إن من
أهم أسس التربية التي يتعين على الأهل الإلمام بها، أن يلعب الوالدان
دوراً جوهرياً في تربية وتوجيه الأبناء، وصياغة أفكارهم واتجاهاتهم.
وهي مسؤولية يشترك فيها كل من الأب والأم، وإخلال أحدهما بجانبه من
المسؤولية يترتب عليه ظهور نقاط ضعف في الأبناء، والحقيقة أن للأب
دوراً لا يقل أهمية عن دور الأم في التربية، لاسيما مع انتقال الابن من
مرحلة الطفولة المبكرة إلى مرحلة التمييز وما بعدها، حيث تتسع مساحة
دور الأب وتتعاظم مسؤوليته في زرع المفاهيم والقيم الأساسية في ذهن
الابن، والعمل على تهذيبه وتأديبه وضبط سلوكه.
إن
أهمية دور الأب في تعريف الأبناء دينهم وثقافتهم وهويتهم الحضارية تبدأ
بتعليم الابن ذكر الله تعالى، بعدها تبدأ التربية الإسلامية عن طريق
المحاكاة والتلقين، ذلك أن الطفل ينشأ فيرى أبويه يقرأن القرآن ويقيمان
الصلاة ويصومان وغير ذلك من الشعائر الدينية المختلفة، فتنطبع في ذهنه
هذه الصورة بالتقليد، وعلى الأب أن يتابع الأبناء في تأديتهم الصلاة
حتى ينشأوا عليها مع العناية بحفظ القرآن الكريم، فهو المرشد إلى
السلوك الفاضل، والطريق المستقيم.
وبعد
ذلك يأتي دور الأب في بيان كل من الحلال والحرام للابن، فيجب على الأب
أن يأمر بما أمر الله به على لسان نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل
بيته (عليه السلام) وينهى عما نهى عنه مع ضرورة الإشارة إلى أن الهدف
من التربية لدى الأب يجب أن يكون واضحاً، فالتربية الإسلامية تستهدف
العمل للآخرة والعمل في الدنيا، فهدف الآخرة أن يلقى العبد ربه وهو عنه
راض والهدف في الدنيا هو إعمار الكون وقد ضرب رسول الله المثلى الأعلى
في الرفق في تربية الأبناء، وعلاج أخطائهم وتأديبهم بروح الشفقة والعطف
والرحمة.
بعد
ذلك يأتي دور التربية الإيمانية التي تجمع بين الإيمان والتقوى
والاستقامة والعمل، حتى لا يحسب الأبناء أن الإيمان يتحقق بأداء
الشعائر والامتناع عن المحرمات مع تغيب العقل وإهمال العمل، وانتظار
البركة من السماء.
وهذا
بدوره يقودنا إلى الإشارة إلى أهمية وخطورة دور الأب في تشجيع الأبناء
على الإقبال على العلم الدنيوي بمختلف مجالاته.
ومع
الاهتمام بالتربية الدينية والعلمية السليمة لا ينبغي أن نغفل عن دور
الأب في تربية أبنائه تربية بدنية سليمة، فالجسم القوي الصحيح يساعد
على الطاعة ويعين على الجهاد والدعوة إلى الله تعالى.
وأخيراً يجب على الأب أن يضع التربية الدينية والخلقية والروحية نصب
عينيه، وأن يجعلها غايته المنشودة التي يسعى إلى إدراكها مع أبنائه
وبناته، فإن تكوين وإعداد الشاب المسلم والشابة المسلمة، يمثلان
الوسيلة للوصول بالمجتمع إلى الرقي الذي نرجوه وننشده. |