يأتي ترديد مصطلح (المجتمع المدني) هذه المرحلة السياسية التي تشهد
تصعيداً في الأحداث من أجل إزالة ما يمكن تسميته بـ(سلطات الاستبداد)
عن مرابع البلدان في العالم لكن ما يخشى من كل ذلك أن تخفي الأحداث
الساخنة الجارية الآن الوجه الآخر للغرب وهو الوجه الاستعماري الذي
ربما يجدد ثوبه لكن جلده القديم يبقيه هو هو كما في مرحلته الاستعمارية
أو الإمبريالية.
العديد من المفكرين الآن يعتقدون أن الغرب قد بدأ يغير من نوعية
سياساته القديمة المستندة إلى المباغتة الاستعمارية أو اللعبات
الإمبريالية لكن حجة للغرب إذا ما أقدم على غش العالم مرة أخرى فإن هذا
ما سيفسد كل إدعاءاته المستقبلية ويمكن قول ذلك بثقة ذلك أن منافساً
دولياً حقيقياً آخر للغرب بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق الذي
أصبح في ذمة التاريخ لم يعد لائقاً للغرب القوي أن يأخذ قطع الملابس
الوحيدة التي يرتديها فقراء العالم ليتركهم عراة تحت حجة (العولمة) أو
غيرها من المبادئ التي تخضع الآن لإمكان الزمن.
إن متابعة للحوارات الجارية بين سياسيي العالم بهذه المرحلة القلقلة
من تاريخ البشرية تطالب بضرورة أن تخدم طروحات أي حوار منها لتحقيق
المجتمعات المدنية في كافة أنحاء العالم فقد سأمت البشرية العديد من (حكومات..
العسكرتارية) التي أساءت لسمعات بلدانها أكثر مما تسيء لغيرها من
البلدان.
وأرضية المجتمع المدني إذا كان من أول ميزاته هو حالة من التلاحم
بين الحضارة والثقافة والفكر والعقيدة.. الموسوم أي منها بروح الشفافية
فعلى ضوء ذلك يمكن الوثوق أن المستويات النوعية الإيجابية في علاقات
البشر مع أخوتهم البشر هي مسألة قادمة لا محالة والتركيز على هذا
الجانب إذا ما تبنته السياسات الدولية والإقليمية والمحلية (كل من
موقعها) فإن البرنامج المستقبلي لتحقيق المجتمع البعيد عن تطرفات
العسكر سيكون فعلاً عامل استقرار اجتماعي وسياسي أيضاً حيث يعلو سطحه
الآمان الاجتماعي والضمان الاقتصادي وتوزع فيه الخيرات على أفضل ما
تكون المعايير الإيجابية التي يتصف بها كل مجتمع مدني بعيداً عن أي
حصارات مفتعلة أو مفروضة حيث أن المعايير المقلوبة لا مكان لها في
المجتمع الحضاري - الذي يستنكر العنف ولا يؤيد أي خطوة منه ذلك أن
دعوات العنف لا ترسخ بصورة وبأخرى إلا نحو الإبقاء على المجتمع العسكري
- اللاممكن معايشته إلا في ظل الظروف الطارئة.
إن من المصاعب التي تواجه الوصول لتحقيق المجتمعات المدنية (بالكامل)
في بلد أو أكثر من العالم هو عدم وجود تصور كاف حتى على مستوى مؤسسات
هيئة الأمم المتحدة لمعرفة موعد أو تاريخ يمكن أن يقدم بلداً بعينه على
كونه بلد يتصف بسمة المجتمع المدني الذي يحتذى. إن مبادئ المجتمع
المدني بحاجة إلى انبثاق لتحديد أكثر لسماته وقوانينه ومؤسساته ومهام
مرحلته وبمعنى أكبر ثوابت استراتيجياته الحقة. |