ربما يكون أبطال الطفل موفق عباس مثل أبطال أي طفل اخر عمره 11 عاما
يعيش في أوروبا أو الولايات المتحدة لكن أي شيء آخر في حياته قد يكون
أكثر اختلافا.
يتعين على موفق كتلميذ يعيش في بغداد كي يذهب لمدرسته كل صباح أن
يتجنب عادة مهاجمين يفجرون سيارات ملغومة وخاطفين ومقاومين مسلحين.
كما أنه لا يصبح أكثر أمانا بعد أن يصل الى مدرسته. وقال موفق ان
سيارة ملغومة نسفت في وقت سابق من هذا الشهر مبنى قرب مدرسته لتدمر
جدرانا وتحطم نوافذ وتجرح عدة تلاميذ. وفقد أحد المدرسين ذاكرته ولم
يستردها.
ولم يكن موفق وحده التعس الحظ فشقيقه محمد البالغ من العمر 13 عاما
مر بتجارب مماثلة. وقتل رجل بالرصاص أمام عينيه قبل عدة أشهر بينما كان
يستقل دراجته في طريقه لمدرسة أخرى.
وتذكر محمد قائلا "دماؤه (القتيل) سالت علي."
ومضى يقول "لم أتمكن من النوم ليومين تاليين... وأتحاشى ذلك الطريق
الان."
وقال أثناء فترة راحته من العمل حيث يساعد والده في ادارة متجر صغير
مجاور لمنزلهم في بغداد "كل ليلة أذهب للفراش ولا أعرف ما اذا كنت
ساستيقظ غدا."
وبالنسبة للأطفال في عمر الدراسة في بغداد فان أحداث العشرين شهرا
الماضية تشبه أحداث الافلام العنيفة التي يحبونها جميعا على ما يبدو
عدا أن الاحداث تقع من حولهم على مدار اليوم.
كانت الأحداث بدءا بقصف بغداد الذي استهل الحرب العام الماضي الى
القنابل واطلاق النار الذي يجعل العاصمة تقف على أطراف أصابعها كل يوم
وقتا عصيبا بالنسبة للعراقيين جميعا وللأطفال بشكل خاص.
لكن المدهش أن موفق ومحمد وأشقاءهما وأصدقاءهما كيفوا أنفسهم على ما
يبدو بشكل جيد بدلا من أن يروعهم العنف أو يذهلهم أو ينهكهم.
وبينما لا يرضيهم غياب الامن يظل هؤلاء الاطفال واثقين في المستقبل
ولديهم طموحات يقولون انه ما كان يمكنهم أن يضمرونها لو أن صدام حسين
ما زال موجودا.
وموفق من مشجعي كرة القدم ويعتبر لاعبين مثل مايكل جوردان لاعب كرة
السلة الامريكي وديفيد بيكام لاعب كرة القدم الانجليزي من بين أبطاله.
ويحلم بأن يصبح مترجما يطوف العالم عندما يكبر.
وقال "أظن أن الفرص أمامي الان أفضل عما كانت في عهد صدام حسين" وان
كان يشعر بقلق لانه عندما يصبح في سن العمل سيكون كل الأجانب قد غادروا
العراق ولن يكون هناك من يترجم لهم.
وشقيقه الاكبر محمد مفتون بالعلوم.
وقال "أريد أن أصبح عالم أسلحة وأظن أن فرصي ستكون أفضل بعد الحرب."
وتابع قائلا "رأيت الكثير من الذخيرة وقذائف المورتر والقنابل وما شابه
ونظرت بداخلها انها حقا ساحرة."
وعندما سئل عن رأيه في من بستخدمون العلوم لانتاج القنابل ويتسببون
في سقوط ضحايا كل يوم تقريبا بدا رافضا.
وقال "لا تكن سخيفا لا أريد أن يكون لي شأن بالسيارات الملغومة.
أريد أن أكون أحد هؤلاء العلماء المتخصصين تماما في مجالهم حيث يوجد
ثلاثة أو أربعة منهم في البلاد."
ويقول الأشقاء ان بعض الصبية في مدارسهم يتحدثون بلغة جيدة عمن
يحاربون المقاومة لكنهم أقلية ويواجهون معارضة من الآخرين.
قال محمد "في كل مرة يقول هؤلاء الأطفال انهم يؤيدون الهجمات
ويدعمون ذلك قائلين .. حسنا أبي قال هذا وأبي قال ذاك.. وواضح من ثم من
أين جاءوا بهذا الكلام."
ويمضي قائلا "أحيانا أمزح معهم قائلا انني سأذهب وأبلغ الامريكيين
ما يقولون."
ورغم أن التعليم والعمل والفرص الأخرى قد تنفتح أمام الاشقاء في وقت
ما فان وجودهم اليوم الان أكثر تقييدا عما كان قبل الحرب.
فالشارع الذي يعيشون به حيث مقر السفارة الفرنسية وعدد من وكالات
الانباء محاط من الطرف الآخر بجدران عالية من الخرسانة لحمايتهم من
التفجيرات الانتحارية. وهناك مسامير على الطريق لمنع السيارات وحراس
مسلحون في الخدمة.
ونادرا ما يجروء الأطفال على الخروج من محيط الشارع باستثناء الذهاب
للمدرسة.
ويقولون ان الأصدقاء يأتون للزيارة ولعب كرة القدم في الشارع المترب
المهجور الذي كان من قبل طريقا من حارتين يعج بالسيارات. لكنه لم يكن
خاليا هكذا.
قال موفق متطلعا حوله باستياء "هذه المنطقة التي تعيش فيها وهذا
الشارع أكثر أمنا من المناطق التي يعيش فيها اصدقائي لكننا لا نستطيع
ان نخرج لنلعب كرة القدم أو لنتدرب على التايكوندو. نحن محبوسون."
وأضاف "عهد صدام كان أكثر أمنا. ومع هذا كان نظاما قمعيا كنا نستطيع
ان نتجول ونزور اصدقاءنا بعد الدراسة." لكنه لا يريد عودة صدام.
واستطرد قائلا "من كان يجروء على الحديث ضد صدام قبل الحرب؟ كانوا
سيقطعون لسانه في الحال. الان نقول ما نشاء."
وبينما لا يشجع الأطفال المقاومين العراقيين فانهم لا يعتبرون كذلك
الجنود الامريكيين أبطالا.
قال موفق "لا أعتبر الامريكيين أعداء. أعتقد أنهم جاءوا هنا لمساعدة
بلد فقير واحيانا يحسنون معاملتنا." ومضى يقول "الشيء الذي أكرهه عندما
يهاجمون هو انهم يردون باطلاق النار بعشوائية ويطلقون النار على كل شيء.
"ابن عمي قتل بلا سبب. لديه سبعة أطفال."
وأضاف موفق "عندما جاء الامريكيون لاول مرة كنت سعيدا... لكن أحلامي
تلاشت عندما لم يوفروا الامن كان ذلك خطأ كبيرا ويؤثر علينا كل يوم."
لكنهم لا يريدون أيضا رحيل الامريكيين. قال موفق "لا بد أن يبقوا
ويحققوا لنا الامن ويتأكدوا أن لدينا انتخابات... اذا رحلوا الان
فسنعيش في فوضى."
المصدر: (رويترز) |