كان الإرهاب موجوداً منذ بدايات حياة الإنسان على الأرض وبقي ملازماً
للإنسان والحيوان أيضاً فالحيوانات فيها من النوع الإرهابي ما يجعلها
تبطش ببقية المخلوقات دون تمييز فاصل بأكثر الأحيان لكن ملازمة الإرهاب
للإنسان الراقي كما يحلو لـ(تشارلز لارون) أن يسميه هي مسألة تستحق
أكثر من وقفة.
ففي هذا العصر حيث ترتفع وتيرة محاربة العديد من الدول للإرهاب فإن
فعل المحاربة المشار لها لم تكن قد بدأت في سنين الستينات لمحاربة
عصابات المافيا في إيطاليا مع أن المساحة الجغرافية التي كانت تتحرك
عليها لا تتجاوز مساحة تلك البلاد الغربية ولم تظهر أي توجهات رسمية
لدى الدول الكبرى لمحاصرة تلك العصابات بل وبالعكس من ذلك فقد أخذت
الشاشات البيضاء (السينما) تنقل للجمهور العالمي منذ سني الستينات
أفلام تعرض حنكة تلك العصابات التي غالباً ما عثروا على معلوماتها
نتيجة لبعض الاعترافات المستحصلة فمن كان يلقى القبض عليهم بين حين
وحين بعيد حتى تم زرع الفكرة القائلة بأن لا أحد يستطيع القضاء على
عصابات المافيا التي تطورت من حال كونها عصابة إلى عصابات في أوائل
السبعينات.
والفرص المتاحة للقضاء على حركات المافيا كانت ذهبية في تلك السنوات
العجاف من الديمقراطية إذ كان الجهد الدولي منصباً نحو الإيقاع بأحد
القطبين الدوليين (الاتحاد السوفيتي السابق والغرب على وجه العموم) حتى
إذا ما ظهرت قوة الإرهابيين التي كان الجمهور في بقاع عديدة من العالم
لا يحسب لها حساباً كبيراً أخذت بعض الدول والشخصيات يشيرون إلى الخطر
الداهم للإرهاب.
وكان من ضمن لعبة محاربة الإرهاب إن ظهرت على المسرح السياسي الدولي
دول محاربة له لكنها من جانب ثانٍ تدعمه وتمدهُ بوسائل الحياة
والاستمرار خصوصاً وأن الأمر لتمرير سر تلك اللعبة لم يتطلب أكثر من
الإعلان في التصريحات بمحاربة الإرهاب في العلن بينما كان وما زال يجري
في السر لتصعيد الإرهاب الدولي ما لا يمكن تعداده حيث ينتشر الإرهاب
الآن في معظم بلاد العالم لدرجة أن حكومات إرهابية تقمع شعوبها أضحت هي
الأخرى مدعّية بمحاربة الإرهاب.
إن من يقف الآن بوجه الإرهاب في العلن ليس من الضروري أن يتم تصديقه
فالملاعين من قادة الإرهاب ومنفذي العمليات الإرهابية هم ذاتهم يحاولون
التغطية على كونهم هم الإرهابيين هذا إذا ما تم اليقين أن حرب الإرهاب
من حيث النتيجة هي حروب دول ضد شعوب وليس حرب عصابات ضد شعوب ومستقبل
الإرهاب الدولي مرهون الآن بالكشف السريع عن ممولي الإرهابيين ليتم من
خلال ذلك وقف استكمال دورة الإرهاب الدولي المبطن والمعروض على تلك
مجاميع عصابات تقوم بعملياتها الإجرامية أن سياسي العالم اليوم خائفون
أن يسموا الدول الإرهابية بأسمائها تحسباً من العقاب الدولي وبالذات من
المكائد السياسية التي أمست في عالم اليوم أموراً عادية. |