تعتقد موظفة الصحة التايوانية ما بي تشينج أن أصعب مهمة عمل اضطلعت
بها كانت قبل 20 عاما عندما أخذت تمضي من منزل لاخر توزع الواقي الذكري
وتشرح للازواج كيفية استخدام وسائل منع الحمل.
قالت ماو الموظفة المخضرمة في مكتب الدعاية الصحية "كنا دائما نشعر
بالقلق من نقص الطعام وضيق الرقعة لو استمر السكان في زيادة."
وتابعت "وظيفتي كانت ابلاغ الناس بالا يزيد عدد الاطفال عن اثنين
عندما كان العادي أن يكون للمواطن أربعة وخمسة من الابناء. لقد كان
الامر صعبا."
لكن تغيرت الامور تماما.. فمعدل المواليد هوى الى مستوى منخفض
للغاية في العام الماضي وتعمل ماو اليوم في حملة حكومية مدتها ثلاثة
أعوام لتشجيع الناس على الانجاب.
قالت ما "يرى الجيل الشاب الامور بصورة مختلفة عن ابائهم. انهم
يريدون الترقي في العمل والحرية والاستقلال. ما لايريدونه هو الاسرة
ومسؤولية تربية الاطفال."
وتابعت "ان اسداء النصح لهم بانجاب أطفال بات مهمة أشد صعوبة من
اقناع ابائهم بتنظيم النسل."
وفيما تسعى الصين الجار العملاق لتايوان بدأب من أجل السيطرة على
النمو السكاني عبر التركيز على سياسة الطفل الواحد فان معدل الخصوبة في
تايوان تراجع كثيرا حيث انخفض الى 1.2 طفل لكل أمرأة من 2.5 طفل لكل
أمرأة في ثمانينات القرن الماضي وفقا لاحصائيات رسمية.
وقد تعكس تلك الاختلافات التناقض الاقتصادي حيث تبزغ الصين كقوة
اقتصادية عالمية فيما يتملك تايوان القلق من فقدان قدرتها التنافسية.
ومعدل المواليد في تايوان أعلى بنسبة طفيفة فقط من معدل المواليد في
الاقتصاديات الناضجة المجاورة مثل هونج كونج ومكاو حيث لايزيد عن 0.9
طفل الا انه هو نفسه معدل المواليد في ايطاليا واسبانيا.
ويقول محللون ان معدل "احلال" يبلغ 2.1 طفل لكل عائلة ضروري للحفاظ
على استقرار السكان.
وقالت جوليا لي (40 عاما) مديرة الاعلانات في احدى الشركات "والدي
والناس حولي يقولون لي أن أتزوج وانجب اطفالا منذ ما يزيد عن عشرة
أعوام كما لو أني أعاني نقصا دونهم."
وتابعت "هناك الكثير من الامور التي يهمني عملها. وليس لدي وقت
لاكون زوجة أو اما. انني سعيدة بوضعي الان."
وتعكس وجهة نظر لي الجيل تفكير الشبان الافضل تعليما في تايوان حيث
لم يعد ينظر الى الانجاب باعتباره ضرورة في تناقض صارخ مع ابائهم
المؤمنين بفكرة الكونفوشيسية التي تتحدث عن ضرورة استمرار العائلة عبر
الاجيال وكون العائلة الكبيرة تجلب الثراء.
وكشف استطلاع للرأي العام أجرته الحكومة مؤخرا أن 45 في المئة من
السكان في الفئة العمرية بين 20 عاما و39 عاما يعيشون بمفردهم. وقال 38
في المئة منهم انهم غير مهتمين بالزواج على الاطلاق.
والتحول في توجهات الجيل الشاب أصبح يمثل صداعا لمخططي الحكومة
الذين يخشون من تراجع كبير في عدد العمال الشبان الذين يمكن أن يمولوا
صناديق المعاشات مما سيضع قيودا على الخدمات الاجتماعية.
واذا استمر الانخفاض في معدل المواليد فان عدد سكان تايوان البالغ
الان 23 مليون نسمة سيبدأ في التراجع مع عام 2022 وفقا لمجلس التخطيط
الاقتصادي والتنمية التابع لمجلس الوزراء.
ويتوقع أن يزيد عدد السكان الذين يزيد عمرهم عن 65 عاما الى ما يصل
لنحو سبعة ملايين عام 2051 وهو أكثر من ثلاثة أمثال العدد الحالي وهو
مليونا نسمة وفقا لمجلس التخطيط والتنمية الذي يدعو الان الى مزيد من
الدعم لمبادرات التشجيع على زيادة الانجاب.
ويقول المجلس في تقرير انه لابد من الان فصاعدا أن يكون لدى 85 في
المئة على الاقل من المتزوجين في تايوان أكثر من طفلين حتى لا يتفاقم
الموقف.
وفيما يؤكد ما تشعر به الحكومة من قلق فانها تدفع بمسؤوليها الى
حفلات الزفاف كي يبلغوا الازواج الجدد بأن انجاب الاطفال صار معيارا
للوطنية.
وفي مدينة هسينتشو الشمالية التي تمثل وادي السيلكون في تايوان سلمت
الحكومة المحلية دعما يصل الى مئة الف دولار تايواني (3200 دولار)
لتشجيع الناس على الانجاب.
وقالت متحدثة في هسينشو "اعرف ان الحافز المالي وحده ليس كافيا من
أجل دعم معدل المواليد لكن يتعين علينا القيام بشيء."
وتضع وزارة الداخلية مسودة اجراءات تهدف الى تقديم خدمات أفضل
لرعاية الاطفال وهي تدرس السماح باستمرار الدعم المالي لتشجيع انجاب
الاطفال.
وقالت سيرينا هسو التي لديها طفل واحد عمره عام انها تتمنى لو أنجبت
أكثر من طفل لكنها لا تستطيع لانه ليس هناك ما يساعدها على ذلك. وقالت
مضيفة الطيران الشابة البالغة من العمر 34 عاما والتي حصلت على اجازة
دون راتب لمدة ستة أشهر لرعاية طفلها "انجاب طفل ثان سؤال أوجهه لنفسي
كل يوم. انه صراع بين المشاعر الشخصية والواقع."
وتابعت "لست متأكدة مما اذا كان ممكنا الموازنة بين العمل والاسرة." |