حيثيات الإنسان إذا ما مست بشراً مستطير فينبغي أن تكون هناك ترجمة
عملية لمواجهة ذاك الشر ضمن إجراء موجب يقره قانون عادل أو عرف سوي.
إلا أن وجود الدولة تضعف بعض الأعراف على الرغم من أن بعض الأعراف
ترى قد صيغت ضمن بنود قوانين الدولة ذاتها وأصبحت قوانين ملزمة التطبيق
ولعل الأهمية التي توليها تجارب الحياة لتطبيق العدل قل نظيرها في بعض
الحالات السابقة لكن الهروب أو التهرب من تطبيق العدالة في مجالات
معاصرة عديدة على رغم أمرها الخطير لكنها مفضوحة أمام الرأي العام في
البلد المعين.
ومثلث أرواح وأعراض وأموال الناس هو محور المشاكل الآنية التي تتحكم
بالبشرية وحاضرها وربما مستقبلها أيضاً هذا إضافة إلى ما يتفرع من محور
هذا المثلث من حقوق مقرة في لائحة حقوق الإنسان لذا فإن اختيار الصلحاء
من الموظفين المؤدي لأجل الوقوف على حالة التجاسر على أساسية الحقوق
الخاصة أو العامة.. سيؤمن بدرجة مؤكدة أن موجبات إنزال القصاص العادل
بالقاتل ظلماً مثلاً بعد استجوابه بطرق قانونية كفوءة وإثبات إدانة
قتله لبريء أو بريئة هو من الأمور المستحثة لتنبيه كل من يريد في
الآخرين أن تسول له نفسه في قتل من لا يستحق القتل. وتلك هي حدود الله
سبحانه وتعالى التي اتخذت قوانين العديد من الدول حذو معناها.
وربما يكون السجن مجالاً لتطبيق العدالة بحق من يستحق سجنه لكن
تفليت قانون القصاص العادل وموجباته أحياناً يضع الدوائر والمحاكم
المختصة في (موضع اللامسؤولية) إذا ما علمنا أن سعادة الإنسان (الفرد)
والعائلة (النواة الاجتماعية) هي التي تؤدي للسعادة الكبرى لدى أي
مجتمع، ولعل مفهوم أن تكون (الحكومة الحقة خادمة للشعب) هو أفضل من حيث
استحصال النتائج للبناء الاجتماعي المتقدم لو تم تسييد البديل السلبي
عن ذلك ألا وهي حكومة البيروقراط.
إن مدرسة القصاص العادل تولي بكل فخر الحفاظ على مصالح الفرد
والمجتمع والدولة بصورة متواصلة دون أي استغلال أو تعال فالحكومة
كمجموعة أفراد تبقى دائماً تمثل اتجاهاً عاماً يفترض أن لا ينحرف عن
جادة إنصاف المجتمع الذي تتحكم بحياته ولا بتراثه بل وتعمل من أجل
تطوره.
أما المخالفون عن سبق عمد وإصرار للإساءة إلى بني جلدتهم سواء في
المجال السياسي كـ(تعميم الظلم) أو في المجال الاجتماعي كـ(تعميم خنق
الحرية) أو كـ(غض النظر عن الرشاوى) عند كبار الموظفين المتنفذين في
دولة ما فكلها تعتبر خيانة عظمى وأن أعتبر البعض الانتهازي أن ذاك حق
ضمني في زمن سياسي يشهد سقوط العدالة والقوانين في معظم بلدان العالم!
علينا أن نتساءل: لماذا للقصاص العادل موجبات؟ والجواب يبقى حيوياً
لأن في ذلك تأسي على حق المحرومين من الحقوق الأولية التي لا ينكرها
عليهم إلا غير العقلاء الذين يعيشون على نفوذ الظالمين المتربصين بلا
أهلية لإدارة إقامة العدل وبلا أي نبل. |