تبدي السياسة السعودية ارتياحها وتستعيد حضورها الخارجي والعربي بعد
أن اجتازت بنجاح مرحلتي حصارها الخارجي وتهديد أمنها الداخلي. ولا يخفى
أن أحداث (11) أيلول أنتجت الحصار والتهديد خصوصاً بعد تبين مشاركة عدد
من ذوي الجنسية السعودية فيها، فألقى ذلك بظلاله على العلاقات السعودية
الخارجية وأوضاعها الداخلية في الوقت نفسه. غير أن زيارات الأمير عبد
الله ولي العهد السعودي العربية والدولية الأخرى وقد استعادت حيويتها،
شكلت بداية لحقبة سعودية جديدة تجاوزت مرحلة المواجهة الصعبة وتحفل
اليوم بالتحديات والآمال.
لا يجهل أحد حجم المخاطر التي واجهتها السعودية على مدى الأعوام
الأخيرة التي أعقبت نشاط تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن، ولئن كان
صحيحاً أن أسامة بن لادن هو سعودي الجنسية وأن الكثير من مريديه
وأنصاره من المواطنين السعوديين الذين تم تنظيمهم بتضليلهم، إلا أن
أحداً لا يجهل أيضاً أن أسامة وتنظيمه هما نتاج الحرب الباردة، ثم حرب
أفغانستان الحارة التي قادتها أمريكا ضد الاتحاد السوفيتي فأنتجت
غُلاتها من المقاتلين الإسلاميين المتشددين، ومع ذلك لا يخلو تضلع
المملكة الخاطئ وبشكل عمياني في دعم السلفية المتشددة.
ويؤكد المراقبون أن الزيارة حققت نجاحاً ملحوظاً في كل من باريس
وواشنطن حيث أنجزت في الأولى إرساء قواعد علاقة استراتيجية طويلة المدى
تتصل بعقود التسليح المقبلة التي ستأخذ مكان عقد اليمامة الهائل مع
لندن والموقع في عام (1985) وينتهي عام (2007) وستتولى شركة (سوفريزا)
الفرنسية الإشراف على العقود الجديدة التي ستكون من دولة إلى دولة، أي
من دون وسطاء، وتشمل الصفقة (48) طائرة رافال من صنع داسو، لوزارة
الدفاع على أن يكون التعامل مباشرة بين الوزارة والدولة الفرنسية،
وعقداً آخر مع وزارة الداخلية بقيمة سبعة مليارات دولار لمراقبة الحدود.
وقد لاحظ المراقبون أن زيارة الأمير لواشنطن حققت أغراضها في إعادة
تنشيط العلاقات من خلال زيادة إنتاج النفط الذي أدى فوراً إلى انخفاض
الأسعار، ومن قبل ذلك تلك المواجهات الحاسمة مع الإرهاب التي أكدت جدية
النظام السعودي في مواجهته. |