الخطوط في عموم الوضع العراقي الآن متشابكة بطريقة لا تبدو أن حلحلة
ركائزها أمر يسير وهنا تبرز مسألة أي هو المهم وأي هو الأهم الذي ينبغي
أتخاذهما من قبل الحكومة العراقية المؤقتة؟!
فعمليات الإرهاب من قبل عصابات العربان القادمين إلى العراق خلسة
والمتحدين مع فلول النظام الصدامي البائد لتنفيذ عمليات القتل العشوائي
هي من أولويات الأمور (بل وأهمها) التي ينبغي القضاء عليها إذ لا يعقل
أن تكون مدينة صغيرة مثل الفلوجة التي يروّج لانتشار هؤلاء الإرهابيين
فيها تبقى عصية على القوة العسكرية الحكومية العراقية فكيفما سيتقبل
أمر استمرار اعتصام الإرهابيين بهذه المدينة التي عانى مواطنوها غير
السياسيين الامرين جراء عدم حسم موقف عسكري خاطف ممكن أن يكون لغير
صالح أولئك الإرهابيين المرتزقة الذين يطلقوا على أنفسهم بلا أي حياء
اسم (المقاومة) إذ لو كانوا صادقين بهذه التسمية الخداعة لو كانوا قد
قاوموا نظام الظلم الصدامي لا أن يثأروا اليوم لاندحاره الذي تم
بـ(صفقة) كما لا يخفى ذلك على أحد من الرأي العام العراقي إذ يفضل أن
يتحد العراقيون لمقاومة هذه اللامقاومة كإجراء أول وأجدى وغير قابل
للتأجيل وتقديم المسؤولين عن عمليات الإرهاب المثار لهم لمحاكم عراقية
قانونية تؤسس لهذا الفرض الوطني النبيل.
إن البيان الذي ينتظر العراقيون سماعه بيان إنهاء العمليات
الإرهابية من كافة أنحاء البلاد. إذ أن عدم السيطرة على الموقف الأمني
حتى الآن من قبل الحكومة العراقية المؤقتة مازال يثير حفيظة المجتمع
العراقي قاطبة.
ولعل الإيمان والعمل السياسي لأجل تحقيق علاقات مصيرية بين القوى
السياسية التي كانت عن حق معارضة للنظام الصدامي البائد وتعزيز أي توجه
تضامني بين الجهات العراقية السياسية ونقله لما يتعزز بموجب الدستور
سواء الدستور المؤقت الحالي أو الدستور الدائم القادم للعراق حتماً
والاعتراف بالتعددية الحزبية والديمقراطية الحقيقية ونشر السلم في
العراق وجعله دولة قانون تنسق مع الأمم المتحدة من جهة والجامعة
العربية من جهة أخرى وتقيم العلاقات المتكافئة مع بقية دول العالم.
وأن بناء العراق من الداخل ينبغي أن يتجه لإعادة بناء النفوس التي
طالتها عمليات التخريب وبتواشج واحد مع تهيئة بنية البلاد عبر إنشاء
مؤسساته التحتية على أفضل طراز يمكن أن تعتمده بلاد غنية (كالعراق).
وكذلك فمما ينبغي الشروع به عبر حوار صريح مع الغربيين هو أن لا يتم
تواجد لأي نفوذ غربي في العراق وبالذات النفوذين البريطاني والأمريكي
اللذان ثبتا حتى الآن قصر نظرهما في عملية إعادة جلاوزة النظام البائد
إلى العديد من دوائر ومرافق الدولة العراقية متجاهلات مشاعر المجتمع
العراقي الغاضبة جراء اعتبار تلك الإعادة نذير بوقوع كارثة سياسية
مفتعلة كبرى في العراق ربما نفذت قريباً.
وقضية الاعمار وإعادة الاعمار في العراق سوف تعم فائدتهما لإنعاش
بلدان عديدة نظراً لما يملكه العراق من إمكانات ضخمة في المال والمواد
الخام والزراعة وهذا ما ينبغي أن يدفع بالجهات الرسمية العراقية لإبرام
الاتفاقات مع الغير من مواقع القوة وليس الضعف. مع الانتباه جيداً
لضرورة رفض أي ضغوط دولية بهذا المجال فبذاك يمكن أن يتخطى العراق
واقعه المربك والمرتبك حالياً ولعل بالاعتماد على الإرادات الوطنية
العراقية الحقيقية خير ما يمكن أن يفتح أبواب المستقبل الزاهر للعراق. |