كان الصمت وكانت الظلمة
راكدة الأحشاء
لا تنطق حتى عن الرغبات
ولا تميل للأحلام
فهي فارعة في وحدتها
أبدية لا تعرف طرق المكر
وتمشي ولا ظل حولها يروّح عنها
ملقاة على الملل الجاثي
كل شيء هناك يخطف للضوء
ويكبت الصوت
حتى الخيال غدا حريم الوقع
يضمحل من الوهلة الأولى
منذ ساعة الارتعاش
خامد كالجماد
لا يعرف الأفياء
ليجمد الغصن عن الرفيف
كي لا تحركه هشهشة الأوراق
لحظة الانتعاش
كان الصمت
يعذب الجليد بقسوة الجلد
ليلهث الدفء موجوعا
يذيب أفئدة الفجر
فيختنق المطلع عند كهف الليل المتناهي
هكذا يفرغ الروح كفراغ اللانهاية
من الصفر
ليدفعه خلف أرصفة البرد
باهت الأيام
كأنه أكذوبة الإحساس
عند رقص الأوهام
يسكن الحزن بمعسكره
فتمتلئ أماسيه بدموع الويل
كلما صرخت عينها بالبؤس
حملت من بعضها التحايا
وكأن روحها
خدرها نهم الرغبة
فوق عالم لا يفهم الأشواق
ولا يعرف معنى النجوى
وتكاد تعاقبنا على طريقة الغير
بمتراس آخر من الضيق
وتكاد تشعرنا أننا الهاربون
بعفن الحياة
يشاطرنا مع ضحالة الممر
ضحالة التفكير
لننسى ونجهل إننا نسينا
مرارة الإبحار على طريق الإياب
مازال الركود يغرق أمواجنا
وان غنى حولنا ألف مقتول
يوما ما ستتحرك النخيل
على خطى الآلام
وستضحك سنابل الأمل الآتي
وتحترق حولنا حشائش الشيطان
كما احترق البعث بدخان الأمس
فغدُ الصفحِ ِ سيمتطي الأمنيات
على شرارة الغبن
فمن يدري لعل أطفالنا تركل رتل الظلام
وتدرك الفتح على طريقة الأبطال
فهموا لا يعرفوا مخاطبة اليأس
وان غدرت شظايا النيران
يوما ما سيعود هناك على الفراتين
ضوء الابتسامات
يوما ما ستعود يا "عراق"
على رغم المسافات
هذه عيشة تقدسها نفسي
فهي دائمة الصلوات
وستعود عزما
فوق الجباه تقدسه الأباة |