في مقدمة كتاب (من الحداثة الى العولمة) يحاول مؤلفاه تفسير الاسباب
التي تجعل "البلدان الفقيرة فقيرة" معيدين سؤالا قديما أثاره مفكرون
وفلاسفة ورجال دين عما اذا كان الفقراء ضحايا أم مسؤولين عن فقرهم.
وقال عالما الاجتماع الامريكيان تيمونز روبرتس وأيمي هايت في الكتاب
الذي ترجمته الكاتبة السورية سمر الشيشكلي ان الفجوة مازالت تتسع بين
فقراء العالم وأغنيائه حيث "يعيش واحد من كل أربعة أشخاص في العالم في
فقر مدقع" بمعنى عدم القدرة على تأمين القوت الكافي وبقية ضرورات
المعيشة.
والكتاب الذي حمل عنوانا فرعيا هو (رؤى ووجهات نظر في قضية التطور
والتغيير الاجتماعي) صدر الجزء الاول منه في 280 صفحة في نوفمبر تشرين
الثاني الماضي عن سلسلة عالم المعرفة بالكويت ويصدر الجزء الثاني الشهر
الجاري.
وأشار المؤلفان الى أن سوء التغذية يعيق نمو وتطور 40 بالمئة من
الاطفال تحت الثانية في البلاد الاكثر فقرا.
وتساءل الكتاب "لماذ تبقى بعض البلاد فقيرة ومتخلفة على رغم
الانفتاح على الرأسمالية وعلى مظاهر الحياة الاخرى الحديثة..
"هل كان منظرو الحداثة يلومون الضحايا بدءا من أواخر خمسينيات القرن
الماضي.."
وأشار الى جهود باحثين بارزين منهم المفكر المصري سمير أمين صاحب
مصطلح (الاقتصاد المتفسخ) الذي تنتهجه دول يعتمد اقتصادها على تصدير
المواد الخام وبيع اليد العاملة الرخيصة وترتب على ذلك نشوء "جيوب من
الحداثة في بحر من التخلف فالطبقة الثرية الصغيرة جدا ترغب في منتجات
غير منتجة محليا (مستوردة) والجماهير أفقر من أن تشتري أكثر من مجرد
الحاجات الضرورية جدا."
وقال الكتاب ان نظرية التبعية قدمت العالم باعتباره قطبين أحدهما
دول غنية في المركز الذي تحيط به دول تابعة "وتعني التبعية أن دول
المركز تحتاج الى المواد الاولية والى أسواق أضخم لسلعها ووجدت دول
المركز حلا مؤقتا لصراع الطبقات فيها بقدرتها الامبريالية على استغلال
المحيط (التابع الفقير)... تسلط هذه العملية ضوءا شديدا لا على الطابع
العالمي للرأسمالية فقط بل أيضا على حقيقة أن توسعها ليس نتيجة نماء
اقتصادي."
وقدم الكتاب تعريفا للعولمة التي قال انها مصطلح يستخدم بدون توضيح
موضحا أنها "مجموعة من الاجراءات تجعل العالم أكثر اندماجا... وعلى
الرغم من أن العالم كانت تربطه منذ زمن بعيد روابط عالمية مهمة فان
العولمة تشير الى دمج تعتمد فيه الشركات بعضها على بعض كما تعني سيطرة
نخبة سياسية واقتصادية جديدة غير خاضعة للمحاسبة الى حد بعيد على صنع
القرار.
"هي بشكل أكثر تحديدا ووضوحا وول ستريت - الخزانة الامريكية -
ومجموعة صندوق النقد الدولي والبنك العالمي (الدولي)."
وأشاد المؤلفان بتجارب محلية قادرة على تحقيق التنمية كما حدث في
كوبا قائلين انه "تحت الحصار الناشيء عن انهيار الامبراطورية السوفيتية
والحصار الاقتصادي الذي فرضته الولايات المتحدة الامريكية قادت الزراعة
الكوبية على سبيل المثال أكبر تجربة على الاطلاق في الزراعة العضوية."
وسمر الشيشكلي التي زارت القاهرة في الاونة الاخيرة قالت لرويترز ان
الباحثين مهتمان بدراسة الاثار البيئية والاجتماعية للعولمة وأجريا
بحوثهما في بعض دول الجنوب كالمكسيك والبرازيل.
وأضافت أن أهمية الكتاب تنبع من صراحة المؤلفين في تحميل الحكومات
بالدول المتقدمة ودول العالم الثالث المسؤولية عن استمرار الفقر في دول
الجنوب مشيرة الى أن الدعم الممنوح للعالم الثالث لا يحقق الحرية "ولكنه
يوفر سلطة. ويخلق حكومات تستطيع أن تحكم وتسيطر لصالح دعم دوامها."
وقالت ان النخبة في الدول الفقيرة تربط نفسها "بالمصالح الاجنبية
لمنفعتها الخاصة كما تجلب الاذى للجماهير الفقيرة في بلادها بتكريس
تبعيتها للدول الغنية."
وللمترجمة ثلاث مجموعات قصصية وتصدر لها في مطلع العام الجديد عن
المجلس الاعلى للثقافة بالقاهرة ترجمة كتاب (النسوية والمواطنة)
بالاشتراك مع الناقد المصري أيمن بكر.
المصدر: رويترز |