استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية استغلال مفردة (الإرهاب)
استغلالاً لا مثيل لها وجنت ثمارها من جميع دول العالم خصوصاً باستخدام
حادثة أيلول، ومن الواضح أنها لا تكف عن استثمارها وتشغيلها إلى أقصى
الحدود بغرض الهيمنة الكاملة على الكرة الأرضية، فقد أصبح الإرهاب شعار
الحروب المقبلة بالزعامة الأمريكية.
أما تحليلات نظرائهم الغربيين بإرجاع أسباب الإرهاب عموماً إلى
الفقر أو الكبت السياسي، وكم الأفواه وقمع المعارضين الذين لا يجدون
عندئذ وسيلة للتعبير عن أنفسهم إلا من طريق الانفجار والتفجير،
ويستشهدون لذلك بالثوريين الروس، ذلك أنهم عندما فشلت محاولتهم لدفع
الشعب إلى الثورة وتغيير الوضع القائم فكروا باللجوء إلى طريقة أخرى هي:
الطريقة الإرهابية، وبالتالي فهم لم يكونوا إرهابيين من أجل الإرهاب
وإنما أصبحوا إرهابيين من شدة حبهم للشعب وتعلّقهم بأفكار العدل
والمساواة وكرههم للتفاوت الطبقي الهائل، ونظراً إلى الغايات النبيلة
للحركة الإرهابية، فإن الشعب الروسي تعاطف معها وقدّم لها المعونة أيضاً،
وكذلك النضال الايرلندي من أجل الاستقلال لقي ترحيباً كبيراً في أوساط
اليسار الأوروبي.
فهذه التحليلات لا يرتضيها الأمريكيون فالكاتب الأمريكي المتخصص في
الإرهاب يعتبر إرهاب ما يسميه الحركات المتطرفة والرجعية هو إرهاب
للإرهاب ولا يفترض أي خلفية قيمية وراءه.
وصحيح أن هذا التحليل للإرهاب الذي يمارسه المتطرفون الإسلاميون
يعتبر ناقصاً ومشوهاً لا ينمّ عن سعي عملي لمعالجة الظاهرة، فلا بد
لمعالجتها من فهم حقيقتها وعدم الإنجرار وراء الآلة الإعلامية
والتفسيرات الأمنية الظاهرة المستخفة بالعقول أحياناً.
وكذلك التحليل الأوروبي ناقص فلا يجوز تبرير الإرهاب بأي شكل من
الأشكال، ومن ثم لا يجوز تبرير الأعمال الإرهابية للجماعات الإسلامية
الجاهلة كما في العراق وغيرها من الدول الإسلامية ضد الأبرياء
والمدنيين بتبرير ديني وأخلاقي وإسنادها إلى مبررات واقعية تتعلق
بعدوهم المستهدف وإضفاء صفة الشرعية على أعمالهم فالغاية لا تبرر
الوسيلة في الإسلام.
ومن ناحية أخرى ينبغي ربط ظاهرة التطرف في سياقها الإسلامي بجذورها
التاريخية من جهة وظروف ولادتها المعاصرة من جهة ثانية، وكذلك بحيثيات
المناخ السياسي والفكري، وسيرورة المعرفة الدينية التي تستحضر في خطابي
الإدانة والمشروعية لعمليات العنف الإسلامية، دون التغاضي عن التناقض
الذي يقع فيه المتطرفون في خطابهم الذي يبررون من خلاله أعمال العنف –
فهم من جهة وفي شعاراتهم يستخدمون لغة دينية بحتة فيتحدثون عن المؤمنين
والكافرين بينما نجد في خطاباتهم التبريرية لبعض الأعمال الحديث عن رد
العدوان على بلاد المسلمين وحرمانهم ونهب ثرواتهم مع نفي القصد عن
استهداف الأبرياء من الضحايا الذين سقطوا ضرورة فقدهم للحيلة في طرق
الدفاع عن النفس.
وكيف يبررون قتل العمد لبعض المسلمين بحجة أنهم خارجون عن الملة
ورميهم بالكفر ليس إلا لانتمائهم لطائفة معينة؟ |