لقد صدم تقرير منظمة اليكسو المثقفين العرب من حيث قدّم لهم حقائق
ارتفاع نسبة الأمية في العالم العربي، فهل صدمت بالمقابل الحقائق التي
قدّمها أدوار سعيد عن مدرسة الاستشراق الغربي المثقفين الغربيين:
صحوتان مطلوبتان في كلا العالمين الغربي والشرقي أين هما من النظرة
الأحادية التي لا تزال ترى بها دول الغرب عالمنا المصدوم الذي نعيش
فيه، وعبثاً ينبّهها إليه مفكرون منا كإدوار سعيد نتائج عاطفية كما هي
عقليتنا المتباهي بالتراث الضخم والأعمال الكبيرة من السلف الصالح
وأيضاً تباهينا بأننا أفضل أمة أخرجت للناس عِرقاً وجنساً دون تضلعنا
بالمناوشة الفكرية للوصول إلى المقصود من الأفضلية في الوسطية من الآية
الكريمة.
فهل الصدمة لمثقفينا أنتجت تفاعلاً وحيوية وشوقاً وحافزاً إلى العمل
الجدي والتعاون المشترك لرفع الأمية أو على الأقل من تقليل نسبها
المتزايدة؟
لقد سمعنا إنذارات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم اليكسو
حول اقتراب المتوسط العالمي لعدد الأميين في العالم العربي من ضعف
المتوسط العالمي، وأظهر تقرير داخلي أعدته اليكسو عن البلدان العربية
أن عدد الأميات يعادل ضعف الذكور. وحثت هذه المنظمة البلدان العربية
على زيادة الجهود من أجل الوصول إلى المستوى العالمي، وتخوفت من أن
أعداد الأميين الذين يزيد سنهم عن (15) سنة ظل في تضخم مستمر خلال ثلث
القرن الماضي إذا ارتفعت من خمسين مليوناً في السنة (1970) إلى (61)
مليوناً في سنة (1990).
تحتل مصر بحسب التقرير المرتبة الأولى بـ(17) مليون أمي بسبب حجمها
بالمقارنة مع بقية البلدان العربية، وكما قالت دراسة اليكسو فإن نسبة
الأمية في العالم العربي ستصبح الأولى في العالم خلال السنة الجارية
بعد أن كانت الثانية بعد أفريقيا التي نزلت فيها نسبة الأمية من (40%)
سنة (2000) إلى نحو (35%) حالياً.
وبحسب تقرير الوكالة الفرنسية ارتفعت نسبة الأمية لدى الفئات
العمرية التي تزيد عن (15) عاماً من (50 – إلى 73%) أما النساء فتعاني
نصفهن تقريباً من آفة الأمية (46%).
جاء تقرير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (اليكسو) صدمة
للمثقفين العرب، بينما كانوا يعيشون باعتزاز اختراقات أدبية وفكرية على
الصعيد العالمي، حققها أدباء ومؤلفون أصغى أليهم العالم، واعترف بهم،
راح بعضهم ينافس كبار الأدباء الفرنسيين على الجوائز الأدبية ذائعة
الصيت.
كل ذلك ونعود إلى التعصب الإقليمي في المفارقات التي ندليها فما
نخوض واحدة منها حتى نعود ونفضل ابن البلد على غيره وأنه السابق إلى
مكرمة أدبية أو ثقافية معينة غالباً بطرق الالتواء واللف السلس على
الموضوع حتى تركيز الإيحاء الذاتي المطلوب دون النظر إلى أصل المشكلة
ومدى خطورتها حضارياً ولغوياً وكيانياً. |