يسعى الباحث الاردني نبال خماش في كتابه "امبراطورية الاكاذيب...مصطلحات
الخداع الامريكي بعد احداث 11 ايلول" الى قراءة الفكر الاستراتيجي
السياسي الامريكي الجديد من خلال مصطلحات الخطاب الامريكي في اعقاب هذه
الاحداث فيرى ان هذا الخطاب سادته تعابير عسكرية تخدم اهدافا حربية.
ومما استخلصه خماش ان الولايات المتحدة بعد الهجمات التي شنها
اسلاميون متطرفون على مواقع بارزة فيها يوم11 سبتمبر أيلول 2001 تحولت
تدريجيا من دولة علمانية الى دولة دينية كنسية بفعل دين جديد يمكن
تسميته باسم "المسيحية الجديدة" وانه لا يقبل ما يخالف ارادته.
كتاب خماش الذي جاء في 234 صفحة كبيرة القطع صدر عن المؤسسة العربية
للدراسات والنشر.
وقال الباحث ان كتابه الذي جاء بعد جهد سنتين ونصف السنة "من الرصد
والمتابعة من مختلف المصادر الصحافية والاعلامية لكل ما يصدر عن
الادارة الامريكية ومراكز البحث والتفكير التابعة لها ونتيجة هذا الرصد
تراكم لدي 67 مصطلحا رتبتها بشكل أبجدي وعرفت بكل مصطلح من خلال الظرف
التاريخي الذي برز من خلاله والجهة التي عملت على بلورته واطلاقه
بالشكل الذي انتهى اليه."
استهل خماش كتابه بالقول ان احد الاخفاقات الثقافية الكبيرة التي
اصابت العرب والمسلمين بعد تفجيرات سبتمبر ايلول تلك "اننا قبلنا...
الشعارات والمصطلحات التي صدرت عن الادارة الامريكية برئاسة جورج دبليو
بوش وقمنا بترديد هذه الشعارات والتعابير دون نقاش او تدقيق واحيانا من
دون وعي لمضامين هذه التعابير والظرف التاريخي الذي انبثقت من خلاله
...وانشغلنا... بمتابعة التمدد الامريكي في العالم مكتفين بالتحليلات
والتعليقات التي تتناول هذا التمدد."
وقال ان هذا الخطاب الامريكي "جاء في جله خطابا يمينيا صادرا عن
مجموعة سيطرت وطغت على الخطاب الرسمي للولايات المتحدة وعرفت باسم
المحافظون الجدد وهي تمثل في حقيقتها تيارا ايديولوجيا تاريخيا ذا نزعة
دينية أصولية."
الملاحظة الاولى التي سجلها خماش هي ان "مفردات هذا الخطاب في
اغلبها هي تعابير عسكرية تخدم اهدافا وخططا حربية وتشرح استراتيجيات
قتالية حاضرة ومستقبلية...ويعكس هذا الحضور والمساحة الاكبر للغة
العسكرية حالة تحول خطيرة شهدها الخطاب الامريكي عموما لصالح فكرة
الايمان المطلق بالقوة العسكرية والاستغلال التاريخي النادر لهذه
المرحلة والتعامل معها كما لو انه تم العثور على كنز. والمؤشر الاهم في
هذا الاستغلال هو التحول الكبير والمعلن في الاستراتيجية الامريكية من
سياسة الردع الى سياسة الاستباق ومن سياسة الاحتواء الى سياسة التغيير
بالقوة."
ورأى خماش ان التحول الكبير والواضح لصالح "عسكرة السياسة الخارجية"
وتغليب الفكر الحربي على الفكر السياسي جاء نتيجة انتصار فكر "المحافظين
الجدد".
اضاف خماش انه في سياق الكلام عن الحملة الثقافية التي يقودها
التيار المحافظ برزت ملاحظتان "الاولى هي ان مجمل الشعارات والمصطلحات
التي عنيت بالترويض الثقافي والاحتواء الحضاري جاءت عمليا تحت شعار
كبير واساسي هو شعار حرب الافكار وهي تسمية لها دلالة واضحة." أما
الملاحظة الثانية "فهي ان الولايات المتحدة تحولت وبشكل تدريجي بفضل
تأثير هذا التيار ونفوذه من دولة علمانية الى دولة دينية كنسية تسيطر
عليها افكار ومفاهيم هي عمليا نتاج تحالفات دينية سياسية بين الافكار
الديمقراطية الامريكية وعدد من الافكار المسيحية واليهودية. ونتيجة هذه
التوليفة اعلنت هذه المجموعة بشكل غير رسمي ولادة دين جديد هو (المسيحية
الجديدة) الذي يرفض التطور بما يخالف ارادته."
المصطلحات التي اوردها الباحث مترجمة الى العربية قابلها في الكتاب
اصلها الانجليزي وجرى البحث بشكل مفصل في كل منها في دراسات تناولت
نواحي مختلفة تاريخيا وسياسيا وعسكريا وفكريا. ومن ابرز هذه المصطلحات
"الة الاكاذيب. اختفاء اعداء الديمقراطية. أفعى الجبل. الاهداف الثمينة.
بغداد اكسبرس. أوروبا القديمة (العجوز). بناء تحالف للقيم المشتركة.
تحالف الراغبين. حرب الافكار. تنظيف الجبل. تكتيك الخداع. منبت الخطر.
نظرية الدومينو الجديدة. الدول المنهارة..." وغيرها من المصطلحات التي
شكل مجموع ما ورد عن كل منها مادة هذا الكتاب الموثق بشكل جيد.
المصدر: رويترز |