عن الإمام أبي عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام):
(يا ابن آدم إنما أنت أيام كلّما مضى يوم ذهب بعضك...).
في خضم الحياة ومع زحمة العمل وضغوط العصر الذي نعيشه تمضي الأيام
سريعة متلاحقة تخطف معها سنوات العمر ويصبح المرء دون أن يدري في قلب
مرحلة الشيخوخة. فالإنسان مادام حياً لا مفرّ من أن تدركه هذه المرحلة،
والتي هي مرحلة من حالات النمو العمري، ولكن قد تختلف مظاهرها وأعراضها
من شخص لآخر، من حيث الاحتمال والتقبل والتفاعل، ولكن في النهاية
فالجميع متساوون في لقاء هذه المرحلة بكل ما فيها من سمات، وعن الباري
جلّ وعلا في كتابه الكريم في وصف مراحل العمر وجعل نظامها الثابت: (الله
الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً
وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير..)
ضمن تسلسل الصعود والنزول إلى ومن القمة في الحيوية والنشاط في ربيع
العمر بأن لا يغرّه قوته وشبابه فبعده ضعف وشيبة ووهن وأن يتذكر ضعفه
قبل مرحلة الشباب في الطفولة البريئة وكفالة الوالدين وليس بعيداً عن
العقلانية الراقية من يستطيع أن يكتشف ما يحميه من الأخطار والوساوس
النفسية والجسمية بأن يلتجئ إلى نقطة ارتكاز تهدأ باله وتطمئن نفسه
وتزرع في قلبه الشجاعة لمواجهة التوقعات البائسة كما الإيمان بقدرة
الله سبحانه وتعالى الذي له الأمر كله والملك كله والرحمة كلها.
وعندها لا يهاب أعراض الشيخوخة من التغييرات النفسية والجسمية التي
تؤدي إلى ضعف عام في النواحي الصحية، حيث الشعور بنقص في القوة والقدرة،
وقصور في كفاءة الحواس بالإضافة إلى ذلك تدهور القدرة الذهنية، بل
الإيمان تعطيه شعوراً معنوياً وقوة نفسية يطمئن من خلالها برحمة الله
تعالى ويصبر على بلاءه محتسباً راضياً مبتسماً بل مفتخراً ومغتبطاً
وحامداً لمكروهه تعالى فلا يقترب الإحباط والقلق والتوتر والرغبة في
الشكوى وغيرها من علل الخوف منه.
مع كل ذلك فهو إنسان يسرّه العناية به واحترامه والنزول عند أوامره
خصوصاً من أبناءه وحفدته ففي قوله تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه
وبالوالدين إحساناً..)
وهذا عباده يدعو: اللهم أجعل خير أيامي أواخره وخير ساعاتي أواخرها،
وأجعل أوسع رزقك علي إذا كبرت وأقوى قوتك فيّ إذا هرمت...). |