالم في حملة القضاء على الاتجار بالبشر.

تعريف الاتجار بالبشر

يعرّف بروتوكول الأمم المتحدة لمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالبشر، وخاصة النساء والأطفال (واحد من بروتوكولات باليرمو الثلاثة) الاتجار بالبشر كما يلي:

تجنيد أو نقل أو تحويل أو إيواء أو استلام الأشخاص عن طريق التهديد أو استخدام القوة أو أي نوع من أنواع الإكراه، أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو إساءة استخدام القوة أو استغلال موقف ضعف أو إعطاء أو تلقي دفعات أو فوائد للحصول على موافقة شخص يتمتع بالسيطرة على شخص آخر بهدف الاستغلال. وسيشتمل الاستغلال، في حد أدنى، على استغلال الآخرين في الدعارة أو الأشكال الأخرى من الاستغلال الجنسي أو العمالة أو الخدمات القسرية أو العبودية أو ممارسات مشابهة للعبودية أو العمل بالإكراه أو نقل الأعضاء. وتسيء دول كثيرة فهم هذا التعريف، متجاوزة الاتجار الداخلي بالبشر أو أشكالا من الاتجار بالعمال في تشريعاتها الوطنية، وتفشل في كثير من الأحيان في التمييز بين الاتجار بالبشر والهجرة غير القانونية. وكثيرا ما تحذف في تفسيرات هذا التعريف العمالة الإجبارية، وهي نوع من الاتجار بالبشر لا يتطلب الانتقال. ويعرّف قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر "الأشكال الصارمة للاتجار بالبشر" كما يلي:

أ- الاتجار بالجنس الذي يشتمل على عمل جنسي تجاري بالقوة أو الاحتيال أو الإكراه أو الذي يتم فيه إغواء شخص لأداء مثل هذا العمل لم يبلغ الثامنة عشرة سنة من العمر، أو

ب- تجنيد أو إيواء أو نقل أو تزويد أو الحصول على شخص للعمل أو للخدمات عن طريق استخدام القوة أو الاحتيال أو الإكراه بهدف تعريضه للعمالة الإجبارية أو أعمال السخرة أو عبودية الديون أو العبودية.

ولا تتطلب هذه التعريفات أن يتم نقل ضحية الاتجار بالبشر من موقع إلى آخر.

التكاليف البشرية والاجتماعية للاتجار بالبشر

يدفع ضحايا الاتجار بالبشر ثمنا باهظا. وكثيرا ما يكون للضرر السيكولوجي والجسدي، بما في ذلك الإصابة بالأمراض وإعاقة النمو، آثار مستديمة. ويكون استغلال ضحايا الاتجار بالبشر في حالات كثيرة تصاعديا: فالطفل الذي يتم الاتجار به في نوع من العمالة قد تساء معاملته في نوع آخر. ومن الحقائق الوحشية الأخرى لتجارة العبيد الحديثة هي أن ضحاياها كثيرا ما يشترون ويباعون مرارا عديدة، وكثيرا ما يباعون لأول مرة من قبل أعضاء أسرهم.

وقد يتم إخضاع الضحايا الذين يجبرون على العبودية الجنسية باستعمال المخدرات وإخضاعهم للعنف الشديد. ويواجه ضحايا الاتجار للاستغلال الجنسي ضررا جسديا وعاطفيا من النشاط الجنسي المفروض بالإكراه وتعاطي المخدرات بالإكراه والتعرض للأمراض الجنسية بما في ذلك فيروس فقد المناعة/ الإيدز. ويعاني بعض الضحايا من إصابة أعضائهم التناسلية بضرر دائم. وحين يتم الاتجار بالضحية ونقله إلى موقع حيث لا يستطيع هو أو هي التحدث أو فهم اللغة، فإن ذلك يعقّد الضرر السيكولوجي الناجم عن الانعزال وعن سيطرة المتاجرين بالبشر.

الهند: شادر صبي في الخامسة عشرة سنة من العمر عرضت عليه وظيفة شملت ملابس جيدة وتعليما، فقبل العرض. وبدلا من أن يعطى وظيفة تم بيعه لتاجر عبيد نقله إلى قرية بعيدة في الهند لإنتاج سجاد يحاك باليد. وكثيرا ما كان يتعرض للضرب. وعمل لمدة 12 إلى 14 ساعة في اليوم وكان يقدّم له القليل من الطعام. وتم إنقاذ شادر ذات يوم من قبل منظمة غير حكومية تعمل في محاربة الرق. وتطلب الأمر عدة أيام قبل أن يدرك شادر أنه لم يعد عبدا. وعاد إلى قريته والتأم شمله مع والدته واستأنف الذهاب إلى المدرسة. ويحذر شادر أطفال قريته الآن من مخاطر الوقوع ضحية عبودية الأطفال.

بعد حقوق الإنسان

ينتهك الاتجار بالبشر أساسا حق الإنسان العالمي في الحياة والحرية والتحرر من العبودية بجميع أشكالها. وينتهك الاتجار بالأطفال الحق الطبيعي للطفل في أن ينشأ في بيئة محمية والحق في أن يكون حرا من جميع أشكال إساءة المعاملة والاستغلال.

تشجيع الانحلال الاجتماعي. يجعل فقدان شبكات دعم الأسرة والمجتمع ضحايا الاتجار بالبشر معرضين لمطالب وتهديدات المتاجرين بالبشر، ويسهم بوسائل متعددة في انهيار الهياكل الاجتماعية. وينتزع الاتجار بالبشر الأطفال من آبائهم وأسرهم الأكبر. وتسمح الأرباح من الاتجار بالبشر لهذه الممارسة بالتأصل في مجتمع معين يستغل مرارا كمصدر جاهز للضحايا. ويمكن لخطر تحول الشخص إلى ضحية للاتجار بالبشر أن يحمل مجموعات معرضة للخطر كالأطفال والشابات على الاختفاء، مما يؤدي إلى آثار سيئة على ذهابهم إلى المدارس أو بنيان أسرهم. ويقلص فقدان التعليم الفرص الاقتصادية لمستقبل الضحايا ويزيد من تعرضهم لإعادة الاتجار بهم في المستقبل. وكثيرا ما يجد الضحايا القادرون على العودة إلى مجتمعاتهم أنفسهم موصومين بالعار أو منبوذين. ويحتاج التعافي من الصدمة والألم، إذا ما حدث بالفعل، إلى الحياة بطولها.

دعم الجريمة المنظمة

تدعم الأرباح المجنيّة من الاتجار بالبشر غيره من النشاطات الإجرامية. ووفقا لمكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي فإن الاتجار بالبشر ينتج دخلا سنويا يقدّر بحوالي 9.5 بليون دولار. وهو مرتبط ارتباطا وثيقا بغسل الأموال وتهريب المخدرات وتزوير الوثائق وتهريب الأشخاص.

حيث تزدهر الجريمة المنظمة تقوّض وتضعف الحكومات وحكم القانون

للاتجار بالبشر أثر سلبي على أسواق العمالة، ويسهم في فقدان لا يعوض للموارد البشرية. وتشمل بعض آثار الاتجار بالبشر تخفيض الأجور والحد من عدد الأفراد الباقين لرعاية عدد متزايد من الأشخاص المسنين، وجيلا قليل التعليم. وتؤدي هذه الآثار إلى خسارة في الإنتاجية المستقبلية وقوة الدخل. ويمكن لإرغام الأطفال على العمل الذي يحرمهم من الحصول على التعليم أن يعزز دائرة الفقر والأمية التي تعوق التنمية القومية. وحين تشمل العمالة القسرية وعمالة السخرة قطاعا كبيرا من سكان البلاد فإن هذا النوع من الاتجار بالبشر يعوق تنمية البلاد، حيث أن جيلا بعد جيل من هؤلاء الضحايا يظلون غارقين في الفقر.

تكاليف الصحة العامة

كثيرا ما يتحمل ضحايا الاتجار بالبشر أوضاعا تؤدي إلى صدمات جسدية وجنسية وسيكولوجية. وكثيرا ما تكون الالتهابات المنقولة جنسيا ومرض التهاب الحوض وفيروس نقص المناعة/ الإيدز نتيجة للاستخدام في الدعارة. كما أن القلق والأرق والاكتئاب واضطراب التوتر الناتج عن الصدمة من المظاهر السيكولوجية المألوفة بين ضحايا الاتجار بالبشر. وتنمّي الأوضاع المعيشية غير الصحية والمزدحمة المصحوبة بسوء التغذية طائفة منوعة من الأوضاع الصحية السيئة كالجرب والسل وغيرهما من الأمراض المعدية. ويتحمل أسوأ الإساءات عادة الأطفال الذين تسهل السيطرة عليهم وإجبارهم على العمل في الخدمة المنزلية والنزاعات المسلحة وغير ذلك من أشكال العمل المحفوفة بالمخاطر.

تراجع سلطة الحكومة

تناضل حكومات عديدة لممارسة سلطة التطبيق الكامل للقانون على أراضيها القومية، وخاصة حيث يسود الفساد. ويمكن للنزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية والصراعات السياسية والعرقية أن تؤدي إلى وجود أعداد كبيرة من الأشخاص النازحين داخل البلاد، الذين قد يكونون معرضين للاتجار بالبشر. كما أن عمليات الاتجار بالبشر تقوّض جهود الحكومات لفرض سلطتها، مما يهدد أمن السكان المعرضين للخطر. وهناك حكومات كثيرة غير قادرة على حماية النساء والأطفال المخطوفين من منازلهم ومدارسهم أو من مخيمات اللاجئين. وبالإضافة إلى ذلك فإن الرشاوى التي تدفع للمسؤولين عن فرض القانون والهجرة والقضاء تعرقل قدرة الحكومة على محاربة الفساد من داخل صفوف الحكومة.

أساليب المتاجرين بالبشر

يستغل تجار العبيد الأشخاص المعرضين للأذى. وكثيرا ما تكون أهدافهم الأطفال والشابات، كما أن حيلهم مبتكرة وعديمة الرأفة ومصممة لخداع وإكراه وكسب ثقة الضحايا المحتملين. وكثيرا ما تشتمل هذه الحيل على وعود بالزواج أو التوظيف أو فرص التعليم أو تحسين مستوى الحياة.

ففي غرب إفريقيا، مثلا، قد يظهر متاجر بالبشر كتاجر ناجح في المنطقة يقنع والدي طفل بأنه سيدرب الولد أو البنت في مهنة قيّمة في المدينة الكبيرة بالبلاد. وعندما يبتعد المتاجر بالبشر عن قرية الطفل يبيع الأولاد لعصابة ترسل الأطفال إلى دولة مجاورة لممارسة عمل مجهد في مقلع أحجار. وترسل البنات إلى بيت للدعارة في العاصمة. وقد يعود المتاجر بالبشر إلى نفس القرية، مطمئنا جميع الآباء بأن أطفالهم يلقون عناية جيدة في المدينة الكبيرة قبل أن ينتقل لاستغلال قرية أخرى.

وفي بنغلاديش قد يعرض رجل عربي من الخليج تبني وتدريب واحد من عشرة أطفال في أسرة فقيرة. ويعد الأبوان ببعض مداخيل الولد بعد أن يبدأ العمل في دولة خليجية. إلا أن "عمل" الولد هو حياة العذاب التي يتعرض لها جوكي الجمال. وهو يتضور جوعا للمحافظة على انخفاض وزنه ويتعرض لسوء المعاملة لكي يبقى تحت سيطرة مدير مزرعة الجمال.

وفي شمالي أوغندا، يصبح متمردو قوة إرهابية -- متمردة هي جيش مقاومة للرب متاجرين بالبشر حين يختطفون الأطفال الصغار من القرى للعمل كجنود وعبيد للجنس. ويستغل المتاجرون بالبشر في المناطق الريفية بأميركا اللاتينية الفتيات المراهقات المعرضات للأذى اللواتي يرغبن في الانتقال إلى المدن الكبيرة ويعرضون عليهن وظائف تتحوّل إلى حياة جهنمية في الدعارة بعد أن ينفصلن عن أسرهن ويجدن أنفسهن في مدينة غير مألوفة حيث يمكن للمتاجر بالبشر أن يقوم باستغلالهن.

وفي أمستردام، تلتقي ابنة زوجين أوكرانيين في الخامسة عشرة سنة من العمر "عاشقا" مغربيا يعيرها الكثير من الاهتمام ويغرقها بالهدايا. وسرعان ما تثق به وتعتبره شريكها. ويقنعها بالانتقال معه إلى لاهاي حيث يكون كل شيء على ما يرام لبعض الوقت. ثم يبدأ بإكراهها على ممارسة نشاطات جنسية تجارية مع زبائن يحددهم لها، ويصبح قوادها ومتاجرا بالبشر. وفي كمبوديا، تشجع شابة من قبل "عمة" كبيرة في السن على السفر إلى ماليزيا للعمل كخادمة في منزل. وتنظم العمة الحصول على تأشيرة ماليزية قانونية عن طريق الادعاء المزيف بتبنيها للعمل، إلا أن جواز سفر الفتاة وغيره من وثائق السفر تحتجز حال وصولها إلى ماليزيا وترغم على الرقص شبه عارية في ناد وتقدم خدمة جنسية لأي زبون يطلب منها ذلك. وتكون العمة عندئذ قد اختفت.

الأسباب الكثيرة للاتجار بالبشر

إن أسباب الاتجار بالبشر معقدة وكثيرا ما تعزز بعضها البعض. وعند النظر إلى الاتجار بالبشر كسوق عالمي فإن الضحايا يشكلون العرض ويمثل أرباب العمل المسيئون أو المستغلون للجنس (يعرفون أيضا بمشتري الجنس) الطلب. ويشجع عرض الضحايا من قبل عدد من العوامل، بما فيها الفقر وجاذبية مستويات معيشة متصورة أفضل في مكان آخر، وعدم توفر فرص العمل، والجريمة المنظمة، والعنف ضد النساء والأطفال، والتفرقة ضد النساء، والفساد الحكومي، وعدم الاستقرار السياسي، والنزاعات المسلحة. كما أن تقليد الأسر البديلة في بعض المجتمعات يسمح بإرسال الطفل الثالث أو الرابع ليعيش ويعمل في مركز حضري مع عضو في الأسرة الممتدة (كثيرا ما يكون "عمّا") مقابل التعهد بتعليم الطفل وتدريبه في مهنة. وكثيرا ما يستغل المتاجرون بالبشر هذا التقليد بالتظاهر بأنهم وكلاء توظيف ويغرون الآباء بالافتراق عن طفل ثم يتاجرون بالطفل للعمل في الدعارة والخدمة في العمالة الإجبارية في المنازل أو في عمل تجاري. وفي النهاية تتلقى الأسرة القليل من التحويلات المالية أو لا تتلقى شيئا على الإطلاق، ويبقى الطفل بدون مدرسة أو تدريب ومنفصلا عن أسرته أو أسرتها ولا تتحقق الفرص التعليمية والاقتصادية الموعودة. وعلى جانب الطلب، تشتمل العوامل التي تدفع الاتجار بالبشر على صناعة الجنس والطلب المتزايد للعمالة المستغلة. وقد أصبحت السياحة الجنسية والمواد الإباحية المتعلقة بالأطفال صناعات عالمية الانتشار، تسهّلها التكنولوجيات الحديثة كالإنترنت التي توسع الخيارات المتوفرة "للمستهلكين" وتسمح بمداولات فورية ولا يمكن الكشف عنها تقريبا. ويدفع الاتجار بالبشر أيضا الطلب العالمي للعمالة غير القانونية الرخيصة المعرضة للخطر. فمثلا، هناك طلب كبير في بعض الدول المزدهرة اقتصاديا في آسيا والخليج لخدم في المنازل ممن يقعون أحيانا ضحايا للاستغلال أو العمالة الإجبارية. وقد أصبح مصدر جديد لطلب الشابات كعرائس وكجاريات باديا للعيان في تايوان، حيث يستورد الرجال المحليون نساء فيتناميات كزوجات بمعدل قياسي. وتعتقد كثير من النساء الفيتناميات أنهن سيجدن زوجا حقيقيا وحياة أفضل في تايوان، ولكن يتم بيعهن للعمل في الدعارة بعد فترة وجيزة من "زواجهن" وحصولهن على الإقامة القانونية في تايوان.

ويأتي مصدر مشابه لطلب الاتجار بالشابات نتيجة الفجوات المتزايدة في الجنس بين الذكور والإناث في المناطق المزدحمة بالسكان في الهند والصين. وتعزى هذه الفجوة في الصين جزئيا إلى سياسة الطفل الواحد، في حين أنها تعزى في الهند إلى الاعتقاد بأن الطفلة تشكل عبئا اقتصاديا. وتفيد التقارير بأنه يتم الاتجار بالبنات والنساء الأجنبيات من بورما وكوريا الشمالية وروسيا وفيتنام ونقلهن إلى الصين كعرائس وجاريات ومومسات بالإكراه. وتتحدث مصادر في الهند عن وجود نمط مشابه، وهو الاتجار بالبنات من ولايتي البنغال الغربية وأسام ونقلهن إلى ولايتي البنجاب وهاريانا الأكثر ازدهارا واللتين تعانيان من واحدة من أكثر حالات الفجوة بين الذكور والإناث.

استراتيجيات فعالة لمحاربة الاتجار بالبشر

لكي تكون استراتيجيات محاربة الاتجار بالبشر فعالة، فيجب أن تستهدف كلا من جانب العرض، أي المتاجرين بالبشر، وجانب الطلب في هذه الظاهرة القبيحة، أي أرباب العمل، في حالة الاتجار بالبشر للاستغلال الجنسي، أو مشتري الجنس.

وعلى جانب العرض، يجب التعامل مع الأوضاع التي تدفع الاتجار بالبشر عن طريق برامج تنبه المجتمعات إلى مخاطر الاتجار بالبشر، وتحسن وتوسع الفرص التعليمية والاقتصادية للجماعات المعرضة للخطر، وتشجع تكافؤ الحصول على التعليم، وتثقف الناس فيما يتعلق بحقوقهم القانونية، وتخلق فرص حياة أفضل وأوسع.

وفيما يتعلق بالمتاجرين بالبشر، يتعين على سلطات تطبيق القانون أن تقاضي بصرامة المتاجرين بالبشر والأشخاص الذين يساعدونهم ويحرضونهم، وأن يحاربوا الفساد العام الذي يسهّل ويربح من ذلك الاتجار، وأن يعرّفوا ويحظروا طرق الاتجار بالبشر عن طريق تحسين جمع المعلومات الاستخباراتية والتنسيق، وأن يوضحوا التعريفات القانونية للاتجار بالبشر وينسقوا مسؤوليات تطبيق القانون، وأن يدربوا الموظفين لتعريف وتوجيه ضحايا الاتجار بالبشر للحصول على الرعاية المناسبة.

أما على جانب الطلب، فيجب تعريف ومقاضاة الأشخاص الذين يستغلون الأشخاص الذين يتم الاتجار بهم. ويجب تسمية أرباب العمالة القسرية ومستغلي الضحايا الذين يتم الاتجار بهم للاستغلال الجنسي وإشعارهم بالعار. وفيما يتعلق بالعبودية الجنسية، يجب شن حملات لزيادة التوعية في دول المقصد لزيادة صعوبة إخفاء أو تجاهل الاتجار بالبشر. ويجب إنقاذ الضحايا من أوضاع العبودية في العيش والعمل، والتأهيل وإعادة الإندماج في أسرهم ومجتمعاتهم.

ويجب تنسيق البرامج المحلية والمتعلقة بالولايات والبرامج القومية والإقليمية لمحاربة الاتجار بالبشر. وبوسع الحكومات، عن طريق توجيه الانتباه العام للمشكلة، الحصول على دعم الجمهور في الحرب ضد الاتجار بالبشر. وتعد استراتيجيات وبرامج محاربة الاتجار بالبشر التي توضع بإسهام من المؤسسات المعنية (المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية) هي الأكثر فعالية والأكثر فرصة للنجاح، حيث أنها تلقي نظرة شاملة على المشكلة. وسوف يؤثر التنسيق والتعاون، سواء كان قوميا أو ثنائيا أو إقليميا، على جهود الدولة ويساعد في تبرير تخصيص الموارد. ويتعين على الدول أن تعزز تعاونها لحرمان المتاجرين بالبشر من الحماية القانونية وتسهيل تسليمهم ومقاضاتهم. ويجب أن يهدف مثل هذا التعاون إلى تسهيل العودة التطوعية والإنسانية للضحايا. ويجب تحسين المعرفة المتعلقة بالاتجار بالبشر بصورة مستمرة، ويجب تعزيز شبكة منظمات وجهود محاربة الاتجار بالبشر. وهناك حاجة إلى تعبئة المؤسسات الدينية والمنظمات غير الحكومية والمدارس والمؤسسات والزعماء التقليديين والحصول على دعمها لهذا الكفاح. كما أن الضحايا وأسرهم من المعنيين المهمين في المعركة ضد الاتجار بالبشر. وتحتاج الحكومات إلى إعادة تقييم استراتيجياتها وبرامجها المتعلقة بمكافحة الاتجار بالبشر للتأكد من استمرار فعاليتها لمواجهة الأساليب والوسائل الجديدة التي يستخدمها المتاجرون بالبشر.

وأخيرا، يجب على المسؤولين الحكوميين أن يكونوا مدربين على تكنيكات وأساليب مكافحة الاتجار بالبشر، كما يجب مراقبة تدفقات الاتجار بالبشر واتجاهاتها عن كثب لتحسين فهم طبيعة وحجم المشكلة لكي يتم وضع ردود السياسات الملائمة لمعالجة مشكلة الاتجار بالبشر.

المزيد عن تقرير الاتجار بالبشر للعام 2005

إن تقرير الاتجار بالبشر هو أكثر تقرير شامل عالمي النطاق يتعلق بجهود الحكومات لمحاربة الأشكال الشديدة للاتجار بالبشر. ويغطي التقرير الفترة من شهر نيسان/ إبريل 2004 إلى آذار/ مارس 2005.

شبكة النبأ المعلوماتية - الأحد 5/ حزيران/2005 - 26/ ربيع الثاني/1426