تأمل الاقلية الشيعية في المملكة العربية السعودية أن تساعدهم
الانتخابات البلدية التاريخية في المملكة في علاج عشرات السنين من
التمييز الذي يقولون انهم عانوا منه في البلاد.
وفي العاصمة الرياض بدأت عملية تسجيل أسماء الناخبين للانتخابات
التي تجرى في العاشر من فبراير شباط دون حماسة كبيرة بالرغم من الحملة
المكثفة التي شنتها الحكومة لحشد اهتمام السكان.
ولكن في المنطقة الشرقية التي يعيش فيها الكثير من الشيعة أثارت
عملية تعبئة الجماهير قدرا أكبر بكثير من الاهتمام. ففي المساجد
والمنازل وحتى المراكز الرياضية حث الدعاة والزعماء المحليون السكان
على انتهاز هذه الفرصة.
وقال مهدي رمضان وهو رجل أعمال شيعي "يعتبر الناس أنفسهم أقلية
ويريدون أن يكون صوتهم مسموعا... لذلك فانها منبر لهم. كان الباب مغلقا
وأصبح مفتوحا الان وسوف يدخلون."
وتأتي الانتخابات وهي الاولى من نوعها في ظل الحكم الملكي المطلق في
اطار اصلاحات حذرة أجرتها الاسرة الحاكمة السعودية استجابة لضغوط
داخلية ودولية للتغيير بعد هجمات 11 سبتمبر أيلول التي كان أغلب
منفذيها من السعوديين.
وسينتخب الذكور دون الاناث نصف عدد الاعضاء في 178 مجلسا بلديا
وسيتم تعيين العدد الاخر من الاعضاء. وتجرى الانتخابات بشكل ممتد في كل
انحاء المملكة ابتداء من الاسبوع القادم في الرياض وفي الشهر القادم في
شرق البلاد وفي غرب البلاد في ابريل نيسان.
وفي الرياض التي يسكنها أربعة ملايين نسمة سجل 149 ألفا فقط أسماءهم
للتصويت وهو تقريبا ربع عدد المؤهلين للانتخاب.
وفي مدينة الاحساء المحيطة ببلدة الهفوف الواقعة على بعد 400
كيلومتر شرقي العاصمة سجل اكثر من 60 ألفا أسماءهم أي نحو 45 في المئة
من الذكور المؤهلين للانتخاب.
وقال رمضان "تمت تعبئة الناس قبل ثلاثة أشهر. أعلن عنها في المساجد
وكانت هناك ضغوط اجتماعية على الافراد لتسجيل أسمائهم." ونقلت حافلات
الناخبين من المناطق النائية الى مراكز التسجيل.
وأضاف "قد تكون الانتخابات في الرياض مجرد مسألة خدمات بلدية. ولكن
هنا فان الامر متعلق بالخدمات وكذلك بتوفير منبر حتى يكون صوتي مسموعا."
وستجرى الانتخابات البلدية بعد أسابيع من اجراء الانتخابات العامة
في العراق المجاور التي يوشك الشيعة على الفوز فيها.
وما زال حكام السعودية حذرين تجاه الشيعة خشية أن يؤدي تحسن وضعهم
في العراق الى تقوية الشيعة في الداخل كما حدث مع قيام الثورة
الاسلامية في ايران قبل نحو ربع قرن.
ولكن زعماء الشيعة السعوديين يؤكدون على ولائهم للمملكة التي يقولون
انها تواجه تهديدا أكبر بكثير من المقاتلين السنة من المؤيدين لاسامة
بن لادن زعيم تنظيم القاعدة والذين شنوا تفجيرات انتحارية وارتكبوا
حوادث اطلاق نار في السعودية منذ مايو ايار عام 2003.
وقال محمد الجبران وهو مهندس من الهفوف "هذه فرصة حتى يحصل الناس
على ما يعتقدون أنها حقوقهم مقارنة بالسنة... نأمل أن تكون الانتخابات
الخطوة الاولى في عملية اصلاح."
ويقول الشيعة علانية على الاقل ان الحكومة بدأت بالفعل في الانتباه
لبعض متاعبهم بما في ذلك التمييز في فرص العمل والتعليم الاجباري
للمذهب السني في المدارس وفرض قيود على بناء مساجد الشيعة.
ولكن ما زال الاستياء كامنا نتيجة عدم المساواة المتصورة. ويوجد في
شرق السعودية أكبر احتياطي للنفط في العالم وهو مصدر الثروة في
السعودية ولكن الاستثمارات في البنية الاساسية متأخرة كثيرا عن العاصمة.
ويعتبر الكثير من الوهابيين الشيعة من الهراطقة. وبرزت التوترات بين
المذهبين عندما نشر في موقع سياسي على الانترنت بيان يحث السنة على
تسجيل أسمائهم في المنطقة الشرقية لمواجهة أي نفوذ قد يحصل عليه الشيعة.
وقال أحد المراسلين الذين أزعجهم كثرة عدد الشيعة الذين سجلوا
أسماءهم "سيطرق الرافضة كل الوسائل والطرق لتحقيق أهدافهم" مشيرا الى
تسجيل 30 ألف شيعي أسماءهم في بلدة واحدة مقارنة مع 20 ألفا فقط من
السنة.
المصدر: رويترز |