حسب التطورات الأخيرة لا يُرى في الوضع الأفغاني ولا في الوضع
العراقي أي انتصار للولايات المتحدة بل مأزقاً حرجاً لا ينذر بالخير.
فالسيطرة للنظامين اللذين خلقتهما الولايات المتحدة قائمة بالحديد
والنار، ففي أفغانستان تكاد سيطرة حكومة لا تتعدى العاصمة كابل، وهي
محمية بألوف الجنود الأمريكيين، ولا تستطيع الوصول إلى مناطق شاسعة من
البلاد التي مازالت خاضعة مباشرة أو بشكل غير مباشر لسيطرة جماعات
معادية للنظام.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأفغانية التاريخية الأسبوع
القادم، يبدو أن الناخبين ليسوا هم وحدهم من يشعرون بالخوف من المسلحين
التابعين لزعيم الحرب عبد الرشيد دوستم، بل وكذلك قائد الشرطة المحلية،
وقال الجنرال محمد أكرم خاكر يسوال قائد شرطة إقليم بلخ الشمالي والذي
ينحدر من البشتون (لقد تم إبلاغ الناس لمن يصوتون من المرشحين. هذه
حقيقة).
لكن عند سؤال المسؤول العسكري حول هوية المرشحين وزعماء الحرب
المحليين الذين يخيفون الناخبين قبل الانتخابات المقرر إجراؤها في 9
تشرين الأول/ أكتوبر الجاري ضحك الجنرال أكرم وتجنب الإجابة على السؤال
وقال (إن الشرطة تخاف كذلك من البوح بكل شيء، لأننا لا نمتلك القوة
الكافية).
والزعيمان الجنرال محمد عطا محافظ مقاطعة بلخ، والجنرال عبد الرشيد
دستم الذي يسيطر على مدينة شيبرغان في إقليم جوزجان المجاور والذي
يواجه الرئيس حامد كرازي في الانتخابات المقبلة، ويكره كل من الجنرالين
بعضهما وقد شارفا على أن يصطدما عدة مرات العام الماضي.
وما يزال الطرفان يتزعمان ميليشيات قوية في البلد المقسم على أسس
عرقية، وذلك رغم البدايات الضعيفة لبرنامج نزع الأسلحة الذي تدعمه
الأمم المتحدة..
وتشير جماعات حقوقية إلى أن كلا من عطا ودستم يستخدمان مليشياتهم
لإرهاب الناخبين ويأمرون زعماء القبائل بالإيعاز لأبناء القبائل
بالتصويت لمرشح معين.
وذكر تقرير أصدرته هذا الأسبوع منظمة (هيومن رايتس واتش) أن قوات
الشرطة والجيش والاستخبارات في مزار الشريف والمقاطعات الشمالية
المجاورة خاضعة لسيطرة الفصائل المتحالفة مع دستم أو عطا أو الجنرال
محمد محقق من قبيلة الهزارة، وأضاف التقرير أن القادة المتحالفين مع
زعماء الحرب الثلاث قاموا (بالفعل بتهديد القيادات المحلية للتصويت كما
يأمرون هم).
ومن المتوقع أن يصوت سكان تلك المنطقة، وغالبيتهم العظمى من الأميين
كما يأمرون به لأنه ليست لديهم أدنى فكرة عن معنى الاقتراع السري كما
لم تقدم لهم أي ضمانة بأن عملية الاقتراع ستكون سرية، غير أن الجنرال
أكرم قال أنه يعتقد أن القرويين يعلنون علناً دعمهم لمرشح معين ثم
سيصوتون كما يحلو لهم. وأضاف أن الناس يريدون انتخابات حرة ونزيهة،
وإذا شعروا أن جو التصويت سيوفر لهم الأمان، فإنه سيصوتون كما يريدون).
ولا يخفى الوضع في العراق، حيث الحدود المفتوحة والدول المجاورة
للعراق تكاد تلتقي على رغبة دفينة أو معلنة واحدة وهي ديمومة العنف
واللااستقرار في العراق مما يخلق معضلة كبيرة للأمريكان وخلق الأعداء
والنظر إليهم كغاصبين ومحتلين.
ويوفر مناخ العداء المتصاعد البيئة الأفضل لجماعات الإرهاب والتطرف
كي تنمو وتجند مئات وألوف العناصر الغاضبة الجديدة. |