يكاد أن يكون الكلام عن لائحة حقوق الإنسان مدى تطبيق بنودها على
المستوى الدولي يشكل المحور الأول الذي يتقدم أي طرح آخر لمشاكل
البشرية المعاصرة.
ففي البلدان التي تتصف ببعض التراخي في سياستها الداخلية العامة
تشهد شوارعها بين حين وآخر مظاهرات تطالب باحترام حقوق الإنسان وبعض
الدول العادلة جزئياً تخشى من تأثيرات الرأي العام لذا فهي تستقبل أي
شكوى رسمية للبت في أمر موضوع حيوي تؤكد عليه لائحة حقوق الإنسان
العالمية التي صادقت عليها معظم حكومات العالم منذ سنة 1948م.
وبعض الدول ومع الأسف الشديد التي تنتهك قوانين حقوق الإنسان تجيز
في ربوعها عمل هيئات مدنية أهلية تطلق عليها عناوين رنانة على كونها
هيئات حقوق إنسان لكن الحقائق المرة الملموسة على أرض الواقع هي على
العكس من ذلك فهي هيئات تساند الظالمين كأفراد متنفذين في الدولة
المعينة أو دول بحد ذاتها وقد أشترت ذمة القائمين على تلك الهيئات
الهلامية التي تتمنطق دون أدنى خجل وتسمي نفسها بـ(هيئات حقوق الإنسان)
والأخبث من ذلك أن عددا من الهيئات معترف بها دولياً على مستوى دوائر
حقوق الإنسان واللجوء التابعة لهيئة الأمم المتحدة ومقرها جنيف وتلك
إحدى المصائب.
فالكرامة الإنسانية ضائعة بين أكثر من دولة وحكومة وجمعية رسمية أو
شبه رسمية أو أهلية إذ من المعيب حقاً أن هناك من يحاول التعريف ببنود
الميثاق العالمي لحقوق الإنسان ويجعلون من مناسبة ذكرى حلول إعلان تلك
الحقوق يوماً مشهوداً في الاحتفالات ومؤتمرات ومهرجانات بوقت أن حرية
الإنسان المعاصر تتعرض بهذه المرحلة الزمنية إلى مزيد من التقهقر رغم
أن دعاة حقوق الإنسان في تزايد أيضاً إذ أن ثمة عقبة كأداة ممكن أن تقف
أمام تأسيس أي منظمة جديدة لحقوق الإنسان بسبب فقدان الثقة في
المجتمعات النامية بمكاتب حقوق الإنسان إينما ورد استمرار عملها.
فواجب الهيئات الخاصة بحقوق الإنسان هو أن تبرز من أجل دفاع حقيقي
عمن يتعامل مع هيئات حقوق الإنسان إينما تواجدت ولكن ليس على حساب
السمعة الشخصية الطيبة لدى الناس المحتاجين كأن تستغل أسماؤهم من أجل
تمرير استلام معونة مالية كبيرة لا يعترف منها شيء لصالح أي من الناس
الفقراء.
إن حالة حقوق الإنسان على وجه العموم في كافة أقطار الكون في حالة
تدهور من درجة سيء إلى درجة أسوأ إذ من المفارقة العجيبة أن العاملين
في لجان حقوق الإنسان إينما كانوا في بقاع الأرض لا يتعرضون إلى انتقاد
عن طبيعة عملهم وهذا ما أبعد الثقة بتلك اللجان التي طالما خذلت
المحتاجين إليها بكثير من المناسبات الحرجة.
ومن مهازل القدر أن سلطات لم تحظى بتأييد المجتمع في بلدانها بسبب
فلتان قوانينها لصالح الأمور غير القانونية فتعقد ندوات لـ(لجان حقوق
الإنسان المحلية) التي سبق وأسستها من باب الاستهلاك المحلي. وبذا فإن
مبدأ الاستقلالية الذي ينبغي توفره بأي لجنة لحقوق الإنسان هي مسألة
بعيدة من حيث كونها لجان تابعة لحكومة واحدة أو ربما أكثر وهذه هي
إشكالية جديدة في العمل السياسي العالمي المدافع عن استراتيجية كاذبة
أو تكتيك مباغت في العمل بلجان حقوق الإنسان الاسمية. |