من الإشكالات السياسية في عراق ما بعد نظام صدام وفريقه السياسي
الاستعماري أن تكوينة النظام المذكور قد بلغت بما لا يقل عن 4 ملايين
عنصر من ماركة واحدة حيث تعاون الجميع بقدر وبآخر ضد شعبهم العراقي
وحاسبوا مواطنيه وكأنهم أعداء بدلاً من أن ينتهجوا طريق العدل معهم.
وهكذا فإن أول تفريط بالحقوق العراقية قد نبع من داخل العراق ومع
مرور الزمن حيث كان النظام الصدامي بحاجة إلى دعاية سياسية خارج الوطن
فقد تم استدراج العديد من عربان الجهالة المنتشرين في أغلب أجهزة
الإعلام وعدد منهم لم تتح له الفرصة كي يدلي بسمومه الإعلامية بعد
لصالح ذلك النظام الرهيب وهذا ما يمكن اعتباره بمثابة التفريط الثاني.
ويأتي التفريط الثالث بالقضية العراقية الساخنة حين تراجعت قوى
التحالف عما كانت قد أعلنته من اجتثاث التنظيم السياسي الذي كان يحكم
العراق والمتمثل في القيادة البعثية الصدامية إذ أتاح ذلك التراجع فرصة
العمل مجدداً حتماً لهؤلاء المرتزقة أن يكون لهم الدور الإرهابي الذي
تشهده ساحات العراق بعد أن أعيد مئات الآلاف من المنظمين لحزب السلطة
آنذاك إلى وظائفهم السابقة وكأن شيئاً لم يكن ولا من جرائم قام بها
أكثرهم ضد بني جلدتهم من شعب العراق بوقت معروف فيه أن معظم هؤلاء
كانوا قد شكلوا القاعدة السياسية الإرهابية للسلطة الصدامية
الاستعمارية.
واليوم فلأن نغمة (المصالحة الوطنية) ما تزال على أوجها وما تعنيه
هذه الكلمة من معاني كارثية حيث سيكون بإمكان كل المجرمين أن يكونوا في
أوضاع لا يمسهم بها أحد خاصة إذا ما علمنا أن أغلب الناس غير مستعدين
لإقامة دعاوى قضائية ضد المجرمين من أزلام النظام السابق بسبب كون هذه
الحالة سوف لن يستطيع مواطنون كثار أن يتجرؤا على إقامة تلك الدعاوى
المؤملة بحسب تخوفهم من أن يعودوا إلى السلطة مرة أخرى وحدث مثل هذا
حيث أقنع العراقيون من إقامة دعاوى ضد (أفراد الحرس القومي) أثر انتزاع
السلطة فيهم من قبل عبد السلام عارف في تشرين الثاني سنة 1963م مع أن
قائمة المخالفات والتجاوزات والقتل والاعتداء على الأعراض كانت أهم سمة
لهؤلاء الأفراد.
لا شك أن وجود قوى الاحتلال الأنكلو – أمريكية ومساعدة قوى دولية
أخرى لها في العراق الآن له أهمية من حيث أن مغادرتها للعراق إذا ما
تمت فهذا يعني إعطاء الضوء الأخضر لعودة الحكم السابق إلى دست السلطة
وتقديم الشعب العراقي لقمة سائغة أمام أزلام السلطة الصدامية المفترسة
وهذا ما يعني أن قوى الاحتلال بقدر ما يؤيد شعب العراق تواجدها المؤقت
على أراضي البلاد فإن ما لا يمكن نكرانه أن هذه الخطة قد وقضت الشعب
العراقي في مأزقها وأخيراً فإن مغادرة قوى الاحتلال بعد إجراء
الانتخابات واستتباب الأوضاع الأمنية هو أهم مطلب شعبي عراقي سيمكن
العمل لأجله. |