تابعت الدول العربية بقلق واهتمام الانتخابات العراقية التي جرت
الاحد والتي يجمع المحللون على ان نتائجها تتجاوز حدود العراق مع
انعكاسات على المنطقة كلها.
وكتب غسان شربل رئيس تحرير صحيفة الحياة انه "رغم الاشلاء المتطايرة
على طريق الانتخابات وقرب مراكز الاقتراع" فان "انتخابات اليوم تبدو
اوسع من حدود العراق. عدد المعنيين والمراقبين والقلقين من غير
العراقيين كبير واستثنائي ثمة من يتابعها كانه معني بالاقتراع فيها لا
بنتائجها".
واضاف انه "يمكن الحديث عن ثلاثة اطراف (معنية خصوصا بهذه
الانتخابات) : جورج بوش وابو مصعب الزرقاوي واهل المنطقة".
ويشير الى ان "اليوم شديد الاهمية بالنسبة لاهل المنطقة. قيام عراق
جديد يشكل الشيعة العمود الفقري لقراره السياسي ومؤسساته الامنية حدث
غير بسيط والسؤال سيتركز على حجم قوى الاعتدال وحجم التأثير الايراني
وكيف سيدير المنتصرون انتصارهم".
وكانت الاردن اكثر الدول العربية التي اعربت صراحة عن قلقها من
انعكاسات الانتخابات العراقية. واعربت المتحدثة الرسمية باسم الحكومة
الاردنية اسمى خضر في تصريحات لوكالة فرانس برس عن القلق حيال تصاعد
اعمال اعنف الاحد في انحاء العراق اذ ادت العمليات الانتحارية حتى
منتصف انهار الى مقتل اكثر من عشرين شخصا اضافة الى اثنين من منفذيها.
واشارت الى "الظروف الصعبة والقاسية التي تجري فيها الانتخابات
واحتمال ان يؤثر ذلك على المشاركة وعلى شمولية هذه المشاركة" مؤكدة ان
ذلك "مصدر قلق لكن لا خيار سوى المضي قدما في المساعي الرامية الى
امساك العراقيين بزمام الحياة السياسية في بلادهم".
واكدت خضر ان "اجراء الانتخابات بالرغم من كل الظروف المحيطة
بالعملية خطوة نأمل ان تساعد على تحقيق الاستقرار وعكس ارادة الشعب
العراقي بكل اطيافه وبدون استثناء اي طرف".
واضافت "انها خطوة اذا ما نحجت وتمكن كادر القيادة المنتخب من المضي
قدما في وضع الدستور والخطوات الضرورية لبناء الحياة السياسية بصورة
ديموقراطية فان ذلك سيكون له انعكاس ايجابي على العراق اولا وعلى جميع
الدول المجاورة بما في ذلك الاردن".
وفي الامارات كتبت صحيفة الخليج في صدر صفحتها الاولى ان انتخابات
العراق تجري في "مناخ حرب" واعربت عن خشيتها من من ان تؤدي الى "تقاتل
داخلي والي تمزق وحدة العراق لتحقيق هدف الاحتلال وهو البقاء (في
العراق) بحجة ان العراقيين غير قادرين على الحفاظ على وطنهم او ممارسة
الديموقراطية".
وعنونت صحيفة الرياض السعودية "العراقيون ينتخبون جميعتهم الوطنية
تحت القنابل". اما صحيفة عرب نيوز (الناطقة بالانجليزية) فكانت اكثر
تفاؤلا اذ اعتبرت ان "اجراء الانتخابات يعد بحد ذاته هزيمة للارهابيين
وانتصارا ضروريا لقوى الاعتدال".
ودعت الصحيفة الاغلبية الشيعية التي يبدو ان فوزها في الانتخابات
مؤكد الى العمل لصالح كل القوى العراقية من اجل "الحاق هزيمة كبيرة
بدعاة العنف".
وفي القاهرة تساءلت صحيفة نهضة مصر (المستقلة) عما اذا كانت
الانتخابات في العراق "انطلاقة للديموقراطية ام حرب اهلية".
وسخرت صحيفة الجمهورية الحكومية المصرية من "الانتخابات السرية"
التي تجري في العراق بينما ركزت صحيفة المصري اليوم (المستقلة) على
وجود "تهديدات بتحويل الشوارع الى بحر من الدماء".
وفي الاردن كتب جورج حداد في صحيفة الدستور يوم الاحد "هناك
انتخابات في العراق اليوم ولكن هناك ايضا حظر تجوال وقوائم انتخابية
تلف السرية اسماء المرشحين فيها ورموزهم الانتخابية".
وقالت صحيفة (الدستور) الاردنية فى افتتاحيتها يوم الاثنين ان
الطريقة التي جرت فيها الانتخابات يوم الاحد امر يفوق التوقعات وبخاصة
انها انجزت بمشاركة نسبة كبيرة من العراقيين وبرغم الفوضى الامنية
والسياسية.
ودعت الصحيفة من قاطعوا الانتخابات الى عدم الظن بان موقفهم الوطني
قد تعرض للهزيمة نتيجة الاقبال الكبير نسبيا الذي سجلته معظم مراكز
التصويت مضيفة ان الذين مارسوا القتل البشع تعبيرا عن رفضهم للانتخابات
" سقطوا وحدهم فى حضرة الدم البريء عند الحد الفاصل بين الحلال والحرام
لأن تلك الهجمات التي استهدفت الناخبين العراقيين لا يمكن الدفاع عنها
تحت اي ظرف من الظروف ".
واضافت انه فى كل الأحوال لايمكن تصور العراق دون مؤسسات شرعية حتى
ولو كانت غير مكتملة الشروط او فاقدة للتوازن الذي يضمن فعاليتها لأن
الزمن كفيل بتصحيح هذه المؤسسات بما يحقق سلامة ووحدة النظام الجديد في
العراق ما دامت امكانية الاختيار الحر والديمقراطي متاحة لشعبه فى اي
وقت لتنظيم شؤون البلاد.
وقالت (الدستور) ان الانتخابات كانت استحقاقا لابد منه لفتح الطريق
امام التمثيل النيابي وصياغة دستور جديد للبلاد وانتخاب قيادة يختارها
الشعب مضيفة ان الأهم الآن هو كيفية توظيف نتائج الانتخابات لصون وحدة
العراق ارضا وشعبا والتمهيد لاستعادة سيادته واقامة الدولة الحرة
المستقلة كما ان مسؤولية العرب هي مساعدة العراقيين على اجتياز المرحلة
بأمن وأمان. من جانبها قالت صحيفة (الرأي) فى مقالها الافتتاحي ان جميع
العراقيين الذين تنافسوا فى الانتخابات والذين ستفرزهم نتائجها كأعضاء
فى الجمعية الوطنية الجديدة مدينون بهذا الفوز الى شعبهم اولا واخيرا
وليس لدولة او جهة وبالتالي ليس لطائفة او مجموعة اثنية او عرقية او
مذهبية.
ودعت الصحيفة الفائزين الى ان يضعوا نصب اعينهم ان آليات
الديمقراطية التي انتخبتهم هي وسيلة للحكم وترسيخ الشعور بالمسؤولية
ومشاركة فئات المجتمع وشرائحه كافة فى صنع القرارات التي تهم العراقيين
وتضمن مصالحهم.
وقالت ان على الحكومة الجديدة وبغض النظر عمن سيشكلها او الائتلاف
الذي ستتكون منه "ان تحذر من الوقوع في مطب الطائفية او المذهبية او
التمييز العرقي وان يكون هدفها الاول هو اعادة اللحمة للشعب العراقي
ودعوته للمشاركة في صنع القرار ومنح الأمن والطمأنينة للأقليات وللفئات
التي عارضت الانتخابات او وقفت منها موقفا سلبيا لسبب او آخر ".
ودعت الحكومة العراقية المقبلة الى الشروع باعادة اعمار العراق
مضيفة ان الاتفاق على جدول زمني للبدء فى رحيل قوات التحالف سيكون في
مرحلة قادمة مهمة ضرورية وعاجلة.
وقالت ان عراق ما قبل الانتخابات ليس هو عراق ما بعدها ولعل اول من
سيدرك ذلك التغيير هم العراقيون انفسهم والمطلوب منهم ان يتوحدوا
ويحفظوا عروبة بلدهم ووحدته وتماسك شعبه وان لا يرتهنوا لارادة أحد.
ولاحظ الخبير بمركز الدراسات السياسية بصحيفة (الأهرام) الدكتور
ضياء رشوان أن الناخبين فى العراق أدلوا بأصواتهم وسط انفجارات أسفرت
عن سقوط عشرات القتلى .
وأشار الى أنه بالرغم من المقاطعة السنية شبه الكاملة الا أن
الناخبين البالغ عددهم 14 مليون ناخب حاولوا القيام بواجبهم الانتخابي
وسط ظروف أمنية غير مواتية فى أول انتخابات تشهدها البلاد منذ نصف قرن
وسقوط نظام صدام حسين .
ورأى أن نسبة المشاركة والتي وصلت الى نحو ستين بالمائة وفقا لما
أعلنته المفوضية العليا للانتخابات وهو ما فاق أي توقعات حول معدلات
اقبال الناخبين يعد دليلا على رغبة الشعب العراقى فى المشاركة فى صياغه
مستقبله السياسي.
من جانبه رأى استاذ العلوم السياسية الدكتور أحمد يوسف أن مقاطعة
السنة للانتخابات كما ظهر أمس ربما يعكس شعورهم بالغبن من الترتيبات
السياسية التى أعقبت دخول القوات الأجنبية وخوفهم من تهميشهم ومقاطعة
الانتخابات هو محاولة لافشال العملية السياسية.
وقال " ان السنة ربما يواجهون مازقا اذا ما أفرزت الانتخابات حكومة
متماسكة تستند الى الشيعة بصفة أساسية ويكون لها توجه وطنى بمعنى أن
تطالب بنهاية لوجود القوات الأجنبية".
من جانبها رأت صحيفة (الأهرام) فى افتتاحيتها يوم الاثنين ان
الانتخابات العراقية تجرى وسط ترقب لقوى اقليمية لنتائج هذه الانتخابات.
وقالت ان نتائج تلك الانتخابات ستمثل مقدمة مهمة لاعادة هيكلة
الخريطة السياسية في منطقة الشرق الاوسط واعادة توزيع العلاقات بمافى
ذلك اعادة هيكلة العلاقة بين الجماعات العرقية والمذاهب الدينية في
المنطقة.
وأضافت أنه على الرغم من أن هذا الاستنتاج لايمثل جديدا الا ان ردود
الفعل الاولية للقوى الاقليمية تشير الى بوادر خلاف شديدة حول النتائج
المحتملة لتلك الانتخابات ومن ثم تصاعد مخاوف شديدة من احتمال عدم تمتع
نتائج تلك الانتخابات بالشرعية الاقليمية اللازمة.
ورأت أن هذه الشرعية لاتقل عن اهمية الانتخابات ذاتها كمصدر مهم
لشرعية الحكومة العراقية وبلا شك فى ان مثل تلك الخلافات الاقليمية حول
شرعية الانتخابات سوف تلقى باثارها على مستقبل عملية اعادة بناء الدولة
العراقية واستكمال الاطار السياسى الموجه لتلك العملية.
وقالت أن التساؤل المهم يظل مطروحا هل تستطيع القوى الاقليمية تجاوز
صراعاتها وخلافاتها السياسية لمصلحة بناء العراق واستكمال عمليته
السياسية.
المصدر: وكالات |