ينافس الاسلام على كسب قلوب وعقول السكان الاصليين من التسوتسيل في
المكسيك في ولاية تشياباس موطن متمردي زاباتيستا والتي تشهد صراعا
طائفيا بين المسيحيين.
وفي لقاء نادر من نوعه بين عالمين تمكنت طائفة مثالية من المسلمين
من تحويل نحو 300 من التسوتسيل وهم جماعة من الهنود الحمر من طائفة
المايا معروفة باحتفالاتها التي تقوم على احتساء الخمور الى الاسلام.
ويقول محمد امين لوبيز (46 عاما) وهو تاجر فواكه من التسوتسيل كان
أول من تحول الى الاسلام في الولاية عام 1995 «تعلم الصلاة باللغة
العربية كان صعبا في البداية لكني الان احفظها عن ظهر قلب.»وهو يصلي
الفروض الخمسة يوميا وأدى فريضة الحج ويحضر الصلاة في مسجد صغير في حقل
للذرة على مشارف بلدة سان كريستوبال دي لاس كازاس.
وبجوار المسجد تغسل سيدة من التسوتسيل ترتدي ثوبا هنديا مزركشا
وتعرف باسمها الاسلامي كريمة الثياب في نبع قرب مجموعة من المنازل
الخشبية المتهالكة.
واثار انتشار الاسلام في مثل هذه المنطقة المضطربة دهشة جهاز
المخابرات المكسيكي القلق من ظهور انشطة ارهابية تستهدف الولايات
المتحدة المجاورة.
لكن المسلمين من التسوتسيل لا يعبأون كثيرا بالجهاد بعد ان شهدوا
صراعات دينية وسياسية على مقربة منهم.
وأغلبهم كانوا من البروتستانت الذين طردتهم من بلدة قريبة جماعة من
التسوتسيل الذين يمارسون خليطا من الكاثوليكية وطقوس المايا الهندية
القديمة في صراع بدأ في السبعينات.
واجبر نحو 30 الفا من البروتستانت على ترك ديارهم وقتل اكثر من مئة
في اعمال العنف الطائفية.
وقال لوبيز «الناس في تشياباس يملأهم السواد»وأضاف «الكاثوليك
والبروتستانت تقاتلوا كثيرا ومتمردو زاباتيستا لا يريدون الا معرفة
شيءعن الحرب وليس الاسلام.»ويتبنى بضع عشرات من المبشرين الاسبان الذين
جاءوا بالاسلام الى تشياباس ومازالوا يعيشون فيها اراء سياسية
واقتصادية راديكالية مثل انهم يريدون التخلص من العملة والضرائب
والدولة لكن زعماء الكنيسة والاكاديميين يقولون ان الجماعة لا علاقة
لها بالعنف.
وفشل الاسبان وهم أعضاء في مجموعة من الغربيين الذين تحولوا للاسلام
تعرف باسم المرابطون في مسعى للتحالف مع متمردي زاباتيستا قبل عشر
سنوات والتزموا الهدوء نسبيا منذ ذلك الحين.
وتعرض المبشرون وهم ناشطون كذلك في الولايات المتحدة وأوروبا لصفعة
عندما انشق لوبيز ونحو 80 اخرين من التسوتسيل عنهم قبل بضعة أعوام في
خلاف على الارض والوظائف.
ولم يستوعب التسوتسيل الذين يبلغ عددهم الان نحو 330 الف نسمة
ويعيشون في جبال ولاية تشياباس بالكامل قط في العالم الاسباني
الكاثوليكي منذ أن غزت اسبانيا المكسيك في القرن السادس عشر.
وهم يشكلون مع غيرهم من هنود المايا الفقراء عماد متمردي زاباتيستا
الذين شنوا انتفاضة في تشياباس في عام 1994 وتراجعوا الان الى قواعد في
الغابات.
ولا تحكم الكنيسة الكاثوليكية سيطرتها على التسوتسيل الذين يقدم
بعضهم الدجاج كأضاح في الكنيسة وتحت ضوء القمر في طقوس مسيحية اسما.
ويتلهف التسوتسيل مثل غيرهم من السكان الاصليين البالغ عددهم 12
مليونا في المكسيك على غذاء روحي.
وقال فيليب اريزمندي الاسقف الكاثوليكي في سان كريستوبال دي لاس
كازاس «انهم اناس يرتبطون بالاديان بصرف النظر عن مصدرها.الاسلام عرض
نفسه مثل أي خيار اخر.»ويقول الخبراء ان المايا اصبحوا ماهرين في تبني
معتقدات وولاءات مختلفة بعد أن زحف العالم الخارجي على غاباتهم وجبالهم.
وقال جاسبر موركشو خبير علوم الانسان «لهذا السبب تمكنوا من البقاء
طويلا.
«تمكنوا من أن يكونوا في طليعة أي اقتراح أو مشروع سياسي يعرض عليهم
على مدى 500 عام.»لكن زعماء متمردي زاباتيستا رفضوا عرضا من المبشرين
المرابطين للتحول الى الاسلام اثناء اجتماع في تشياباس في فبراير شباط
عام 1995، وتابع موركشو مؤلف دراسة عن مسلمي تشياباس «تم اتصال في
بادىء الامر بجيش زاباتيستا لكنه فشل.»ومنذ ذلك الحين التزم المرابطون
الهدوء في تشياباس واقاموا مدرسة اسلامية وبضعة مشروعات أعمال صغيرة.
وتخبز سيدات محجبات من السكان الاصليين ويعمل شبان مكسيكيون ملتحون
في مطعم في سان كريستوبال دي لاس كازاس الذي يملكه المرابطون.ولا يقدم
المطعم انواع البيتزا التي تشمل لحم الخنزير.
والمرابطون الذين تأسست جماعاتهم على يد اسكتلندي كان يقيم في
المغرب وتحول الى الاسلام في الستينيات هم جماعة سنية لكنها تمارس بعض
الطقوس الصوفية الباطنية.
وهم ينتقدون بشدة التعامل بالفائدة التي يعتبرونها ربا ويدعون
لالغاء الضرائب والدولة ليحل محلها نظام الامارة الاسلامية التي تتعامل
بالعملات الذهبية.
ويفيد بيان للجماعة على موقعها المكسيكي على الانترنت «نموذجنا ليس
ايديولوجيا او يتعلق بمدينة فاضلة بل يستند الى حياة نبينا محمد».
المصدر: رويترز |