لا شك أن القرن العشرين يعتبر علامة فارقة لتحوّل كيفي مثير في
تاريخ الإنسانية وكوكب الأرض، إذ تحققت إنجازات علمية وتكنولوجية فتحت
آفاقاً مذهلة للتقدم، وتمثل نذيراً بأخطار مروعة تصل إلى حد إفناء
الكوكب.
ولا يمكن إنكار المجالات الواسعة والمذهلة في الكمبيوتر والانترنيت
وما فيه من إبداعات جديدة كل يوم، حيث العالم السحري المثير وحيث
الآفاق الرحبة للانطلاق والمغامرة والإثارة والتجديد وحيث يصبح الحلم
حقيقة وعلماً، ألم يكن فكرة المخ الكوكبي حلماً يراود بعض العلماء ولكن
الآن هي في أرض الواقع فيعرف هيلغني (المخ الكوكبي) بقوله: هو الاسم
الذي نطلقه على الشبكة الذكية المستحدثة والتي تضم البشر جميعاً على
ظهر الكوكب هم وأجهزة الكمبيوتر وحلقات الاتصال التي تربط بعضهم ببعض.
وتشبه هذه الشبكة المخ الحقيقي من حيث شدة التعقد وأنها منظومة ذاتية
التنظيم تعالج المعلومات وتتخذ القرارات وتحل المشكلات وتتعلم ارتباطات
جديدة، وتكتشف أفكاراً جديدة.
وسيقوم هذا المخ أو الشبكة بدور الجهاز العصبي الجمعي للبشرية كلها.
ولن يتحكم فيها شخص أو تنظيم أو كمبيوتر، وإنما عمليات (الفكر) الخاصة
بها ستنتشر لتصل إلى جميع العناصر المكونة لها.
كما ستحقق الشبكة المفكرة دمج أفراد البشر في كيان جمعي فائق، وذلك
باعتبارها الجهاز العصبي الفائق لهذا الكيان، وسوف تنشأ آليات عديدة
تكفل سرعة التفاعل بين الأفراد مع الشبكة، وبين الأفراد ذواتهم من خلال
الشبكة. ويضاعف من سرعة تحقق هذا الإنجاز سرعة انتشار آليات الاتصال
اللاسلكية وأجهزة الاتصال المحمولة لتكون أداة ربط بالشبكة من أي موقع
في العالم. هذا علاوة على كونها أداة اتصال مباشر بين المخ البشري
والشبكة.
وضمن هذا المجال المتسع قال باحثان أمريكيان أن أربعة أشخاص
استطاعوا التحكم في كمبيوتر باستخدام أفكارهم و(خوذة للتفكير) متصلة
بقطب كهربي.
وقال الباحثان أن جهازهما يمكن تعديله يوماً ما لمساعدة المعاقين في
استخدام مقعد متحرك مزود بمحرك أو طرف صناعي.
وأتاحت تجارب لقرد التحكم في جهاز الكمبيوتر من خلال أفكاره بزرع
أقطاب كهربية في مخ الحيوان. ولم تتطلب التجربة التي ورد ذكرها في مجلة
الأكاديمية القومية للعلوم جراحة أو أي عمليات زرع، وكتب جوناثان
وولباو دونيس مكفارلاند من وزارة الصحة في ولاية نيويورك وجامعة
نيويورك في ألباني (تظهر النتائج أن الأشخاص يمكنهم تعلم استخدام خطوط
رسم الدماغ الكهربي عن طريق فروة الرأس للتحكم في حركة سريعة ودقيقة
للمؤشر في اتجاهين).
واختبر الباحثان جهازهما على أربعة أشخاص، أثنان منهما مصابان بشلل
جزئي ويستخدمان مقعداً متحركاً، وخلال التجارب واجه المتطوعون الأربعة
شاشة عرض فيديو وهم يرتدون خوذة فيها (64) قطباً كهربيا على فروة الرأس
لتسجيل نشاط المخ.
وكان الجزء الأساسي من التجربة هو حل معادلة حسابية عن طريق
الكومبيوتر – وهو برنامج يترجم إشارات المخ إلى تعليمات ذات مغزى لما
يريد المستخدمون من الكمبيوتر أن يفعله.
ووجد وولباو ومكفارلاند أن الأمر احتاج بعض الممارسة ولكن الأربعة
تعلّموا تحريك المؤشر على الشاشة في اتجاهين.
وكتب الباحثان (التحكم المدهش المتعدد الاتجاهات دون تدخل الذي تحقق
في الدراسة يشير إلى أن تحكماً دون تدخل في المخ يمكن أن يدعم
الاستخدامات العلاجية لذراع آلية أو مقعد متحرك مزود بمحرّك) ووجد
الباحثان أن الرجلين المعاقين كانا أفضل في القيام بالمهمة وهذا ربما
يرجع إلى وجود حافز أقوى أو ربما لأن المخ أُجبر على أن يكون أكثر
تكيفاً للتعامل مع الإصابات التي سببت الإعاقة. |