من يحاول ( صادقا ) معرفة ورصد التوجهات الحقيقية للمواطن العراقي ورصد
بوصلة الشارع العراقي فلا يكلف نفسه عناء الانتخابات التي غابت وغيبت
وحلت مكانها مشاريع الكواليس والتي لازالت تحكم على طريقتها الخاصة جدا..
ولسنا بحاجة لتعقيد المعقّد اصلا وتصعيب الصعب فهنالك بديل ناجح مناسب
يمثل فسيفساء العراق وتوجهات الشارع العراقي وهموم المواطن بعيدا عن
الدبلوماسية والمحاصصات الطائفية، انها مراكب الكيّات ـ kia ـ (وهي
سيارة ركاب كورية الصنع تسع لاحد عشر راكبا شاعت اخيرا في العراق) فهي
قادرة على ان تطلعك صباح كل يوم عن آخر تفاصيل الانباء سواء ما يذاع
منها في وسائل الاعلام او مايتناقله الناس، اذ انها تجمع الفسيفساء
العراقي من عامة الناس وكلهم في مقاعد الكيات سواسية، من المعلم وحملة
الشهادات الى باعة الخضرة الذين يرتصفون الشوارع من اجل لقمة العيش،
نعم انها التجمعات العفوية التي لا تمثل حزبا خاص او تيارا بعينه، فهي
ترشح بدون قوائم معدة سلفا وتعبر عن آرائها وما يدور في خلواتها بعيدا
عن التكلف وبدون تنسيق مع المبعوث الخاص للامم المتحدة.
ليست تلك (بكل تأكيد) فنطازيا سياسية او كلمات ساخرة بقدر ما هي وسيلة
مناسبة لرصد مايدور في الشارع العراقي واحدى الخيارات السهلة لمعرفة
هواجس وتطلعات الاغلبية الصامتة في الوسط العراقي، انها
(ولا اعني سوى الكيات) من يعبر عن صوت الاغلبية.. وهموم المواطن
العراقي البسيط الذي لم يتعود الكلام امام الكاميرات، فتراه امام
الكاميرا متلعثما في كلامه تبعثر عليه حساباته جميع الاوراق فهو (
وابيك ) لازال يلاحقه هاجس الخوف من الحكومات.
ان سيارة الكيّا تارة افضل ركوبها (عبثا) مرة او مرتين كي تسعفني في
معرفة مايدور في الوسط العراقي عن طريق تلك الندوات المصغرة المتنقلة
انها برلمان يعكس الواقع العراقي نعم يضعه امامك بكل وضوح، فهناك من
يحاول امتلاك زمام المبادرة ويسيطر على الحديث في الكيا وهناك من يحاول
ملاسنته في ظل وجود اطراف محايدة واخرى تتدخل بين وقت واخر وهكذا
دواليك دواليك، هي عادة لا يسدل الستار عليها ببيانات ختامية ولا تطالب
اصلا بتقديم الحلول، وغالبا ما تصل الى نهاية المسير وينزل جميع الركاب
وليس ثمة حلول ولايطالبها احد بتقديم الحلول لكنها مطالبة باعطاء
المراقب عينات للاغلبية الصامتة ومطالباتها المشروعة، وهي كفيلة بتلك
المهمة فتقدم لك رأي الشارع العراقي بكل امانة وعلى طبق من ذهب، وكما
تكون البرلمانات في بعض البلدان المتقدمة مآلها الى التشابك بأيادي
مفتوحة فان الكيات ليست بعيدة عن ذلك، حيث انها تحفل بين فترة واخرى
تشابكا من هذا النوع.
ان المراقب يهمه الى حدّ كبير ان يكون على معرفة حقيقية بتوجهات بوصلة
الشارع العراقي وطالما لا يتوفر في جعبته ارقام واحصاءات واستفتاءات
وبالطبع فلا انتخابات لاسباب ومسببات اكثر من ان تحصى، لذلك فإن الكيات
قد تشكل بديلا مناسبا للكتاب والمثقفين والنخبة بشكل عام استثني منهم
الساسة فانهم دائما يتعمدون قلب الموازين الى صالحهم، فتعودوا على
الدبلوماسية ونكران الاخر.
اذن فهذه دعوة عامة لركوب الكيات فانها اولا ترصد هموم المواطن وكذلك
توفر علينا بضعة دينارات فتشكل ورقة ضغط قوية جدا لاصحاب التكسيات
وخصوصا المنفيس (وهي تعني المركبات الحديثة التي استوردت بعد سقوط
التمثال)، ويا سواق الكيات الف عافية.
كاتب عراقي
mosawi_gamal@hotmail.com |