إتصلوا بنا

الصفحة الرئيسية

بعد 25 عاما لا يزال حصار مكة يلهم المتشددين

مباشرة بعد صلاة الفجر في أول أيام القرن الهجري الجديد اقتحم متمردون المسجد الحرام بمكة وسيطروا على اقدس البقاع الاسلامية مطالبين بالاطاحة بالاسرة المالكة في السعودية.

وشن هؤلاء الذين تدفعهم الحمية الدينية والمسلحون ببنادق هربت إلى البيت الحرام في نعوش أكبر انتفاضة منذ أن حولت الطفرة النفطية السعودية من مملكة صحراوية معزولة إلى قوة نفطية هائلة.

ولا تزال أصداء التمرد الذي استمر 25 يوما والذي انتهى في مثل هذا الشهر قبل 25 عاما تتردد في السعودية حيث يتحدى جيل جديد من المتشددين المرتبطين بالقاعدة اسرة آل سعود المالكة.

بقيادة جهيمان العتيبي ذي النظرة الغاضبة والشعر الطويل سيطر مئات من المتشددين على الحرم المكي في صباح أحد أيام نوفمبر تشرين الثاني عام 1979 الذي كان يتزامن مع أول أيام القرن الهجري الرابع عشر.

واعلن جهيمان أن حكام السعودية الموالين للغرب فاسدون ودعا إلى حظر "البدع" مثل الراديو والتلفزيون وعمل النساء وأعلن أتباعه عن ظهور المهدي.

وبعد قتال ضار قتل خلاله 117 من اتباع جهيمان وعدد مماثل من القوات السعودية اخمد هذا التمرد الذي جاء بعد أشهر فقط من الثورة الاسلامية في إيران التي اطاحت بحليف آخر لواشنطن غني بالنفط.

واعتقل جهيمان واعدم بقطع الرأس في مكان عام إلى جانب 62 آخرين من أتباعه اعتقلوا معه.

بعد مرور ربع قرن من الحادث لا تزال ثورة جهيمان التي حكم عليها بالفشل مصدر الهام للمتشددين. وعن ذلك يقول الروائي والكاتب الاصلاحي تركي الحمد "جهيمان يعتبر بطلا بالنسبة لمجاهدي القاعدة والمجاهدين الآخرين."

وربما يعود السبب الرئيسي وراء تمرد جهيمان إلى التاريخ المحلي اكثر من ارتباطه بالبرنامج الدولي لأسامة بن لادن. فربما جاء تمرد جهيمان على غرار ثورة الأخوان ضد مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز في الثلاثينات.

إلا أن المحامي الاسلامي محسن العواجي قال إن القاعدة التي شنت حملة من العنف استمرت 18 شهرا في السعودية تستخدم نفس اللغة التي استخدمها جهيمان لحشد الدعم ضد الأسرة الحاكمة التي تعتبرها فاسدة وعميلة للغرب.

وأضاف العواجي "سيطر جهيمان على المسجد قائلا إن الحكومة كافرة والقاعدة تقول الشيء نفسه."

ويقول سعودي على صلة بالمتشددين إن سعود حمود العتيبي الذي يعتقد انه أحدث زعيم للقاعدة يعمل على الاراضي السعودية يتشبه بجهيمان في شبابه.

وأضاف الرجل "سعود أطلق شعره طويلا تماما مثل جهيمان وهو يتشبه به في اللباس كما اتخذ مثله أسما حركيا هو أبو محمد." ويحمل الرجلان نفس أسم العائلة إلا أنه لا توجد صلة قرابة بينهما.

وتعج كتابات القاعدة على الانترنت باشارات إلى زعيم تمرد مكة.

ويقول البعض إن اثر التمرد الذي وقع عام 1979 لم يقتصر على المتشددين فقط.

عندما أصبح الملك فهد ملكا للسعودية خلفا لأخيه خالد بعد ذلك بثلاثة أعوام فانه سرعان ما اتخذ لنفسه لقبا جديدا هو خادم الحرمين الشريفين في إشارة إلى مكة والمدينة بهدف تعزيز الوضع الديني للملكية.

وفي الوقت نفسه عززت السلطات الدينية السعودية المحافظة جدا والتي تتبع المذهب الوهابي قبضتها على البلاد. ويقول تركي الحمد إن "جهيمان كان نقطة تحول في تاريخ السعودية... صحيح أن الحكومة هزمته هو وأتباعه إلا أنها لم تتمكن من القضاء على أفكاره الراسخة... التي بدأ المجتمع في تبنيها باسم احياء الاسلام... وقبله كانت السعودية أكثر انفتاحا وتسامحا. وبعده بدأ المجتمع يتجه نحو الأصولية."

وحافظت المؤسسة الدينية التي تتمتع بسلطات كبيرة وهي شريكة أسرة آل سعود منذ تأسيس المملكة السعودية في القرن الثامن عشر على سيطرتها على القضاء والتعليم.

كما بدأ رجال هذه المؤسسة بالتجوال في مدن البلاد لضمان الالتزام بالتعاليم الاسلامية واغلاق المحال في أوقات الصلاة وعدم تبرج النساء واختلاطهن بالرجال.

وتماما مثلما حدث بعد تمرد جهيمان فان السعودية تقول إنها هزمت المتشددين الذين شنوا اخر هجوم كبير في مدينة الخبر على الخليج قبل ستة أشهر.

ويقول منتقدون إن الحملة السعودية استهدفت الاعراض وليس الامراض التي يعتقدون أنها لاتزال تفتك بالمجتمع.

ويقول منصور النقيدان الكاتب والمتشدد السابق الذي أعلن نبذه العنف "المشكلة هي الفكر المتطرف وكراهية الآخر... إنهم لم يضربوا جذور ذلك حتى الآن بل انهم استخدموا الفكر المتطرف دفاعا ضد الارهاب. مع أن التطرف هو الذي أدى إلى ظهور الارهاب."

وهناك فرق واحد بين القاعدة اليوم وجهيمان وهو أنه قبل 25 عاما كان بوسع السعودية إغلاق ابوابها والتعامل مع مشكلاتها بالاسلوب الذي تراه مناسبا.

ومع توجه الأنظار إلى السعودية بعد هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 على الولايات المتحدة والتي كان غالبية منفذيها من السعوديين فان هذا الامر لم يعد ممكنا.

وبعد تعرضها لضغوط من جانب حلفاء واصلاحيين محليين ادخلت السعودية اصلاحات متواضعة من بينها انتخابات بلدية للرجال ومراجعة بعض المقررات الدراسية يقول منتقدون إنها تدعو إلى التعصب الديني.

وربما تكون الاصلاحات قليلة وبطيئة أكثر من اللازم من وجهة نظر الكثير من الاصلاحيين إلا أن العواجي يقول إن حكام السعودية يدركون أن العالم يراقبهم.

واضاف "الآن لا يقدمون التنازلات التي قدموها بعد جهيمان... في هذا الوقت... ورغم أنهم ربما يفكرون في ذلك إلا أن عليهم أيضا التفكير في العوامل الخارجية."

المصدر: رويترز

شبكة النبأ المعلوماتية - السبت 4/12/2004 - 21/ شوال المكرم/1425

^

إتصلوا بنا

الصفحة الرئيسية