الكلام عن العراق.. (ما.. له.. وما.. عليه) أضحى الشغل الإعلامي
الشاغل على المستوى الإقليمي والدولي إضافة للعامل الداخلي في البلاد
حيث يتم وبصورة دائمة تداول ما يعتريه من مشاكل الإرث السياسي الثقيل
الذي ورثته الحكومة العراقية المؤقتة التي قطعت شوطاً لا بأس به على
طريق الإصلاح الداخلي ولن يكون سر إذا ما قيل أن هذه الحكومة تعمل على
تهيئة أفضل السبل ضمن تهيئاتها الدرامتيكية لحل مشاكل العراقيين ووضع
أولى خطوات الحل على درب طويل لا بد وأن يبدأ بخطوة واحدة.
فعلى صعيد الشخصيات السياسية العراقية المتضررة معنوياً جراء بعض
الاحتدامات بالرأي كما حدث علناً مع (الدكتور أحمد الجلبي) الذي اختلف
مع الطرف الأمريكي المحتل للعراق وصنوه الطرف الآخر بريطانيا وتنقل
الأخبار أن قوى الاحتلال الأنكلو – أمريكي قد اعتبرت الخلافات مع
الدكتور الجلبي في حكم التاريخ الماضي وأن ممهدات تتم ليعلن عن اسمه
ضمن قائمة المرشحين لرئاسة البلد وهذا شيء حسن أن تطوى صفحة خلاف مع
الجلبي لم يكن لها أي مبرر عقلاني لم يكن هو طرف فيه بل أن ردة فعله
على بعض الظواهر السلبية التي استجدت في العراق بعد سقوط النظام البائد
ورغبته بمعالجتها من خلال وجهة نظره كانت السبب لشعل فتيل الخلاف الذي
لم تتوضح كل خطوطه حتى الآن.
كما سادت بعض المناطق المشبوهة التي كان بيد النظام السابق وفيها
أثر سلبي مثل مدينة (تكريت) على الوضع العراقي الجديد حيث تتم فيها
تحسين مجمل أوضاعها ضمن فتح صفحة جديدة من حياة كل العراقيين.
وبصدد الأقليات العراقية فإنها بدأت تؤسس لمرافق تنشط من خلالها
وجود هويتها كالجمعيات والنوادي وغيرها وتتجه النية لانتزاع احتراف
الحكومة العراقية بها عبر منحها إجازات عمل ونشاط. وعلى صعيد إدارة
البلاد فهناك أخبار متداولة عن إجراء مباحثات بين الحكومة العراقية
المؤقتة ورموز مما يسمى بـ(المقاومة) في كل من مدينة (الفلوجة) ومدينة
(سامراء) الغالب على سكانها مواطنون سنة هم على أية حال إخوة تاريخيين
للشيعة وإن هؤلاء المواطنون أناس ليس طرفاً في الصراع الدائر بين
الحكومة والإرهابيين المسمون أنفسهم بـ(المقاومة) وأن الأخذ بمصلحة
هؤلاء المواطنون هي اليوم تحت أنظار الحكومة المؤقتة لذا فإنها تتفاوض
الآن مع ممثلون من مقاومة اللامقاومة من أجل انتزاع أسلحتهم وثم النظر
بمدى الإمكانية لاختيار العدد الصالح كي ينضموا إلى العملية السياسية
الجارية في العراق ولذا فإن ما يشاع عن وعد أمريكي – بريطاني بمنح
محافظة الأنبار – الرمادي حكمها شبه مركزي في إطار الدولة العراقية هو
كلام غير صحيح.
وعلى ذكر عناصر المقاومة اللامقاومة التي يبدو أن لهم غايات تخريبية
للمجتمع العراقي تم الإعلان منذ فترة عن ممولين للعمليات الإرهابية في
العراق من داخل دول الاتحاد الأوروبي مهمتهم استهداف خطف النساء
والأطفال من العراق وتهريبهم إلى الخارج وسوقهم كـ(عبيد) جدد يباعون في
سوق النخاسة.
ويشهد العراق الآن إعادة لفتح ملفات العقود مع الدول التي ساندت حرب
الإطاحة بالنظام السابق لتحصل على إبرام العقود لمشاريع إعادة اعمار
العراق. وبقت تقول التقارير الرسمية إلى أن قطاع النفط العراقي أخذ
ينشط من حيث كمية الإنتاج فقد أعزي ذلك بسبب السماح بالاستثمار الأجنبي
في البلاد.
وهذه الأيام التي يشهد فيها العراقيون البالغين افتتاح الموسم
الدراسي الجديد فإن قطاعات مثل الصحة والتعليم يسيران باتجاه واحد
لضمان حياة طلابية ودراسية طبيعية في العراق بعد إجراء السيطرة على
الثغرات التي كانت سائدة في السنة الدراسية السابقة ومعلوم أن أكثر من
(1) مليون تلميذ عراقي قد تسربوا من المدارس السنة الفائتة بحسب ما
كشفه تربويون عراقيون عن حقائق مفزعة بهذا المجال وهؤلاء الطلبة تتراوح
أعمارهم ما بين (6) إلى 19) سنة أغلبهم ق تحولوا إلى العيش في الشوارع
ولهذا فقد اهتمت الجهات الحكومية بهذه القضية وشرعت بافتتاح وإنشاء دور
للأيتام بغية الحد من أبعاد هذه المشكلة الخطيرة الأبعاد.
ومشاكل العراق الأخرى أخذت بوادر حكومية ورسمية تظهر لوضع الحلول
لها مثل حل مشكلة العمل إذ أن مجرد البدء بعمل المشاريع لإعادة البناء
في العراق الجديد فإن طوابير العاطلين عن العمل ستختفي حتماً كما أن
مشهد المواطنات العراقيات الأرامل اللائي أتخذن من البيع على أرصفة
بغداد مهن لهن أخذت بالانحسار وموضوع تعديل رواتب المتقاعدين وزيادة
رواتب الموظفين الذين مازلوا في الخدمة هي في طور التحسن لصالح أولئك
من ذوي الدخل المحدود.
ورغم أن عمليات اختطاف الأجانب كـ(رهائن) قد استفحلت خلال الأونة
الأخيرة وانفضحت غاياتها من أجل الكسب المادي البحت فيمكن الإعراب أن
تلك العمليات هي نوع من المسرحيات الفردية والجماعية التي تقودها
عصابات صغيرة وأن حاول شخوصها البروز بمظهر سياسي لـ(خلق مبررات)
ولكنها مبررات فاشلة لم يعد أحد يُصدق أنها تحدث على خلفيات سياسية،
وهذا تطور في الوعي الاجتماعي العراقي الذي لم يعد أحد باستطاعته
التلاعب بدرجة وعيه.
إن العراق كما تبدو الصورة الأولية الآن – سيبزغ غده المشرق بعد ما
تعرض له وما زال يتعرض له أحداث دامية يقوم بها إرهابيون يعملون بوحي
من أعداء العراق في الداخل والخارج. |