نظم المعهد العربي للتخطيط حلقة نقاشية متخصصة حول (اثار العولمة في
توزيع الدخل في الدول العربية) تم خلالها استعراض اثر العولمة على حالة
توزيع الانفاق (مستوى المعيشة) في الدول العربية من خلال تطبيق
المنهجيات الاقتصادية في هذا المجال.
وافتتح مدير المعهد الدكتور عيسى الغزالي الحلقة بكلمة بين فيها ان
الدراسات المتخصصة اوضحت ان الاقتصاد العالمي قد تعرض لثلاث موجات من
العولمة استندت جميعها على تأثير التقدم التقني على تكاليف النقل
والمواصلات والاتصالات.
وقال الغزالي ان الموجة الاولى للعولمة كانت خلال الفترة من 1870
الى 1914 والتي شهدت نضوج الثورة الصناعية وما صاحبها من تقدم تقني
هائل وهجرة دولية كبرى نحو العالم الجديد في ذلك الوقت.
وفيما يختص بالموجة الثانية للعولمة قال انها تمت خلال الفترة من
1945 الى 1980 منوها بتميزها بتحرير التبادل التجاري بين الدول
المتقدمة فيما بينها في مجال السلع المصنعة والخدمات.
واضاف الغزالي ان الموجة الثالثة بدأت عام 1980 وحتى الوقت الحاضر
وهي الفترة الزمنية التي شهدت ولوج عدد من الدول النامية للاسواق
الدولية للسلع المصنعة حيث ارتفع نصيب هذه السلع من اجمالي صادرات هذه
الدول من متوسط 20 في المائة الى متوسط 80 في المئة .
واوضح ان الموجة الثالثة للعولمة اثارت جدلا واسعا في مختلف
المجتمعات لاسيما فيما يتعلق بقضايا المساواة في توزيع الدخل بين مختلف
الشرائح السكانية.
واشار الغزالي الى ان مجال توزيع الدخل لاسيما في علاقته مع تحليل
الفقر يمثل احد المجالات البحثية التي يعمل فيها المعهد بحثا وتدريبا
منوها الى ان المعهد يقوم حاليا بتنفيذ بحث تطبيقي مقارن بالتعاون مع
المعهد الدولي لسياسات الغذاء ومقره واشنطن حول (اثر السياسات العامة
في الاقلال من الفقر في الدول العربية).
من جهته ذكر مقدم الحلقة النقاشية المستشار الاقتصادي الدكتور علي
عبدالقادر ان توزيع الانفاق الاستهلاكي في الدول العربية كان في بداية
التسعينات وقد اتسم بقدر كبير من عدم المساواة كما يعكسه متوسط (معامل
جيني) بلغ حوالي 39 في المائة وانه كان هناك اتجاه نحو انخفاض درجة عدم
المساواة حيث قدر متوسط هذا المعامل بنهاية تسعينات القرن الماضي
بحوالي 38 في المائة.
وقال ان من بين عينة الدول العربية التي توفرت لها معلومات لحساب
المؤشر المركب للعولمة للفترة 1980-1999 فان كل من تونس ومصر والمغرب
يعتبرون من ضمن الدول التي يمكن ان يطلق عليها دول معولمة .
واضاف عبدالقادر ان بقية الدول لم تتمكن من الانخراط في النظام
الاقتصادي العالمي بدلالة انخفاض او ثبات المؤشر المركب للعولمة وهي
الاردن والبحرين والجزائر والسعودية وسوريا والكويت وعمان.
واوضح ان من بين عينة الدول العربية التي توفرت لها معلومات لحساب
المؤشر المركب للعولمة للفترة 1990-1999 هي الاردن وتونس وعمان وهي
تعتبر من ضمن الدول التي يمكن ان يطلق عليها دول معولمة بينما لم تتمكن
بقية الدول من الانخراط في النظام الاقتصادي العالمي بدلالة انخفاض او
ثبات المؤشر المركب للعولمة.
وافاد عبدالقادر انه على الرغم من المؤتمرات الدولية المتعددة ومن
العدد الكبير للمبشرين بالعولمة لا يوجد شواهد تطبيقية على المستوى
الدولي تؤيد عدم وجود تاثير سلبي للعولمة على حالة توزيع الانفاق او
الدخل وان عدد من الدراسات التطبيقية المنضبطة منهجيا توضح انه ربما
كان للعولمة تأثير سالب على مساواة الدخول بمعنى ان تؤدي الى زيادة عدم
العدالة في التوزيع.
واكد ضرورة النظر الى النتائج الدولية والعربية حول اثر العولمة على
التوزيع على انها تستدعي تعميق البحث في اثر العولمة على التوزيع
لاسيما في الدول النامية وذلك لما يمكن ان تفرزه زيادة درجة عدم
المساواة في التوزيع من عدم استقرار سياسي ومن ثم عدم استقرار اقتصادي.
وبين انه اذا وجد اثارا سلبية للعولمة على التوزيع فان ذلك سيستدعي
ان تنحو صياغة السياسات الاقتصادية نحو تأسيس انظمة اجتماعية تعيد
توزيع المزايا المرتقبة من العولمة بحيث لا تتفاقم حالة التوزيع.
وتهدف الورقة الى استكشاف اثر العولمة على حالة توزيع الانفاق (مستوى
المعيشة) في الدول العربية التي تتوفر لها المعلومات حيث استعرض مقدم
الحلقة لاهم مؤشرات قياس عدم المساواة (او عدم العدالة) في توزيع
الانفاق او الدخل او الثروة واهم النتائج الدولية حول تأثير العولمة
على توزيع الدخل على المستوى الدولي.
كما تناول عبدالقادر في ورقته حالة الدول العربية والتي استعرض من
خلالها اهم النتائج فيما يتعلق بتوزيع المساواة في عينة من الدول
العربية والاتجاهات الزمنية لدرجة عدم المساواة في التوزيع وعرض
النتائج التطبيقية حول حالة عولمة الاقتصاديات العربية واثر العولمة.
المصدر: كونا |