يبدو ان العراقيين لم يعبأوا كثيرا هذه السنة وربما السنة القادمة
بتاريخ 9/4 او انهم تريثوا واجلوا احتفالهم او نواحهم وبشكل (برغاماتي)
بانتظار ما الذي تفعله الحكومة العراقية المنبثقة من 9/4 نعم هم على
يقين بان في هذا التاريخ سقط صنم العراق لكنهم يتخوفون من وثنية ما قد
تنشىء في الافق فان التداعيات افشلت المتفائلين مثلما الحواسم احبطت
الزاهدين مثلما اجهض السراق البنى التحية للانسان العراقي وعرقلوا
مفاهيم المواطنة عنده بعد ان نهبوا الوطن وتركوه عاريا أمام الناس.
والعراقيون المهاجرون واصدقائهم الانصار المتعاونون واهل الداخل
والخارج واقعون تحت سيطرة قريش بقيادة ( عنيفص ) والفضائيات العربية
متعددة الاهداف والنوايا لانهم يمتلكون ما يحاربون به الوضع الجديد
مستغلين مرحلة التاسيس وشعارات الموت او المصالحة. فقد مرت المناسبه
مرور الكرام ويقول آخرون انها مرت مرور اللئام والعراقيون لم يحسموا
امرهم بعد .. ايبتهجون ام يتظاهرون؟
ايفرحون ام يحزنون ؟ والأصابع البنفسجية التي تغطست بالحبر السري
واخرجت البلاد من سلبية مقيتة ستؤشر مواطن الخلل وستقود معركة التغيير
وستضع بذات الحبر السري النقاط على الحروف وتوزع الحروف حسب أبجديات
الضمائر الحية وليس المستترة او الملثمة، فالبرلمان تشكل وانعقد بعد
الانتخابات بستين يوما وقلنا صبرا جميلا والله المستعان على المتأخرين
والمعرقلين والمتفرجين الا اننا لم نتفق الى الان على 9/4 بعد مرور
سبعمائة وثلاثون يوما ، ولاننا بلد بلا أعياد وطنية وبلا مناسبات
حقيقية وبلا دستور دائم فالمفاهيم ارتحالية والتعاريف انتقالية تخضع
حسب منطق القوة والتمويل والتحالفات والتوافق..
والاحتلال والتحرير كلمتان تكادان تمتزجان في بلادنا العربية ، فاذا
سالتَ احدهم هل كنا قبل 9/4 واقعون تحت الاحتلال ام تحت التحرير ؟ هل
كنا مُحتلين ام مُحررين ؟
انا انصحك ان لا تستمع الى الجواب وتفضيل الانسحاب وعدم سماع
الأجوبة الآن فانها محل الاختلاف والزمان القادم سيحل الإشكال وسيرى
الذين ظلموا الشعب العراقي اي منقلب ينقلبون وعلى أي عذاباته كانوا
يتسترون.. فالشعوب تبتهج باعيادها وتندد بقاتليها وتفتخر بقيادييها وفي
نيسان العراق يقف العراقيون مسلوبي الابتهاج مترددي الموقف فبهذا الشهر
ولد الحزب الشمولي وبه اغتيل شهيدهم الصدر الاول وبه دخلت الدبابات
الامريكية وبه تبخرت القيادة القومية ، والصدمة والرعب مستمرة على قدم
وساق لتغطي المشهد بضبابية كاملة وتبحث عن الشرعية في الزمن اللاشرعي
فهناك حرية في كل شىء حتى في( العلس) والسرقة والرشوة والفساد الاداري
مع انخفاض طفيف في مستوى الجريمة وزيادة ملحوظة في نسبة البطالة
المقنعة وغير المقنعة، والامة التي لا تتفق على تشخيص حكامها الجائرين
سوف تختلف على ابسط الامور التافهة وسوف تنقسم على نفسها اذا قبلت
القسمة ،فان قلتَ جاء المهاجرون على دبابة الانصار الاجنبية فاقول ان
المعارضة في الداخل تصر على ( الخاكي ) خوفا على الاخ يوسف من الضياع
والتشتت ورغبة منها للدخول من باب واحدة بحجة ان الانصار ليسوا انصار
بل محتلين والمهاجرون لم ياتو بدولة ومشروع واضح بعد سقوط ابو سفيان
ومنازعات داحس والغبراء وانهم كانوا مشغولين بتعلم اللغة الانكليزية
وكيف يسقط صدام ،اما ماذا بعد ذلك (فيحلها الف حلال) والحقيقة ان
الداخل يتهم الخارج برفع شعار ( اللي شبكنا يخلصنا).
لم يحسم العراقيون امرهم في 9/4 لهذه السنة ولم ينفع تصوير
الانتخابات الرئاسية بترشيح الدكتور جلال الطلباني رئيسا للعراق
وارسالها الى دكتاتور العراق السابق في المعتقل ولم تنفع بشاعة المقابر
الجماعية في اقناع اهل الخندق بجرائم الاحتلال الوطني طيلة 35 سنه ولم
تنفع (المسيرة المليونية التي تطالب بدم السيد الشهيد محمد باقر الصدر
واخته الشهيدة بنت الهدى على ايدي بطل ( التحرير القومي).
لم تنفع مشاهد حلبجة والانفال وقتل الاطفال بالجملة لادانة السيد
الرئيس المخلوع لان البديل ليس واضحا ولان البديل ديمقراطيا محمول جوا
على حد تعبير احدهم ، تصويت وانتخاب وصندوق اقتراع ودستور دائم
والسياسيين موظفين في ادارة الدولة وذلك يزيد الالتباس التباسا جديدا،
فثقافة الهزيمة مؤسسات كبيرة ومنظومة متناسقة في الانحراف والطغيان
والاستبداد والقتل ومازوشية بمحظ الارادة لا اكراه ولا تكريه ، واما
التغير فبطىء كالزحف على البطون ، وفرق كبير بين قبول الآخرين وقتلهم
وبين الاستيلاء على السلطة وبين الشراكة في السلطة.
وفي كل سنة ستتغير الملامح ففي 9/4 من سنة 2003 كان الابتهاج عفويا
وقد عظ البعض الانامل من الغيض، وفي نفس التاريخ من سنة 2004 كان الموت
امويا بعد ان عظ آخرين أشياء أخرى ، واما في هذه السنة فقد انتظر
العراقيون ما الذي تفعله الأيام القادمة والحكومة المنتخبة ولان العيد
او الاحتفال او الابتهاج او الاحزان ممارسات تخضع للاجماع وليس للقرار
ففي 9/4 يحتفل المتضررون من النظام السابق بصمت ويذهبون خلسة الى
مقابرهم الجماعية وأعينهم تفيض بالدمع فرحا بعدما عرفوا مصير من قتل
ابنائهم بالرغم من الهواجس المستجدة التي ظهرت على الساحة السياسية فان
السيد الرئيس جلال الطلباني المنتخب قد وقع على لائحة حقوق الانسان
التي لا تجيز حكم الاعدام. واما السيد الرئيس المخلوع المعتقل فقد وقع
خلال حكمه على لائحة قتل الانسان التي تجيز ذبح الانسان العراقي اينما
كان. اما الذين يعارضون المحتفلين وهم المتضررين من الوضع الجديد فان
اعينهم تفيض دما على مكتسبات ( عنيفص) في التنمية والحروب والمقابر
الجماعية وعلاقاته الطيبة مع دول الجوار. ولقد برر احد المنادين
باعتبار يوم 9/4 يوم للتحرير وعطلة رسمية بأنه في أي وقت يستطيع
السياسيون ان يطالبوا القوات المحتلة بوضع سقف زمني لخروجهم من العراق
لكن لو اجتمع الانس والجن على ان يغيروا شيئا بسيطا من ممارسات الرئيس
المخلوع صدام لما استطاعوا ولن يستطيعوا وان كان بعضهم لبعض ظهيرا،
في حين قال احد المنادين باعتبار يوم 9/4 يوم اسود ان البلاد احتلت
والدبابات في الشوارع اثرت على( تبليط) امانة العاصمة والجزرات الوسطية
واشجار البلوط.
وأضاف لا فرق بين جرائم صدام وانتهاكات حقوق الانسان في ابي غريب.
وبين اليوم الاسود واليوم الابيض والاحتلال والتحرير والاحتفال
والسجال ينتظر العراقيون الفجر الصادق من الفجر الكاذب عندما يكتبون
دستورهم الدائم في بناء دولتهم الديمقراطية التعددية الاتحادية بعد
تجريم(عنيفص) ومحاكمته بعدالة امام الناس وخروج الاحتلال من انفسهم
اولا ومن بلادهم ثانيا ليحتفلوا حقا بيوم 9/4.
hamedalhumraney@yahoo.com |