حمل الكتاب الذي أصدرته المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت هذا
الشهر للروائي الأردني محمد سناجلة عنوان (رواية الواقعية الرقمية)
ويقع في 98 صفحة من القطع المتوسط ويعالج قضايا منها (فلسفة الخيال)
و(العصر الرقمي والانسان الافتراض) و(اللغة كظاهرة اجتماعية) و(اللغة
الجديدة.. لغة الرواية الرقمية).
وقال سناجلة لرويترز ان العرب أضاعوا فرصة اللحاق بالثورتين
الصناعية والتكنولوجية "ونشهد الآن ثورة أخرى أكثر أهمية وخطورة هي
الثورة الرقمية. فهل سنبقى كما تعودنا في القرون الماضية على هامش
الفعل الحضاري.."
وأضاف أن البشرية تمر بلحظة فاصلة أقرب الى لحظات التحول في التاريخ
الانساني التي يصحبها غالبا كثير من الارتباك والحيرة للغالبية العظمى
من البشر "لانها لحظات تفصل بين زمنين وطريقتين مختلفتين للحياة وهي
لحظات تبدو مشوهة وغامضة.
"ففي مجال التعليم بدأت تظهر مدارس تخيلية ليس لها وجود مادي على
أرض الواقع ولكنها موجودة فقط في ذاكرة الحاسبات العملاقة.. كما لا
يحتاج إنشاء الشركات وممارسة الأعمال أكثر من جهاز كمبيوتر واتصال
بالانترنت."
ويزور سناجلة مصر حاليا مشاركا في أنشطة معرض القاهرة للكتاب الذي
تنتهي دورته السابعة والثلاثون يوم الثلاثاء.
وقال ان الواقع الجديد أُلغيت فيه المسافات والجغرافيا وان ما يحدث
"هو خيال بالتأكيد ولكنه خيال واقعي مادي ملموس.. خيال معرفي."
ووصف الابداع عموما بأنه مغامرة في المجهول "وتحتاج الرواية الى طرق
أخرى غير تقليدية أما الرواية بشكلها الحالي فقد ملها القراء."
وقال ان العصر الرقمي يخلق لغة خاصة تساعد على التواصل الانساني "ولن
تكون الكلمة سوى جزء من كل.. فبالاضافة الى الكلمة يجب أن نكتب بالصورة
والصوت والمشهد السينمائي والحركة. الكلمة يجب أن تعود الى أصلها في أن
ترسم وتصور. وحجم الرواية يجب ألا يتجاوز المئة صفحة والجملة في اللغة
الجيدة يجب أن تكون مختصرة وسريعة ولا تزيد عن ثلاث أو أربع كلمات."
ووصف سناجلة الكتاب الالكتروني بأنه يتجاوز عوائق كالمسافة والرقابة
وأن الرواية الرقمية تعبر عن الثورة الرقمية في مختلف تجلياتها "نحن
نعيش عصرا جديدا هو العصر الرقمي وله أدواته ووسائله التي لا تخطئها
العين فالعالم قبل اختراع الكهرباء يختلف عما كان قبله وكذلك قبل
اختراع الكمبيوتر وشبكة المعلومات الدولية (الانترنت)."
وأشار الى أن الانترنت خلق مجتمعا جديدا بدأ يتشكل "عبر فضاء الواقع
الافتراضي وأطلق عليه العلماء اسم (المجتمع الرقمي) وأصبحت لهذا
المجتمع علامات اجتماعية واقتصادية وثقافية تختلف عن تلك التي كانت
موجودة في العالم الواقعي.
"هناك عالم التجارة الالكترونية والتعلم الالكتروني وهناك علاقات
انسانية وعاطفية وجنسية ضمن هذا المجتمع تختلف عن مثيلاتها في عالم
المجتمع الواقعي. تطور الانسان من الانسان العاقل الى الانسان
الافتراضي تماما كما تطور قبل ملايين السنين من انسان النياندرتال (انسان
العصر الحجري) الى الانسان العاقل."
وأوضح أنه طبقا لهذا التطور فهناك منظومة مختلفة من القيم
والاخلاقيات التي أخذت تفرض نفسها "فالانسان الافتراضي لديه قيم ونظام
أخلاقي يختلف بالضرورة عن النظام الموجود في عالم الانسان العاقل.
ورواية الواقعية الرقمية تحاول التعبير عن الانسان الافتراضي في
المجتمع الرقمي الذي يعيشه."
وقال انه أصدر روايته (ظلال الواحد) عام 2002 كمحاولة أولى
للاستفادة من تقنيات الثورة الرقمية "وتسعى روايتي الثانية التي لم
تطبع وعنوانها (شات) الى التعبير عن المجتمع الرقمي والانسان الافتراضي
الحالي."
وأضاف أنه نشر النسخة الرقمية من روايته (ظلال الواحد) على الانترنت
وفوجيء بأن معظم المثقفين لم يقرأوها لعدم تعودهم على استخدام
الكمبيوتر واضطر لنشرها في كتاب ورقي "كان هذا خيارا صعبا نظرا لانني
كتبتها باستخدام تقنية مختلفة في بناء الصفحات مع إضافة مؤثرات سمعية
وبصرية وغيرها مما تتيحه الانترنت.
"فوجئت بردود فعل غاضبة بسبب مشاكل قراءتها في شكلها الرقمي أو
الورقي باعتبارها على حد قولهم عملا صعبا ومرهقا وغير مفهوم. بل قال
أحد النقاد ان الرواية والعلم لا يمكن أن يلتقيا. العقلية العربية ترفض
الجديد وتحاربه." |