عود على بدء فلا بد من الاعتراف أن المجتمعات العربية تعاني من جراء
بعض شؤونها واهتماماتها وظروفها من فتنة فعلية لكنها لم تصل إلى حد
التناحر الاجتماعي وإنما يعلو عودها متنامياً في التفرقة حتى ليكاد
القول أن يعتبر واقعاً إذا ما قيل أن مرحلة من الانحطاط في العلاقات
المجتمعية أخذت تأخذ فعلها في الساحات العربية وبصورة غير معلنة.
فبسبب انشغالات الحياة وحصارات السياسة وملعنات النفوذ السلبي فيها
خلق كل ذلك طعنات في المشاعر ففي رحال الرأي أصبح هناك من يتجرأ على
وصف المواطن العربي في بلد عربي معين على كونه (ويشير إلى جنسيته) وكأن
في ثبات مواطنته وانتماؤه إلى البلد المعين هو خلل في أصل تركيبته ومثل
هذا الكلام بما فيه من التعميم يضر كثيراً بين أبناء الناطقين بلغة (الضاد).
ولا بأس من الإشارة أن شرائح اجتماعية متخلفة في عالمنا العربي
والإسلامي أضحت تكيل كلام تقليل الشأن لأبناء بلد معين أكثر من غيره
وبدون حتى مقدمات أحياناً ومثل هذه الكلام الذي يطلق ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ بصور (التقسيط)
حيث يظهر بين حين وآخر من بينهم مجتمع حضاري ما بالقصور ولم يظهر من
حملة مثل هذه الآراء أنهم يتكلمون عن ظواهر ذات طابع شخصي متخلف أكثر
مما هو طابع اجتماعي عام.
وما يفوت مطلقي الفتنة الهادئة (إذا جاز التعبير بذا) أن هناك من
يتقول بأقاويله ومحوره الجهل أو شبه الجهل بالأمور إذ بات توسيع قاعدة
انتشار الجهل بالحقائق مداه غير مقبول. وفي الجانب الثاني من الفتنة
الهادئة فيما بين المجتمعات العربية ما يمكن الجهل أن وراء كل
الانطباعات التي تبعد الناس القرب في مجتمعاتهم عن أشقائهم في
المجتمعات العربية المماثلة حالة من (الإثراء) لكبار مروجي الفتن
الهادئة.
وبسبب مشاكل كثيرة أو قليلة وقعت في العالم العربي ودوله العديدة
فقد تقهقرت مسألة التضامن العربي على مستوى المجتمعات العربية العادية
بين بلد وآخر مما يستدعي محاصرة كل طرح سلبي مسبق عن العربي الآخر من
أجل تكامل الشخصية العربية على أقل تقدير.. فالمجتمعات العربية هي
منظومات تجمعها لغة القرآن الكريم (اللغة العربية) ثم المصير الواحد
بحسب بعض التقديرات التاريخية.
إن الاعتماد على الأسلوب الواقعي باتجاه استقراء بعض التقديرات
السلبية عن الآخر (بصورة عامة) يقضي من العرب (أفراد وجماعات) الانتباه
من أتباع الكلام اللامسؤول الذي يسيء للأواصر العربية الإيجابية وبهذا
الصدد لا يتغير أي مجتمع أوتوماتيكياً نحو الهدى إلا بقدر إبداعه في
المقدرة على أن تكون البداية من الإيمان بضرورة أن تكون نقطة الانطلاق
من داخل النفس.
لقد لعبت السياسة السلبية الملعونة بمشاعر المجتمعات العربية وخلقت
فيما بينهم أتباع مجانيون لشق الصفوف والإساءة لمن يستحق المديح والمدح
لمن يستحق الإساءة كمساهمة أجنبية لرفع راية الجهل والجهالة والفتن
الهادئة في العالم العربي. |