للتعبير عن المعتقد أشكال وأساليب منها ما هو شخصي بحت ومنها ما هو
جماعي أو عام وخير مثال للحالة الأولى إبداء التصريحات والمثال على
الحالة الثانية هو التوضيح الرسمي لوجهة نظر المعتنق المنطلق أساساً من
أساسيات معتقده.
وتبقى الحرية خير مجال للتعبير عن المعتقد فبدونها يصعب على المرء
توفير الأجواء المناسبة للتعبير أو تيسير حالته وحق الإنسان في الفكر
الذي يعتنقه هو اليوم أمر يكاد يُعترف به على الورق أكثر من الواقع
ويلاحظ مثل هذا.. الانطباع في بلدان الاستبداد والعمالة والتبعية التي
تحارب اعتناقات ومعتقدات الآخرين بأساليب القمع والبطش وأحياناً بأسلوب
(التسكيت).
إلا أن قمع الأفكار المغايرة للحكومات المستبدة السائدة في بقاع
كثيرة من العام تدل في أحد جوانب حقيقتها على هاجس تلك الحكومات لذا
يلاحظ أنها تبادئ الحكم المسبق على الآخرين بواسطة وضع بنود في قوانين
دولها لتحدد عن طيب لا خاطر مما يعني أن كل من يخالفها يعتبر قد وقع في
فخ تلك القوانين المتخلفة والجائرة معاً. فمثلاً أن الحق في اكتساب
المعارف الثقافية المنوعة بقدر ما تشكل أهمية لتنوير الإنسان وبالتالي
تثقيف المجتمع بما يجري وجرى على البشرية فإن لبعض السلطات قائمة طويلة
في الممنوعات الثقافية التي تحجب الحقائق المعرفية بأمور كثيرة سواء
فيما يخص (التاريخ وأحداثه) أو يتعلق بـ(الحياة وفلسفتها).
والملاحظ في التجربة الخاصة بممارسة حرية المعتقد أن المانعين لهذه
الحرية من جهات رسمية أو شبه رسمية لا يدرون كم هم ممقوتون أمام الرأي
العام المحلي في بلدانهم إذ تعتقد تلك الجهات أن ممارسة البديلة في
القمع المقر قانوناً (مجرد قانون لا أكثر) وضعه رجال قانون شكليون ووقع
عليه حكام دول شكليون أيضاً كفيل بغلق الأفواه المعارضة عما يجري في
الحياة المجتمعية.
والقلق الحقيقي الذي يساور النفوس البريئة والخيرة حول الحقوق
الاجتماعية المهدورة من حياتها فيها من الاستعراضات ما يمكن أن تسوق
أعداء الحياة الذين يقودون عمليات الهدر في النفوس والمستقبل بعد هدرهم
للمواد والمال والمعنويات إلى حافة الإفلاس المعنوي وخلفية العديد مما
يجري يعود إلى عدم الاعتراف بممارسة حق حرية المعتقد لعموم الناس.
والمطلّع على أرشيف ما يسمى بـ(الجرائم السياسية) فيه من المظالم
العلنية التي لحقت بالوطنيين في بلدان عديدة ما يندى له الجبين ويكفي
الإشارة أن اللبيب هو الذي يستطيع المقارنة بين واقع وآخر. |