في الأول من أيار من كل عام تحي الطبقة العاملة في كل أرجاء
المعمورة يومها العالمي الذي خصص تخليداً لشهداء الطبقة العاملة،
وتقديراً لدورها المتعاظم في بناء الأوطان، وتجسيداً لوحدة قضاياها
وهمومها ونضالها المشترك في وجه كافة أشكال الظلم والاستغلال المتوحش
للرأسمالية العالمية، وتواصل الطبقة العاملة من خلال قيادتها غير
المرتبطة مالياً ومصلحياً بالحكومات نضالها من اجل تحسين ظروف العمال
وشروط معيشتهم وتخفيض عدد ساعات العمل ورفع الأجور وتامين العمال من
أخطار ممارسة المهن المختلفة، ومن اجل إقرار قوانين عمل محترمة تكفل
للعمال كرامتهم وحقوقهم المختلفة.
ويخوض عمال فلسطين كفاحاً من اجل الحصول علي العمل نفسه الذي يقيهم
خطر الجوع والحرمان بعد الازدياد الخطير والواضح في أعداد العاطلين عن
العمل ليسجل اعلي النسب عالمياً حسب التقارير الدولية في هذا المجال،
ويرفعوا صوتهم عالياً أمام صناع القرار الفلسطيني ليدفعوا عنهم بلاء
هذا الغول المستشرس المسمي بالبطالة، والذي بات يهدد الآلاف منهم
بالتشرد والضياع في ظل معركتين يتميزون فيهما علي غير عادة عمال العالم
في معاركهم، فمعركة عمال فلسطين الأولي هي معركة شعبهم الساعي نحو
التحرر والاستقلال من احتلال لا يرحم شيخاً أو طفلاً ولا حجراً أو شجراً،
ويتصدون فيها لكافة أشكال القمع والقتل والتنكيل الإذلال اليومي في
القرى والمدن والمخيمات الفلسطينية، وعلي المعابر والحواجز العسكرية
ويتصدون لسياسات العقاب الجماعي والإغلاق المفروض والمتواصل منذ بداية
الانتفاضة وما نتج عنه من حرمان غالبية العمال من التوجه إلي أماكن
عملهم داخل الخط الأخضر "الأراضي المحتلة عام 1948" ليصبحوا بلا عمل.
ومعركتهم الثانية هي فلسطينية داخلية تتعلق بضرورة حل مشكلة البطالة
المتفاقمة والمتزايدة، ومن اجل إقرار قوانين وتشريعات محترمة للعمل
وللضمان الاجتماعي تؤمن العامل الفلسطيني من قسوة الحياة وظلمها،
قوانين تساعدهم علي تأمين حقوقهم في العلاج والتعليم وفي العيش الكريم،
كذلك من اجل مؤسسات نقابية حقيقية ومنتخبة تتبني قضاياهم وتدافع عنها
بجرأة أمام صناع القرار ومقرري السياسات وواضعي الموازنات المالية
اللذين اسقطوا عن بنود موازناتهم وسياساتهم احتياجات العمال والفلاحين
وكرسوا جلّ اهتمامهم بالأمن وأجهزته المختلفة!
معركتين كبيرتين ضد الفقر والاضطهاد يخوض غمارهما عمال فلسطين
ويدفعون فيهما ثمناً باهضاً في ملحمة كفاحية تستدعي من جميع الشرفاء
والمدافعين عن الحقوق، وصناع الرأي والسياسة للالتفات الضميري نحو هذه
الطبقة الآملة بالخلاص من القهر والفقر والطامحة في تحقيق المستقبل
الآمن لها ولأسرها.
الأول من أيار لهذا العام محطة مهمة لتوحيد الجهود الوطنية
الفلسطينية لوضع خطة وطنية كفيلة باستيعاب آلاف العاطلين عن العمل في
منشآت صناعية منتجة، ولإعادة النظر في الموازنات المالية لتعطي أولوية
قصوى لهذا الجيش الذي فقد أماكن عمله داخل الخط الأخضر ولتخصيص جزءاً
كبيراً من أموال المنح والتبرعات الدولية والعربية لصالح العمال، ومن
اجل توجيه نداء دولي لإغاثة عمال فلسطين ولإنقاذهم من خطر تردي أوضاعهم
المعيشية بسبب البطالة القاتلة، وهو محفز للجميع بضرورة التوجه إلي
منظمة العمل الدولية ومنظمات حقوق الإنسان ليسألوهم إن كان قد تبقي
لعمال فلسطين أي حقوق؟ وان كانت الطبقة العاملة الفلسطينية مشمولة بحق
العمل وحق الحياة أم خارجة عن إطار المواصفات العالمية لتصنيف العمال؟
شكل الأول من أيار في فلسطين غريباً، لا يشبه شكلاً في أي بقعة من
بقاع الأرض، وبلون آخر فيه شيء من السواد يشبه الدم المحروق بنار ظلمين
معاً، وفيه طعم المرار ورائحة البارود، ويزداد معه عمال فلسطين ولجانها
المستقلة إصراراً علي إعادة الدم إلي لونه الطبيعي، والي إعادة فجر
مجدهم من جديد عبر حركة دءوبة وموحدة في رحلة انتزاع الحقوق، كما انه
محفزاً هاماً لهم نحو إنشاء حركة تضامن عمالية دولية مع الطبقة العاملة
الفلسطينية وداعمة لكفاحها المطلبي والتحرري. |