مررت على الطرق الغربية باتجاه وسط العراق من الحدود العراقية
السورية والاردنية مرتين ذهابا وايابا، وكنت كغيري من المسافرين نلحظ
شعارات النظام السابق وبشكل عام قائمة في محالها، وفي بعض المناطق كانت
صور صدام حسين مرفوعة لم تتناوشها ايدي الازالة او التحبير، وفي زيارتي
الثانية كنت اتوقع ازالة الصور والشعارات كليا، ولكن الامنية بقيت غصة
بين الضلوع كزيارتي الاولى، رغم ان الفاصلة الزمنية بين الزيارتين بعمر
حمل امرأة، ومرة كان الاصطفاف طويلا على محطة البنزين على الطريق
السريع باتجاه معبر الوليد على الحدود مع سوريا، فحدث لغط بين بعض
سائقي الشاحنات الصغيرة وادارة المحطة فقام هذا البعض برفع شعارات
مناهضة لاميركا ومؤيدة لصدام حسين.
وترفع بعض واجهات المحلات والمطاعم على قلتها في الطرق الخارجية في
المناطق الغربية شعارات وصور مؤيدة للعمليات المسلحة بالضد من القوات
الغربية والمنشأت العراقية ومؤسسات الدولة بوصفها مقاومة.
كان الامر يبدو شبه طبيعي باعتبار ان المنطقة وكثير من سكانها لم
يفيقوا بعد من سكرة الصدمة بسقوط نظام صدام، وبعضهم ممن التقيت بهم في
الطريق لا يصدق حتى يومنا هذا ان المعتقل لدى القوات الاميركية هو صدام
حسين بلحمه وشحمه ويعتقدون انه احد بدلائه، وان الاصيل يعيش كأسرته في
بحبوحة من الرغد، وبعضهم لا يؤمن بان الجثتين اللتين ظهرتا في المشرحة
تعودان لقصي وعدي، ويعتقد هذا البعض انهما حيان يقودان العمل المسلح في
العراق، ويضرب بنائب الرئيس السابق عزة الدوري مثلا، كيف ان السلطة
وقعت في حرج كبير بين من قال من الوزراء باعتقاله وفي وسائل الاعلام
المختلفة، وبين من اضطر الى تكذيب ذلك وعلى الملأ باعتبار ان المعتقل
شبيهه او من اقاربه.
ولكن من غير الطبيعي والمنطقي ان تتعامل بعض سفارات جمهورية العراق
باوراق رسمية من العهد البائد عليها اقوال صدام وشعار الحزب، صحيح ان
بعض السفارات العراقية تتعامل مع المراجعين بمنطق الماضي ربما لتعاليم
صادرة من وزراة الخارجية، او ان بعض الموظفين حديثو عهد بالعمل
الدبلوماسي، او ان بعضهم قادته قرابته من احد المسؤولين الكبار الى
السلك الدبلوماسي وهو لا يملك شهادة اكاديمية، ولكن لا يمكن تقبل العمل
باوراق العهد البائد لاسيما وانها مختومة بشعارات حزبية.
حتى لا نستغرق بالعموميات، اشير الى سفارة جمهورية العراق في طهران،
فان بعض الاوراق الرسمية القانونية التي تقدمها لمراجعيها لم تستبدل
حتى يومنا هذا فهي مختومة بشعار وزارة العدل في العهد البائد حيث دائرة
مرسومة على يمين الورقة القانونية تتوسطها بناية شاهقة وفي اطار
الدائرة نص الشعار التالي: (اصلاح النظام القانوني دعم لمسيرة الثورة
ولتحقيق مجتمع الوحدة والحرية والاشتراكية).
كان القبول بهذا الشعار في عهد السفير السابق في طهران صالح السمرمد
امرا مقبولا باعتبار انه يمثل حكومة صدام حسين والحزب الحاكم، وانه
ينفذ تعاليم وزارة الخارجية العراقية، ولكنه يستعصي على الفهم والقبول
ان يتم التعامل بالاوراق نفسها في عهد السفير محمد مجيد الشيخ (ابوحيدر)
عضو المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق، وممثل جمهورية العراق
في عهد ما بعد صدام حسين ونظام الحزب الشمولي.
ربما يكون عذر السفير ان جهاز الاستنساخ غير متوفر في السفارة
العراقية الواقعة في شارع ولي عصر، واذا اخذنا بصحة الافتراض، فان
باستطاعة موظف السفارة العراقية ان يطبع او يستنسخ اوراقا تمثل العهد
الجديد في محلات الاستنساخ في ميدان ولي عصر الى يسار السفارة بعشرات
الامتار بالقرب من سينما قدس او في محل الاستنساخ الواقع في ميدان
فلسطين خلف السفارة بمئات الامتار، او ان تقوم وزراة الخارجية في بغداد
بامداد سفاراتها بالاوراق اللازمة.
مجرد ملاحظة ارجو ان تلتفت اليها وزارة الخارجية والسفارات العراقية
لاسيما وان نظام صدام مضى على زواله سنتان.
أما تكفي السنتان لمنع الفلتان، وتصبح اوراق النظام والحزب في خبر
كان؟
*الرأي الآخر للدراسات/ لندن
alrayalakhar@yahoo.co.uk |