إن التلكؤ الذي يبديه أصحاب الأمر والنهي في مسألة السجناء
والسجينات القابعون في المعتقلات داخل العراق والتي تشرف عليها قيادة
قوى الاحتلال المتحالفة الأنكلو – أمريكية أضحت تعكس استياءً لدى
مواطنين البلاد.
وأنها لدعوة وطنية قبل أن تكون دعوة إنسانية كي تنتبه الحكومة
العراقية المؤقتة من ضرورة أن (الصمت) الذي تبديه حيال مصير هؤلاء
السجناء ما ينعكس سلباً على سمعتها بعد أن استفاد مفبركوا الكلام أن
أغلب السجناء الرازحون تحت نير وألاعيب السجانين هم مواطنون أبرياء على
أكثر احتمال مع أن الحقيقة التي لا يمكن إخفاءها أن غالبية السجناء
المنوه عنهم هم من المدانون عن أعمال قتل أو تخريب أو تفجير قاموا بها
وهذا ما يجعل الخيار ليس صعباً أمام الحكومة العراقية المؤقتة أن تفعل
شيء ما لصالح (تطبيق العدل) عليهم على الأقل من أجل إطلاق سراح من
اشتبه باعتقاله وهو من الأبرياء وإلا فماذا تنتظر الحكومة المؤقتة
خصوصاً وأن هناك سجينات نساء عراقيات يثير استمرار اعتقالهن أحقاداً
اجتماعية هائلة لا يمكن لأحد أن يوقف عمليات عنفها إذا ما استغلت هذه
المناسبة من وقت قد تتم التهيئة له.
وبعض الأخبار الواردة على لسان مواطنين عراقيين حياديين تؤكد بأن
هناك حالات من الاعتقال الاعتباطي وخصوصاً بالنسبة للنساء وبعض الصحف
مثل جريدة (الرأي الآخر) نشرت على مسؤوليتها خبراً يوم 26 حزيران
الماضي 2004م أفادت فيه بـ(أن عدد من السجينات انتحرت بعد الاعتداء
عليهن) فقد أكدت الباحثة الاجتماعية في دائرة إصلاح الأحداث التابعة
لوزارة العدل العراقية (رافدة شلال الجبوري) بـ(أن جنود الاحتلال كانوا
يمارسون أبشع جرائم الاغتصاب والاعتداء على السجينات العراقيات في سجن
أبو غريب أو سجون الاحتلال الأخرى) وأضافت الباحثة: أن جنود الاحتلال
كانوا يقومون يومياً في سجن التسفيرات بالدخول إلى معتقلات النساء ليلاً
ويقومون بالاعتداء على السجينات وكانت أصوات السجينات ترتفع بالاستغاثة
والنجدة.. أما في سجن أبو غريب فتوجد الكثيرات من السجينات العراقيات
اللواتي لم يتم الإعلان عن أسمائهن..).
هذا في حين بثت القناة الأولى في التلفزيون الألماني تقريراً سياسياً
أن القوات الأمريكية عذبت معتقلين عراقيين قاصرين في سجن أبو غريب
وبحسب هذا الخبر الذي نشرته (الاتجاه الآخر) يوم 10 تموز 2004م الماضي
بأن المشرفة العسكرية الأمريكية السابقة على سجن أبو غريب (جينيس
كاربينسكي) كشفت النقاب عن مشاركة محققين إسرائيليين في استجواب
المعتقلين العراقيين وهذا ما وضع الإدارتين البريطانية والأمريكية (لما
يفترض ذلك) في موقف دولي حرج ولكن أي من الإدارتين لم تحاول حتى الدفاع
عن نفسها ونفي على الأقل تهمة قيامهما بغزو العراق خدمة لمصالح إسرائيل.
إن الممارسات في سجن أبو غريب التي ما تزال قضيتها مستعرة أمام
الرأي العام العالمي بما فيه الشطر الغربي والبعيدة حتى أن أعراف أتعس
السجانين في العالم لحري بالحكومة العراقية المؤقتة كي تطالب لتكون
مشاركاً فعلياً في إدارة (سجن أبو غريب) وغيره من السجون بعد أن ثبت أن
هناك من المواطنين الأبرياء والمواطنات البريئات في سجون العراق من
يستحقون للاهتمام السريع والحاسم لقضية كل منهم وبالتالي إطلاق سراحهم
وفقاً للقانون حيث لا يجوز أن يودع أي من المواطنين إلى السجون قبل
معرفة التهمة ضده وخصوصاً بالنسبة للمعتقلات النساء فالسجناء داخل
زنزاناتهم لا يملكون ناصية حق الكلام حتى إذا ما تكلموا أو صرخوا فإن
السجانين لا يعيروا أذن صاغية لأحد وأن قضية السجناء في العراق إذا ما
استمرت على حال فلتانها فلا بد أن تكون أحد أهم أسباب انهيار كل شيء في
البلاد. |