قد يظن من يشاهد هذه الصورة إنها لأحد تماثيل الطاغية المخلوع صدام،
ولكن هذا ليس بالشيء العجيب فصدام له أكثر من ألف تمثال نصب في مختلف
مدن العراق، وخصوصا العاصمة بغداد، والتي أزالها الشعب وحطمها منذ سقوط
أول صنم على يد القوات الأمريكية ساعة دخولها ساحة الفردوس، ولكن لو
لاحظنا تاريخ التقاط هذه الصورة نجدها إنها التقطت بتاريخ 15\10 \ 2004
وهو الشيء الغريب في الأمر فحتى المدن كانت تعتبر احد المعاقل الرئيسية
لصدام أزالت كل ما يرمز إليه، فكيف لذا كان هذا التمثال ما يزال قائما
حتى الساعة في قلب مدينة بغداد مقابل جسر الأحرار....!!؟
في بداية الأمر صعقت عندما رأيت التمثال فطلبت من صاحب السيارة
الأجرة التوقف بصورة مفاجأة مما أربكه وقبل أن يسألني عن سبب طلبي
الوقوف بهذه السرعة المفاجأة بادرته بالسؤال ولكن بشكل لا يخفي امتعاضي
عن سبب بقاء هذا التمثال هنا لحد ألان كأنني أصبحت محافظ بغداد وهو احد
المهندسين الحكوميين، فابتسم قائلا وبشيء من البرود بعد أن فسر تصرفي
وامتعاضي وسؤالي ألا مسوؤل الذي وجهته إليه: ( هذا تمثال المرحوم عدنان
خير الله، ابن خال الطاغية، ووزير دفاعه، وقد قتل بسيناريو خبيث اشرف
عليه صدام ونفذته أجهزة مخابراته الملعونة).
فبادرته أيضا بسؤال آخر ،ولكن لماذا لم يزيلوا تمثاله إلى ألان،
حسين كامل كذلك كان وزيرا لدفاعه وأعدمه صدام فهل يعني أن نقيم له
تمثالا هو أيضا..؟
فأجابني : ( يا أخي الفرق شاسع بين الأول والثاني، فالأول اعدم بسبب
تعاطفه مع الشعب العراقي ولم تتلطخ يديه بدماء احد من العراقيين، بل أن
آخر ما فعله وكان السبب الرئيسي لاغتياله انه أعلن عن عفوا للهاربين
والمتخلفين من الخدمة العسكرية الأمر الذي اغضب صدام وأمر بإلقاء القبض
وإعدام كل من يسلم نفسه، وهناك الكثير من الذكريات الطيبة التي خلفها
عدنان في ذاكرة الشعب العراقي ، أم الثاني لعنه الله فقد كان مجرما
بمعنى الكلمة، ولم يضع حرمة لأي شيء يواجهه، فتاريخه الأسود معروف في
قمعه لانتفاضة شعبان، وكذلك تجاوزه على حرمه الروضتين الحسينية
والعباسية حين أمر بقصفيهما، فلا يوجد أي وجه للشبه بين الشخصين وان
كان على مقربة من صدام أو وزيرين لدفاعه، وسبحان الخالق يخرج الطيب من
الخبيث، والخبيث من الطيب، وعندما أرادت القوات الأمريكية هدم التمثال
احتشد أهالي المنطقة المحيطة به معترضين على هدمه بالرغم من كون اغلبهم
من الشيعة وفاء منهم لذكرى صاحب التمثال لما أبداه من تعاطف معهم).
التزمت الصمت لبرهه، فقد أفحمني صاحب السيارة الأجرة بما قال فقررت
أن التقط هذه الصور للذكرى، لان العراق لا يدوم به شيء لمدة طويلة. |