من المؤسف جداً أن تفقد المناسبات
والأعياد الإنسانية بهجتها ورونقها وابتسامتها المعتادة في جو من
الألفة والمشاعر الإنسانية وحب الحياة والخير والسلام. فالحروب
والكوارث والدمار والتشريد والقتل والعنف والإرهاب بدلت تلك النفوس
البريئة إلى وحشية والقلوب الرقيقة إلى قاسية متحجرة لا تعرف إلا القتل
والدمار وأصبح الأغنياء لا يهمهم سوى ارتفاع مستوى دخولهم وأرصدتهم
ورواج بضائعهم وحركة الأسواق ولو على حساب حياة البشر.
ففي الماضي كانت الأعياد تفيض العواطف الإنساني في الناس لمساعدة
بعضهم والتخفيف عنهم والسعي لقضاء حوائجهم أما الآن كما أعلن برنامج
الغذاء العالمي أن ملايين الأشخاص في جنوب القارة السوداء لن يجدوا ما
يكفيهم من الغذاء لتناوله خلال موسم أعياد الميلاد حيث بدأت التمويلات
الممنوحة في النفاذ، ويؤثر نقص التمويل لدى برنامج الغذاء العالمي على
نحو (2.8) مليون شخص في ليسوتو ومالاوى وموزمبيق وسوازيلاند وزامبيا،
والكثير منهم مصابون بالإيدز.
وقال البرنامج أنه أضطر إلى خفض الحصص التي يقدمها إلى الأشخاص
الأكثر حاجة إلى المساعدة في تلك المناطق، بسبب الضعف الشديد لمساهمات
الدول المانحة، وأطلق البرنامج مناشدة لتوفير (404) ملايين دولار في
تشرين الأول (أكتوبر) الماضي لتغطية الاحتياجات الغذائية لتلك الدول،
لكنه تلقى حتى الآن نحو عشرة ملايين دولار فقط، بينها (3.1) ملايين
دولار من اليابان.
واضطر البرنامج إلى اقتراض (12) مليون دولار، بينها (5) ملايين من
مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ويحتاج البرنامج إلى (36) مليون
دولار خلال الربع الأول من عام (2005).
وفي العراق تتفاوت استعدادات المسيحيين فيها للاحتفال بعيد الميلاد
هذا العام بعدما بات الوضع الأمني الهاجس الأكبر في تنقلاتهم. ففي
بغداد ألغيت صلاة منتصف الليل المظهر الرئيسي للاحتفال بسبب حظر التجول
الليلي. ولن يذهب كثر إلى الكنائس صباح يوم العيد خوفاً من أن يوجه
المسلحون الذين هاجموا من قبل كنائس ومساجد واحتفالات إسلامية ضربة
جديدة. وقال (وليام وردة) الناطق باسم الحركة الديمقراطية الآشورية: (إن
المسلمين والمسيحيين مستهدفون على حد سواء، وأضاف: عندما يقتلون أستاذاً
جامعياً أو يقصفون خط أنابيب نفطياً هم يهاجمون العراق بأسره، ومضى
يقول: نأمل بأن يقبل الناس على الانتخابات لأن مع وجود حكومة منتخبة لن
يشكو أحد من الاحتلال.
ويعتقد العراقيون على اختلاف أعراقهم وطوائفهم أن بلدهم سيكون أكثر
أمناً وسلاماً في عام (2005) الذي نقترب منه، وأن العمليات المسلحة
التي تشنها جماعات متمردة سيتم القضاء عليها، مع ما سيحمله العام
المقبل لهم من مفاجأة سارة بعد الانتخابات. |