حصل ما كان يحذره إدارة المخابرات الأمريكية المركزية من تحولات
إقليمية من شأنها أن تبدل النظام العالمي حيث اتفق الجانبان الصيني
والهندي على تسوية الخلاف الحدودي بين هذين البلدين العملاقين بناء
لوثيقة تحدّد المبادئ الكبرى لترسيم تلك الحدود، كما قررا تشكيل ما
وصفوه بالشراكة الاقتصادية للسلام والازدهار.
وقد أثار هذا الاتفاق قلقاً في آسيا وللعالم باعتبار أن الدولتين
هما الأكبر حجماً في آسيا وربما في العالم، الأمر الذي يجعل اتفاقهما
خطوة ذات تأثير إقليمي وعالمي.
وجاءت الاتفاقات بعد محادثات أجراها رئيس الوزراء الصيني وين جياباو
خلال زيارته الهند رسمياً مع نظيره الهندي مانموهان سينغ في نيودلهي.
وكان البلدان خاضا حرباً حدودية قصيرة وعنيفة عام (1962) عطلت ترسيم
الحدود.
وأكد رئيس وزراء الصين أن جسراً رمزياً للصداقة يجري بناؤه بين
البلدين باتفاق على خطة خمسية للتعاون الاقتصادي بينهما. ومن شأن
الاتفاق بين هذين البلدين العملاقين اللذين يضمان ثلث سكان الكوكب
تبديل خريطة الأسواق والمراكز الصناعية الدولية العالمية حسب خبراء
مختصين. حتى أن رئيس وزراء الصين قال: (يستطيع البلدان تبديل صورة
النظام العالمي).
ومن قبله أيضاً توسع الاتحاد الأوروبي ليضم 025) دولة وإن كانت هناك
خلافات سطحية إلا أنها في طريقها لوضع الدستور الأوروبي مما يجعل لها
ثقلاً كبيراً في المنظومة الإقليمية ودوراً بارزاً في النظام العالمي.
كما أظهرت استطلاعات الرأي في فرنسا ازدياداً في نسبة المعارضين
للدستور الأوروبي رغم أن فرنسا تعتبر معقل أوروبا واتحادها. فقد أظهر
الاستطلاع الأخير أن (52%) من الفرنسيين يعارضون الدستور وحسب
الاستطلاع فإن التأييد للدستور هبط (12) نقطة خلال أسبوعين. وهذا ولكن
النتيجة قد تكون التأييد للدستور.
وفي الدول الإسلامية والعربية أيضاً هناك تحركات وتنسيقات وتحالفات
استراتيجية بين بعض الدول كسوريا وإيران وتركيا الدول المجاورة لبناء
الثقة وحماية المصالح وغيرها من المؤتمرات والقمم العربية والإفريقية
والإسلامية تطبعاً لحماية الهوية والوجود.
صحيح أن أمريكا تنهج سياسة الاستباق إلى العنف والسيطرة السريعة على
خيرات الأرض وفرض هيمنتها ولكن هذه الخطوة منها قد تنتج مضادات
وتحالفات ضدها أقلها لحماية النفس من الطمع الأمريكي مما قد تفوت الفرص
والمبادرات المفيدة أمام أمريكا وتشكل قوى تستطيع مواجهة أمريكا وهذا
الأمر حتماً لا تريده أمريكا.
إن سياسة اللين ورعاية السلام أفضل لأمريكا كدولة عظمى وأيضاً لكل
الدول الأخرى تبني الصداقات مع أمريكا وتستفيد من خبراتها وتجاربها
العلمية والتكنولوجية المتطورة. |