في خطوات ايجابية ولكنها صغيرة أقدم الرئيس محمود عباس علي محاسبة
بعض المتورطين في ملفات الفساد وقام بتحول ملفات البعض منهم إلي النائب
العام وقد جري أيضاً اعتقال البعض منهم وإقالة آخرين لأسباب تتعلق
بتردي الأوضاع الأمنية الداخلية الفلسطينية، وجميع هذه الخطوات وان أتت
متأخرة فهي تبشر بنوع من الأمل إذا "كانت أولي قطرات الغيث" فالكثير من
أبناء الشعب الفلسطيني لديهم الأمل في أن تكون هذه البداية الحقيقية
التي تؤسس لمجتمع العدل والقانون، ويأملون أيضاً بأن لا يكون الهدف من
وراء هذه الإجراءات الصغيرة هو هدف انتخابي بعد أن تراجعت مكانة وفرص
حركة فتح في الانتخابات البلدية والتشريعية المقبلة.
الملفت للنظر أن هذه الخطوات من المسائلة والمحاسبة تطال حتى الآن
الصفوف الثانية والثالثة من الفاسدين أي "الفاسدين الصغار" بعد أن أغلق
سابقاً ملف من الوزن الثقيل وهو "ملف الاسمنت" والذي طالب المجلس
التشريعي بمحاسبة المتورطين فيه، وكانت قد ترددت أقاويل بان بعض من
المتورطين فيه هم شخصيات ذات نفوذ وفي موقع اتخاذ القرار أي "الفاسدين
الكبار"؟ وهذا ما يجعل مكان للشك والريبة في مدي جدية هذه الخطوات التي
يتخذها الرئيس.
ولو كنت مستشاراً للرئيس لأشرت عليه بان يصدر مرسوماً رئاسياً يقضي
بمنع أي من المسئولين من السفر إلي خارج الوطن ومطالبتهم بتقديم كشف
حساب عن أموالهم وعقاراتهم واستثماراتهم في الوطن والخارج، وتطبيق
قانون من أين لك هذا عليهم؟
ولو كنت مستشاراً له لاقترحت عليه بأن يجلس في لقاء خاص مع رجال
الأعمال والتجار الفلسطينيين وبعض المستثمرين ليستمع إلي حكاوي تشبه
حكاوي "ألف ليلة وليلة" فلكل صاحب مشروع حكاية والموضوع واحد؟
ولأشرت عليه بمطالبة المجلس التشريعي الفلسطيني بتسليم ملفات الفساد
المكدسة في أدراجه إلي النائب العام ونفض الغبار عنها، وقد تفيد هذه
الخطوة بعض أعضاء المجلس التشريعي اللذين بدأو في لملمة أوراقهم تمهيداً
لمغادرة مكان طال فيه مكوثهم علي أبواب الانتخابات التشريعية المقبلة
وتعيد إليهم الفرصة في أن يكونوا مصدر ثقة مع الجماهير أمام "محكمة
الجماهير" المقبلة والتي تفتتح أبوابها بعد أشهر قليلة من الآن.
كنت في مقالي السابق قد طالبت الرئيس ومع قراراته القاضية بإقالة
البعض من قادة الأجهزة الأمنية بأن يقوم بإقالة نهج كامل من الفساد
والإفساد في داخل المؤسسة الرسمية استمر لعدة سنوات وقد أثقل هذا النهج
علي الجماهير وزاد من معاناتها وهمومها وعمق جرحها بل جعل لها جرحين
الأول سببه الاحتلال والثاني بعض اللصوص وظلال الاحتلال، فالمطلوب الآن
هو أن تصبح المسائلة والمحاسبة نهج عمل وحياة دائم ومستمر داخل المؤسسة
الرسمية الفلسطينية وداخل المجتمع، والمطلوب هو إجراءات إصلاح وتغيير
شاملة لجميع المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والضرب بشدة
علي رؤوس جميع الفاسدين وفي المقدمة منهم الفاسدين الكبار حتى لا يترك
الذئب ويتّبع الأثر. |