يرى كاتب فرنسي أن حرب الخليج التي أنهت احتلال العراق للكويت عام
1991 توجت خمسة قرون مما وصفه بالتوسع الرأسمالي العالمي كما أنهت
إمكانية قيام عالم متعدد الأقطاب ولكنه قال ان الفرصة لاتزال مواتية
لتشكل عولمة بديلة.
وقال كريستوف أجيتون في كتابه (العالم لنا.. العولمة الليبرالية
والحركات الاجتماعية المناهضة لها) ان الفترة القصيرة التي لا تتجاوز
عامين بين سقوط جدار برلين عام 1989 وحرب الخليج عام 1991 كانت فرصة
لإعادة تنظيم العالم حيث مثلت تلك الحرب "نهاية الأوهام حول إمكانيات
قيام عالم متعدد الأقطاب."
وترجم الكتاب الى العربية المصري طارق كامل وراجعته دينا حشمت وصدر
هذا الاسبوع عن دار ميريت بالقاهرة في 230 صفحة من القطع الكبير.
وذكر أجيتون الذي يعد أحد زعماء حركة أتاك المنادية بعولمة بديلة أن
العولمة عمرها خمسة قرون باعتبارها "تاريخ التوسع العالمي للرأسمالية
وبوجه خاص الرأسمالية الاوروبية."
وتأسست حركة أتاك في فرنسا عام 1998 "وشاركت في كل عمليات التعبئة
ضد منظمة التجارة العالمية" في ظرف عالمي قال المؤلف انه يشهد انتعاش
وعي معاد للرأسمالية.
وأضاف أجيتون أنه "لم يكن من الممكن استعادة حرية الفعل التي
أثبتتها حرب الخليج (1991) دون حدوث ما يشبه نصرا على الاتحاد السوفيتي...
الصراع سمح بشكل خاص بعودة واضحة للقوة الامريكية كما سمح باستغلال تلك
الحقيقة في القيادة العملية لشؤون العالم سياسية كانت أو اقتصادية.
وتعتمد الولايات المتحدة بشكل خاص على زعامتها العسكرية والسياسية
لتعيد انعاش اقتصادها وبالطبع كانت صناعة التسليح هي المستفيد الاول
فالممالك النفطية تحصل على الفور على على تجهيزات عسكرية (صنعت في
أمريكا)."
وذكر أن بعض الحركات الاجتماعية في أكثر من دولة أعادت في السنوات
الأخيرة تشكيل نفسها وتسهم "في إفشال مؤسسات دولية كبرى على غرار منظمة
التجارة العالمية على الاقل لفترة معينة" مستندا الى ما أطلق عليه
انتعاش الاحتجاجات العالمية متمثلة في تطوير نقابات وتكوين منظمات
جديدة.
وسجل الكتاب احتجاجات شهدتها السنوات الماضية في أكثر من دولة رفضا
لتوجهات العولمة منها مظاهرات في نوفمبر تشرين الثاني 1999 بمدينة
سياتل بالولايات المتحدة حيث حاصر المتظاهرون مركز المؤتمرات الذي كان
من المقرر أن تعقد به الجمعية العمومية لمنظمة التجارة العالمية.
وتكررت الاحتجاجات بعد أربعة أشهر في ابريل نيسان 2000 في العاصمة
واشنطن "وكان الدافع للاحتجاج هنا هو اجتماع غامض سمي باجتماع الربيع
لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وهما مؤسستان ماليتان غير مفهومتين
بشكل كبير لدى الجمهور الواسع."
كما تحدث عن مظاهرات في كيبيك بكندا ضد انعقاد قمة لقارات أمريكا
وتلتها مظاهرة جنوة بايطاليا في يوليو تموز 2001 "وهي المظاهرة التي
كانت تعكس قفزة كمية ونوعية حيث تمثل بداية اتحاد 300 ألف شخص بالرغم
من العنف البوليسي واغلاق المحطات والمطارات تأكيدا على رفض كبير من
الرأي العام لآثار العولمة.
"الحضور المادي لهؤلاء المتظاهرين لعب دورا مؤثرا على الاحداث
التالية. كانت جنوة بمثابة قوة دافعة هائلة أتاحت الفرصة لانطلاق سلسلة
من عمليات التعبئة في ايطاليا."
وقال أجيتون ان من وصفهم بمناضلي السلام ومناضلي جيل سياتل وجنوة
يطورون شكلا جيدا من التدخل الايجابي الذي يهدف الى "إدانة الاعتداءات
والرفض الواضح للتدخلات العسكرية للولايات المتحدة وللقوى العظمى
ولعسكرة العالم."
وأشار الى مشاركة الاف من الذين وصفهم بالمناضلين ضمن بعثات "الدروع
البشرية المتجهة الى فلسطين وأظهروا نوعا من المسؤولية الدولية التي
يعرفها كل مكان في العالم.
"وبشكل مواز لذلك الالتزام في مناطق الصراع تم الاعداد لتعبئة في
غاية الاهمية ضد الحرب على العراق. أكثر من مئة ألف متظاهر في الولايات
المتحدة وقرب 400 ألف في لندن. لم يحدث أبدا أن تم خلق حالة من التعبئة
ضد الحرب بمثل ذلك الاتساع من قبل. فقد كانت تلزم سنوات وسنوات في
فرنسا وفي الولايات المتحدة لكي يتم إنشاء حركة ضد حروب الجزائر أو
فيتنام."
وشنت الولايات المتحدة الحرب على العراق في مارس اذار 2003 وأسقطت
نظام رئيسه صدام حسين باحتلال بغداد في التاسع من ابريل نيسان من العام
نفسه. |