لا أحد يدري كم كان (صدام حسقيل) يبني من أحلام في رأسه التي ستجعله
شخصاً معترف به كـ(شخص سوي) إذا ما (وصل) وبمعنى (أوصلوه) إلى دست
الحكم حيث سينتزع ذلك الاعتراف به بقوة (الفرض السياسي) ولكن ما تحقق
له لم يكن أكثر من خوض في محاكاة خاطئة الحسابات والتي انتهت إلى لا
شيء.
ومع أن قصة فرض الاحترام له! كان قد بدأها حين أخذ ينزل حكم الموت
بالسجناء الذين أصبحوا تحت أمرته في السجن المؤقت الذي أتخذه في أقبية
ما تحت مدارج ملعب الإدارة المحلية في منطقة المنصور ببغداد بعد عودته
من القاهرة أثر نجاح انقلاب 8 شباط 1963م الاستعماري وربما كان من
السباقين الأوائل الذين مارسوا فقى العيون والإماتة المباغتة في القلب
للسجناء الذين كان ينوي انتزاع اعترافات سياسية منهم حول تنظيماتهم
السياسية وأسرارها لكن ما هو مسجل في ضمائر الشعب العراقي أن ذاك
الـ(صدام) كانت أغلب مجاميع السجناء من ضحاياه هم من الأبرياء أي
اللاسياسيين الذين تم إلقاء القبض عليهم بموجب تعليمات القائمين على
ذاك الانقلاب المشبوه الذي وصفه فيما بعد أحد أركانه وهو علي صالح
السعدي الذي شغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية في حكومة
الانقلاب وكان ينسق مع صدام حسقيل عما يجب أن يقوم به من أعمال إجرامية
ضد السجناء إذ قال السعدي بعد سنوات من الانقلاب أنهم جاؤوا إلى الحكم
بقطار (أنكلو – أمريكي) وسبحان الله فالاحتلال اليوم هو ذاته احتلال (أنكلو
– أمريكي).
فلقد أمات صدام العديد من المواطنين العراقيين غير السياسيين فربح
من ذلك أن تهيّب من شخصه كـ(مجرم سياسي) عناصر وشخوص الانقلاب. قبل
غيرهم حتى إذا ما جاء حكم عبد السلام عارف في 18 تشرين الثاني من نفس
السنة 1963م وأزيل حكم فريق انقلاب شباط التنظيمي عن دست الدولة تعاون
صدام مع جماعة عبد السلام عارف الذين كانوا يمثلون التيار القومي
العربي الناصري في العراق وكان تعاونه ضد رفاقه في التنظيم السياسي
البعثي لكن تذكر رفاقه بكونه شخصاً مجرماً من الدرجة الأولى بحسب
التذكر بما قام في سجن ملعب الإدارة المحلية كان قد جعل رفاقه يغضون
النظر عن خيانته لهم حين تعاون مع حكم عبد السلام عارف لأن انقلاب تموز
1968م الذي مثل فيه الشخص الثاني كـ(نائب) لرئيس الجمهورية أحمد حسن
البكر أولاً ثم إشغاله مسؤولية جهاز الاغتيالات في التنظيم الذي وصل
إلى الحكم في 1968م قد وضع الحذر لدى كل رفاقه في أن ينطقوا بكلمة (لا)
واحدة ضده خصوصاً وأن الخيانة العظمى كانت ديدن الجميع كما هو معروف.
وهكذا فقد كانت البوزات الأولى لصدام بعد تموز 1968 موجهة لكل من يحاول
أن (يلعب ذيله) من الرفاق ضد الحكم الجديد الذي بدأ يتكتك مع الشعب قبل
القوى السياسية في البلد.
وحين استتب الأمر قليلاً لحكم انقلاب 1968م بدأت بوزات صدام تظهر
على الشعب أيضاً فقد أخذ يتهندم كثيراً وبشكل مغالاً به.. لدرجة أن
صوره المعلقة على حيطان الشوارع الرئيسية ببغداد أخذت تنتشر بصورة
ملفتة للانتباه مع أنه كان الشخص الثاني في دولة انقلاب 1968 الأنكلو –
أمريكي وكان لجاكيت صدام ذو الفتحتين ما جعل الناس يعلقون عليه
بـ(المشايف!).
إن نوايا صدام وبوزاته وعنترياته المتهورة قد ظهرت تماماً بعد
انقلابه على رفيقه البكر سنة 1979 إذ وجه كل جرائمه ونذلاته ضد شعب
العراق كي يحطمه تماماً. |