في القسم الاول من المقال تعرضت وبعجاله الى السيرة الذاتية للسيد
مشعان الجبوري والتي شاءت الاقدار ان يولد في العراق ذلك البلد الذي ُعرف
منذ الازل بتسامح ابناءه وبتعايشهم سلميا ولكن وبعد ان تعاقب على حكمه
وغزى مدنه ابناء القرى المعزولة من اجلاف الصحراء وقساة البادية تغيرت
طبائعه وتعكر مزاج سكانه بعد ان شوه المستوطنون تقاليده وعاداته فتلاشت
لتحل محلها عادات وتقاليد الغزاة المتمرتسين بالطائفية والمحملين
بالعنصرية من امثال صدام التكريتي وصنيعته مشعان الجبوري, تلك العادات
البدوية الممجوجة والسمجة والتي لا تطيقها حتى رمال الصحراء فكيف
تتحملها عروس الدهر بغداد او البصرة الفيحاء او الموصل الحدباء.
بعد ان وضعت حرب تحرير العراق اوزارها وبعد ان سلم اهالي الموصل
مفاتيح مدينتهم للمحررين من دون قتال اختلس مشعان الفرصة ودخل مع
مقاتليه الذين استعارهم من احد الاحزاب الكردية الذي تربطه بقيادته
علاقة تجارية ودخل الموصل ليعلن نفسه ومن دون سابق انذار او اختيار
محافظا عليها. لقد وصفت صحيفته البائسة (الاتجاه الاخر) دخوله الموصل
بـ (الفتح) ووصفته بـ (اول الفاتحين) مع ان الامريكيين ذاتهم لم يسمحوا
لانفسهم بوصفها بالفاتح.
نعم والحق يقال فقد كان مشعان الجبوري (فاتحا) وبحق لكن لا كما
تعتقدون لقد كان (فاتحا) لكل البنوك في مدينة الموصل والتي عجز
عتاة اللصوص عن فتحها فقد امر مرتزقته بفتح ابواب تلك المصارف
عنوة وسرقتها وكذلك (فتح) الجبوري ابواب شركة (جابر بن حيان) وسرق مع
جلاوزته كل محتوياتها من مكائن ومعدات واجهزة وسيارات تقدر قيمتها
بمئات الملايين من الدولارات وبسبب ذلك تحولت هذه الشركة العملاقة الى
أثر بعد عين. هذا السلوك ليس غريبا على مشعان الجبوري الذي كان شريكا
للمدعو (محمد فارس سعد) الوكيل الرسمي للطاغية المقبور عدي والذي قام
بكل صفقات تهريب النفط المشبوهة وكذلك قام بعمليات التحايل على برنامج
النفط مقابل الغذاء.
اثارت تصرفات الجبوري المشينة اهالي الموصل الذين تظاهروا ضده امام
مقر المحافظة وحينما خرج الى الشرفة ليخطب بهم انهالوا عليه ضربا
بالحجارة وبالاحذية فامر اتباعه الجبليين بالرد على المتظاهرين الذين
قضى اربعة منهم برصاصات الغدر المشعانية التي انطلقت من فوهات مرتزقته,
حصل ذلك بعد سبعة ايام من دخوله المدينة (فاتحا) . بعد هذا الحادث
الغادر هرب مشعان الى حليفه في كردستان حيث بقي متخفيا هنالك عدة شهور
مما حدى بعشيرته (الجبور) الى اعلان برائتهم منه امام اهالي
الموصل.ومنذ ذلك الحين ومشعان لايستطيع دخول المدينة لانه مطلوب للقصاص.
ويحق لنا هنا ان نتسائل اذا كانت الموصل وهي اكبر المدن السنية الثلاث
في العراق تطلب مشعان ثأراً وتكرهه فكيف يدعي بعد ذلك تمثيله لأهل
السنة؟ بل اكثر من ذلك يُرشح لرئاسة البرلمان وهو اعلى منصب يعطى للسنة
والمعني بكتابة الدستور الدائم وبكلمة اخرى معني بمستقبل العراق!
ان مجرد ذكر اسم مشعان كمرشح لهذا المنصب يُعد في حد ذاته انجازاً
سياسياً له لم يكن ليخطر على باله لكنها آلاعيب
العجوز الكهل السيد عدنان البارجه جي الكولومندي الاصل والذي طرح نفسه
هو الاخر ممثلا لـ(العرب السنة) بالرغم من ان لقبه الاعجمي لايساعده
على ذلك!. انه لمن الغريب حقا ان تجد ان معظم دعاة العروبة والقومية
العربية في العراق هم من غير العرب! وهذا ظاهرة سياسية واجتماعية تستحق
الدراسة حقا. ولاادري هل العروبة شرفٌ او امتيازٌ تستحق لأجلها ان
يتنكر المرء من اصوله؟ لا ادري ما هو فرق العربي عن غيره؟ لا اجد
تفسيراً لذلك غير شعور البعض بعقدة النقص والدونية تجاه العرب مع ان
كاتب السطور لايرى للعرب فضلا على الاخرين والحديث الشريف يقول (كلكم
من آدم وآدم من تراب).
ولكن ماذا يريد هذا البارجه جي (وبالمناسبة
تعني كلمة البارجه جي بالفارسية والتركية بائع الاقمشة المتجول اي
البزاز) من وراء ترشيح مشعان الجبوري؟ ان ترشيح البارجه جي مشعاناً
لرئاسة البرلمان هو لعبةٌ سياسيةٌ الغرض من ورائها اولاً اثارة زوبعة
سياسية واعلامية واثارة المتاعب بوجه اعضاء الجمعية الوطنية التي لم
يستطع العجوز عدنان الحصول على مقعد فيها بعد فشله الذريع في
الانتخابات , وثانياً التحكم بمجريات التصويت على اللوائح البرلمانية
وتوجيهها بحسب رغباته في حالة نجاح ترشيح مشعان الى ذلك المنصب اذ ان
العجوز عدنان يعي جيدا ان خبرة الجبوري لا تمكنه من تمشية امور
البرلمان في حالة فوزه وهو الأمي بابجديات السياسة والحياة البرلمانية
فبالتالي لا طاقة له على رئاسة البرلمان مما يعني اعتماده بشكل مباشر
على دهاء العجوز الكولومندي.
وثالثاً اراد عدنان من هذا الترشيح البائس لفت الانظار اليه من جديد
واراد ايصال رسالته الى اعضاء البرلمان الجُدد وتحديداً الى
الائتلافيين بانه لايزال على قيد الحياة السياسية رغم موته السريري منذ
السبعينيات. يخيلُ اليّ ان العجوز عدنان بحركته السياسية هذه قصد
العودة الى صباه فمن يدري فلربما تأثر بقراءته لكتاب (عودة الشيخ الى
صباه)؟ . رابعا اراد العجوز ان يُظهر استخفافه بالعراقيين الذين
لم(يعرفوا) قدره عندما لم ينتخبوه حسب اعتقاده فدفع بغلامه المعتوه
مشعان والذي لايجيد سوى السباب وكيل التهم للاخرين, وبذلك اراد العجوز
عدنان اعادة الصاع للعراقيين صاعيين والانتقام لكرامته السياسية
المهدورة على عتبة البرلمان بعد فشله الذريع في الوصول اليه.
علينا دوما تذكر ان اجندة العجوز المراوغ عدنان هي اجندة غير عراقية
بل اجندة عربية وتحديدا خليجية تقوم على دعم الفكر(المشعاني) الذي تنفح
منه رائحة الطائفية والعنصرية الكريهة فكيف يتوقع العراقيون منها خيرا؟
أخيرا يرى كاتب السطور لو ان سياسية اجتثاث البعث طبقت بحق البعثيين
وبأثر رجعي على قيادات البعث لما استطاع بعثي كمشعان الوصول الى
البرلمان الذي وعلى ما يبدو ان المشعانيين قد شقوا طريقهم اليه بسهولة
نتيجة التساهل في اجتثاثهم.
almossawy@hotmail.com |