أكدت دراسة أكاديمية أن الاهتمام بالطفولة يعد من المعايير التي
يقاس بها وعي وتقدم الشعوب لما يتطلبه التحدي العلمي والتكنولوجي المعاصر
من عقول قادرة على الابداع في شتى مجالات الحياة .
وبينت الدراسة التي أعدتها الدكتورة معصومة أحمد إبراهيم أستاذة
علم النفس في كلية التربية الأساسية في دولة الكويت أن موضوع الابداع
أصبح الشغل الشاغل للتربويين والمعلمين باعتبار أن المدرسة هي المؤسسة
التربوية الثانية بعد الأسرة المسوءولة عن اكتساب الطفل للاتجاهات
الايجابية نحو العملية التعليمية علاوة على دورها في تقديم الخبرات
المتنوعة والتي تؤثر بصورة كبيرة على الإبداع .
وأرجعت الباحثة سبب أهمية هذه الدراسة المنشورة في المجلة المصرية
للدراسات النفسية في مصر الى كونها تهتم بدراسة السلوك الابداعي لدى
أطفال مرحلتي الرياض والابتدائي في ضوء وجود معلمين مؤهلين تأهيلا
عاليا من الناحية النفسية والتربوية .
وشددت الدراسة على ضرورة وجود المعلم المتميز القادر على رفع درجة
الابداع عند التلاميذ من خلال غرس العديد من المعاني والسمات الهادفة
إلى ذلك اضافة إلى أهمية خلق التفاعل الاجتماعي القائم على حرية
التفكير والتخيل والاستقلالية والثقة الى جانب احترام أسئلة الأطفال
الصادرة عنهم وعدم تصغيرها .
وناقشت الدكتورة معصومة أحمد العديد من الافتراضات المتعلقة
بالفروق بين المعلمين والمعلمات على مستوى الأداء الابداعي داخل
الانشطة الصيفية وتوصلت الى عدة نتائج بعد اجراء دراستها على عينة
مكونة من835 معلما ومعلمة قسمت الى 170 معلما في المرحلة الابتدائية
و665 معلمة في مرحلتي رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية .
وحرصت الباحثة على ان تكون العينة شاملة للمدارس الحكومية ومدارس القطاع
الخاص الواقعة تحت اشراف وزارة التربية.
وكشفت النتائج تميز معلمات الروضة عن معلمات ومعلمي المرحلة
الابتدائية من حيث الأداء الابداعي.
وارجعت الباحثة ذلك الى اعتماد معلمة الروضة في تدريسها على
الجانب الحر المتمثل بالتعليم الذاتي والذي يقوم على مبدأ الحوار
والمناقشة ويكفل حرية التعبير والتفكير في جو من الألفة والتواصل إلى
جانب إثارة حب الاستطلاع والاكتشاف المتأصل داخل الطفل والذي يعتبر هو
لب عملية الابداع في حين أن معلمي المرحلة الابتدائية يستخدمون
الطريقة التقليدية القائمة على تعلم مباديء القراءة والكتابة والحساب
واحدى اللغات في فصول تتطلب السكون وعدم الحركة ولا تستهدف اللعب كأحد
وسائل التربية والتعليم .
ورأت الباحثة أن من الماخذ على التعليم الابتدائي الحكومي هو تحكم
المعلم في كلام وحركة الطفل وتوقع الالتزام الكامل بالهدوء منه .
علاوة على عدم استخدام أسلوب المجموعات في التعلم بل على العكس
يجلس الأطفال منفردين أو أزواجا وهذه الأساليب لا تعمل على ظهور
السلوك الابداعي .
وبررت الباحثة أسباب اتباع هذه الطرق هو الكم الهائل من المواد
التعليمية المفروض إنجازها في مدة زمنية قصيرة مما يخلق جوا من التوتر
لدى المعلمين الأمر الذي يدفعهم إلى التركيز على عملية توصيل هذه
المعلومات والمفاهيم في الوقت المخصص لهم دون الالتفات إلى الأهداف
التربيوية الأخرى.
وفيما يتعلق بالتعليم الخاص (المرحلة الابتدائية) أكدت الدكتورة
معصومة أحمد أن هذا النوع من التعليم يحظى باقبال أولياء الامور لما
له من مميزات مثل كفاءة المعلمين من حيث المؤهلات العلمية والخبرات
المتطورة إلى جانب العناية الفائقة التي تبذلها ادارة المدرسة في
متابعة طاقم التدريس وتقييم أدائهم بشكل دوري مما يجعلهم حريصون على
التجديد وتقديم المعلومات والمفاهيم بصورة تتناسب مع المرحلة العمرية
والعقلية لكل المتعلمين.
وأضافت الدراسة أن التعليم الخاص يهتم بعدد الأطفال داخل كل فصل
بحيث لا يزيد عن العدد المثالي مما يجعل المعلم قريبا من كل طالب
بصيرا بمستواه قادرا على تحديد مشكلاته والمساعدة في حلها.
ولمست الباحثة أثناء إجراء دراستها جاذبية بيئة المدرسة الخاصة
التي تستهوي الطلبة وتحثهم على البقاء فيها والاستفادة من اليوم
الدراسي من خلال ماتقدمه من برامج وتقنيات وتكنولوجيا متطورة كالأجهزة
المخبرية الحديثة والملاعب التي تسمح لكل طالب باشباع رغباته وممارسة
هواياته المختلفة .
وأكدت الدكتورة معصومة حرص هذه المدارس على توفير المكتبات
المتطورة التي تضم أحدث المراجع إلى جانب وسائل الاتصال مع العالم
الخارجي عبر شبكة الانترنت المتاحة لجميع الطلاب وباشراف المعلمين
المتخصصين للدخول الى علم المعلومات والاتصالات والاتيان بكل ما هو
جديد .
وأخيرا شددت الدراسة على عدة توصيات تهدف الى الارتقاء بدور
المدرسة أهمها تنمية قدرة المعلمين على التشخيص الدقيق لقدرات الأطفال
والبرمجة المناسبة لهم وضرورة تخصيص ساعات معينة في المدرسة لكي يمارس
فيها الأطفال أنشطتهم الابداعية ويدربون على تنميتها .
علاوة على تدعيم مبدأ الحوار والمناقشة في نفوس الاطفال وإعادة
النظر في كثافة الفصول باعتبارها معوقا لاثارة الأنشطة الابداعية داخل
الفصل.
المصدر: كونا |