العمل على اتخاذ الخطوة لأداء فريضة الحج للقادرين المؤمنين سعي نحو
تركيز هداية الإيمان أكثر من النفوس الطموحة.
الخوض في أداء فريضة الحج يقود حتماً إلى الوقوف الكامل على حسن نية
إنجازها مرضاة لله سبحانه وتعالى ذلك أن الكعبة المشرفة بحرمها المكي
الإلهي العظيم تشكل مهبط ملائكة السماء ومحط نزول الملك الأمين جبرائيل
فيها الذي تواصل مع الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى أنجز
رسالة نهضته الكبرى في انبثاق الدين الإسلامي الحنيف الذي أصبح واقعاً
إيماناً ثابتاً توّج الله سبحانه وتعالى به كـ(خاتمة) لكل الأديان
السماوية السابقة.
ومكانة الحج في النفوس المؤمنة ليس أداء لزيارة للحرم المكي ليعود
بعدها المؤمنون والمؤمنات بصورة تتوازى بها درجة إيمانهم بالدرجة التي
كانوا يتمتعون بها قبل أداء فريضة الحج إذ أن (الحاج) أو (الحاجة) بقدر
ما تقترب النفس المؤمنة إلى باريها الخالق الأعظم الله سبحانه وتعالى
لكن التزاماً جديداً تضفيه هذه الفريضة على الحجيج من رجال ونساء ألا
وهو عدم الوقوع في الخطأ وبالذات جناية ظلم الأخيرة بأي مظلمة صغرت أم
كبرت فبعد أن يعفي الله سبحانه عز وعلا عن الحجيج ذنوبهم ينبغي على
هؤلاء أن ينتهزوا فرصة أداء فريضة الحج كي لا يقعوا في اقتراف ذنب
مكرراً.
وطغيان الحضور الروحي للحجاج نساءً ورجالاً هو أحد أكثر الوسائل
تأثيراً على النفوس ولذا يلاحظ أن جمهور الحجيج هم أكثر الناس الذين
يستجيبون لـ(نداء الحق) إينما وكيفما ورد إلى صوب شخصياتهم.
ولذا فإن الحج إذ يشكل بياناً عبادياً هاماً من الله سبحانه عزت
وعلت قدرته فإن مؤدي فريضة الحج يكتسبون من الأداء لها مرتبة معنوية
وثواباً عالياً في الجنة لذا فإن انتباه الحجيج بعد الانتهاء من إنجاز
هذه الفريضة ومراسيمها الإيمانية أن يبقوا على اتعاظ دائم غير قابل
للتراجع أو التحول إلى ما يثير غضب الله العلي القدير في شيء مهما قلّت
قيمته.
والمسلمون العباديون الذين يعترفون أن الله العظيم هو الإله الأحد
الذي هو بلا منازع لا شريك له فهذه الوحدانية المعترفة بالله سبحانه
علت درجات أسماؤه الحسنى هي نوع من السفر إلى الله العلي إذ لا تؤخذ
مظاهر الحج وكأن الحاج أو الحاجة قد أديا فريضة الحج كنوع من إشباع
الفضول في الزيارة.
والحج إلى بيت الله الحرام فيه تحدٍ كبير للشيطان وتحدٍ لمن هو
محكوم عليه اجتماعياً في حكم الشيطان. إن فريضة الحج عظيمة بيد أن بيت
الله الحرام الذي يعج بالمؤمنين والمؤمنات الحجيج يزدهي أكثر بالزحام
فيه حتى ليبدو المشهد العام وهم في الحرم المكي وكأنهم في حفل مهيب
يستحق التبجيل. |