ضرب بيده على طاولة المكتب ضربةً لم أكن آخر من فزع لها إذ قطعت
حالة الصمت الرهيب المخيم على تلك الغرفة ، التفتّ له وسألته عن سر
ضربته هذه ، فتنهد كالآسف على مايرى دون أن يعيرني كثير اهتمام ، وراح
يكمل سباحته في بحر لا حدود له كهيئة المستاء ، فحاولت أن أتقمص دوراً
لطالما أحببته ، رميت ببصري على شاشة جهازه لأرى الخبر فلم أرى مايثير
الاهتمام أصلاً، فضلاً عما يسبب ضربة كهذه على الطاولة.
عاد الصمت ليجثو على صدر الغرفة فلاتسمع إلا نقراً كنقر العصافير ،
وعدت إلى فضائي الخاص أًطالع هذا الموقع وذاك ، من صحيفة إلى منتدى ،
فلان استقبل وفلان ودع ، فلان عاشق وفلان ناقم ، أحاديث ملتها العين
وهي تتكرر كل يوم بشكل لا يكسر قبح الصورة ، بل ينمي حالة الجمود
والتكرار الكريه ، لاجديد ولامميز ، فالحروف نفسها والأقلام تتقيأ من
محبرة واحدة والقارىء يشرب من نفس الفنجان ، حالة من التبلد في كل شيء.
عاد لثورته مرة أخرى لكنه تمالك نفسه ليُبدِل الضربة بكلمة لاحول
ولا قوة إلا بالله ،، أفرطت في استنطاقه لأعرف سر حالة ما عهدته عليها
كثيراً ، قال لي : سمعت بالانترنت 2 ؟ غالبني الخجل فلم أرى
غيرعبارة((وش فيها)) مخلصاً ، فرد وقد تنفس بعمق ليملأ صدره بهواء تلك
الغرفة: أتعرف أن أول موقع الكتروني سيظهر في نتائج بحث ((جوجل)) عن
هذا الأمر هو موقع اسرائيلي ؟!! فأجبت بالنفي ، فأردف :وهذا أمر اعتدت
عليه ، فما بحثت في موضوع يختص باحدث التقنيات في عالم الكمبيوتر
والصناعة إلا وجدت المواقع الاسرائيلية حاضرة وبقوة . هو ذا سبب
انزعاجي وتبرمي الذي ترجمته بكلمة لاحول ولاقوة إلا بالله .
عذرته وقد فهمت انزعاجه من مدى مايوليه أولئك من اهتمام بالتقنية
والعلوم الحديثة بشكل يفوق اهتمام أمة الإسلام عشرات المرات ، ثم سألته
: إن كان هذا سبب تبرمك هذا فما سر تلك الضربة على الطاولة ؟ فأجاب :
تلك من هذه ، إسرائيل تهتم بالعلوم والتقنية بهذا الشكل ، وهنا تُغلق
المواقع الدينية والثقافية والعلمية ولاترى أينما ذهبت إلا عبارة
((التصفح غير مسموح)) ،ألا يشيب الرأس من هذا ياصاح.
لم أُطق جواباً لما قال وحارت الحروف في فمي فكل ماقاله يوجع القلب
، قابلته بابتسامة لم تخفي كثير الألم وخاطبته : هوّن عليك ياصاحبي ،
فأولئك لهم همّ الوصول ويعلمون أن العمل طريق الوصول ، ونحن لنا همّ
الوصول أيضاً لكننا لم نعي بعد أن ((وأن ليس للإنسان إلا ماسعى)) . |